كتب المحرر السياسي:
من واشنطن إلى الرياض ثم القاهرة مروراً بموسكو وباريس وبروكسل ولندن توالت الإدانات الدولية لجمهورية إيران بسبب تدخلها في شؤون البحرين ودعمها لجماعات وأفراد لتنفيذ عمليات إرهابية في البحرين.
أمس، اتجهت الأنظار للعاصمة القطرية الدوحة التي شهدت اجتماعاً ثلاثياً غير مسبوق بين وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف والسعودية عادل الجبير، تلاه ذروة الاجتماعات حيث التقى كيري مع نظرائه الخليجيين، حيث تصدرت أجندة الاجتماع بصفة خاصة التصريحات الصادرة مؤخراً من بعض المسؤولين الإيرانيين، ودعم إيران للإرهاب وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في البحرين، وأعاد الوزراء التأكيد على رفضهم لدعم إيران للإرهاب وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وتحديداً في البحرين.
ولا شك أن موجة الإدانات الدولية ضد التدخلات الإيرانية، إنما نجد تفسيرها فيما استشعرته القوى الإقليمية العالمية من خطورة النظام الثيوقراطي المتشدد في إيران على أمن واستقرار المنطقة، وإن نظام ولي الفقيه وباعتباره عامل عدم استقرار في الشرق الأوسط يمارس انتهاكات حتى خارج حدوده، وأن محاولة خلخلة استقرار المنطقة عن طريق تدخلها السلبي على أمن وسلام دول المنطقة والإسهام المباشر في تمويل الإرهاب، سيرتد بشكل مباشر على أمن الشرق الأوسط، ما لم يتم تداركه واستئصاله، وأن التدخلات ستضر إيران أيضاً في المستقبل، فالتاريخ مليء بالتجارب والعبر.
والمثال على ذلك واضح، فتدخلات إيران في الشأن السوري وتمويلها لميليشيات حزب الله هو ما أجج الصراع الطائفي، ليس في سوريا وحدها، بل في المنطقة بأكملها، وأن صمت المجتمع الدولي عن هذا التدخل السافر والمستمر لإيران وميليشيا حزب الله الإرهابي في سوريا هو من ضاعف فاتورة الحل، وساهم في إنتاج تنظيم «داعش».
غير أن ثمة سبباً جوهرياً آخر وراء «بيان الدوحة» القوي وهو استشعار القوى العظمى الإقليمية أن إيران تحاول في الوقت الراهن وعلى إثر هزيمة ذراعها الحوثي في اليمن نقل المعركة من اليمن إلى البحرين، متوهمة بذلك أن البحرين الحلقة الضعيفة، وخلق المزيد من بؤر التأزيم في المنطقة.
ويرى مراقبون أن الموقف القوي لدول «التعاون» ضد التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين يعني مؤشراً واضحاً، وهو أن السياسة الإيرانية والقائمة على عقيدة توسعية، ولديها مبدأ قامت عليه وهو تصدير الثورة وهو ما يحدث حالياً حيث تحتل العراق وسورية وصنعاء وتتحكم في لبنان، لا تنسحب على الخرائط الحدودية والوجودية لدول مجلس التعاون وبالأخص البحرين، لأنها قد تكون مدخلاً لعواصف كبيرة، أكبر من عاصفة الحزم.
واعتبر الكاتب يوسف الحمدان أن موقف وزراء خارجية دول التعاون مع نظيرهم الأمريكي في اجتماع الدوحة، يأتي بوصفه منعطفاً حقيقياً لحسم أمر العلاقات الخارجية مع إيران التي طال أمدها وكانت النتائج المتوخاة منها رجراجة وضبابية تنتصر فيها في غالب الأحيان مصالح العلاقات غير الواضحة بين إيران والدول الكبرى ممثلة في أمريكا وروسيا، وخاصة في ظل ارتباك التواشج السياسي الخليجي الذي أرجا لفترة ليست بالقصيرة موقف دول مجلس التعاون الخليجي حكومات وشعوباً.
وتطرق الحمدان إلى السياسة الإيرانية التي وصفها بـ«الصفوية»، وقال، إن موقف دول المجلس وفي ظل التحالف العربي بقيادة الشقيقة السعودية يضع النقاط على الحروف كون المجلس قد اتسعت مساحات رؤيته لمستقبل الأوطان في الخليج وفي الوطن العربي بشكل عام وأدرك أنه فعلاً مستهدف من نواحٍ عدة ومنها الناحية الأمنية بشكل أساسي، وجاء اجتماع الدوحة ليفتح الخلايا المغلقة في أذهان أصحاب المصالح الكبرى في الخليج العربي وأثبت أن الخليج اليوم أصبح قوة عظمى لا تقل مكانتها وأهميتها عن أي دولة ملكت أقطاب العالم لفترة ليست بقصيرة، وأن إيران أصبحت مآربها الكيدية البائسة ضئيلة وضحلة ومتخبطة أمام الأسد الخليجي القادم في وجه العنفوان الصفوي المزعوم.
من جانبه، قال النائب في البرلمان جمال بو حسن، إن اجتماع الدوحة أفرز موقفاً خليجياً - دولياً موحداً وقوياً ضد دعم إيران للإرهاب في البحرين وقال، واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة معاً باستقلالية وعروبة البحرين، وبات العالم يدرك أكثر من قبل أن التدخل الإيراني السافر والمرفوض في الشؤون الداخلية للبحرين يؤكد أن النظام في طهران الذي رسم سيناريوهات مختلفة للتدخل في شؤون المنطقة لم يعد قادراً في التحول من إيران الثورة إلى إيران الدولة، والتخلي عن مشاريعه الرجعية والتوسعية وأنه ماضٍ في تنفيذ أجندته التوسعية القائمة على الاحتلال، كما حصل للجزر الإماراتية الثلاث وسوريا وعلى تصدير الثورة كما هو الحال في العراق ولبنان.
وأوضح النائب بو حسن، أنَّ إيران ونظامها الحاكم هي الخطر الحقيقي والوحيد الذي يهدد منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط والعالم ولزوماً أن تتضافر الجهود الدولية للتصدي له، مضيفاً أن إيران لا تعي أنّ البحرين ليست وحدها التي تقف في وجه المشروع التوسّعي الإيراني، بل كلّ العرب الشرفاء معها وعلى رأسهم الشقيقة الكبرى السعودية وأشقائها في دول مجلس التعاون بجانب مصر والمغرب والأردن.