حسن الستري
أوصت لجنة الخدمات بمجلس النواب برفض مشروع قانون بشأن سكن العمال، ويهدف المشروع بقانون إلى تنظيم سكن العمال خارج المناطق، بحيث يكون بعيداً عن مساكن الأسر، ويتكون المشروع بقانون فضلاً عن الديباجة من عشر مواد، تناولت المادة الأولى التعاريف، وتضمنت المواد «الثانية - الخامسة» التزامات المؤجر والمنشأة، وحددت المادة السادسة العقوبات المقررة على مخالفة أحكامه، ونظمت المادة السابعة السلطات المخولة لمفتشي وزارة العمل، وتناولت المادة الثامنة القرارات التنفيذية، وحددت المادة التاسعة تاريخ سريانه وتوفيق الأوضاع خلال مدة محددة، أما المادة العاشرة فجاءت تنفيذية.
ووجدت اللجنة أن صدور القرار رقم «35» لسنة 2015 بشأن إضافة مادة جديدة برقم «34» مكرر إلى اللائحة التنفيذية لقانون البلديات، الصادرة بالقرار رقم «16» لسنة 2002، قد عالج المشكلة المتعلقة بتحسين ظروف السكن للعمال، وذلك من خلال إلزام مالك العقار بتوفير الاشتراطات الصحية واشتراطات الأمن والسلامة طبقاً للقوانين والقرارات المعمول بها، بحيث تخصص مساحة لا تقل عن «40» قدماً مربعاً لكل عامل، وألا يقل ارتفاع الغرفة عن عشرة أقدام، وألا تستخدم الغرفة الواحدة لنوم أكثر من ثمانية أشخاص، وألزم مالك العقار بإخطار البلدية المختصة خلال 30 يوماً من توقيع العقد، كما ألزم جميع ملاك العقارات بتوفيق أوضاعهم وفق الشروط أعلاه خلال ستة أشهر من تاريخ العمل به في «25 أبريل 2015م».
وبينت اللجنة أن المادة «11» من قانون العمل في القطاع الأهلي رقم «36» لسنة 2012 قد ألزمت صاحب العمل الذي يستخدم عمالاً في المناطق البعيدة عن العمران بأن يوفر لهم المساكن الملائمة، وقد أصدر وزير العمل القرار رقم «40» لسنة 2014 بشأن اشتراطات ومواصفات مساكن العمال، والذي ألزم صاحب العمل الذي يوفر مساكن لعماله في المناطق البعيدة، وصاحب العمل الذي يوفر اختيارياً مسكناً لعماله في غير تلك المناطق باشتراطات تفصيلية. وبالتالي فإن اللجنة وجدت أن هذه المادة والقرار الصادر بموجبها قد عالج جانباً مهماً من موضوع سكن العمال.
ورأت اللجنة أنه بالإمكان الترخيص بإقامة مبانٍ سكنية في المناطق الصناعية بالنسبة للمشروعات ذات الطبيعة الخاصة، وبصفة استثنائية، وذلك بموجب ترخيص من لجنة شؤون المناطق الصناعية؛ وذلك طبقاً للمادة «24» من المرسوم بقانون رقم «28» لسنة 1999 بشأن إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية، وترى اللجنة أن تعزيز هذا الجانب سيحل جانباً من مشكلة مسكن العمال من خلال توفير المساكن داخل تلك المناطق، وأنه ستترتب عليه آثار إيجابية أخرى تتمثل في خفض كلفة نقل العمال، وتقليل الازدحامات المرورية في الشوارع، وأن تطوير هذا التوجه سيسهم في حل المشكلة بصورة كبيرة، وذلك من خلال تعديل النص القانوني أعلاه الوارد في المادة «24» من المرسوم بقانون رقم «28» لسنة 1999، ليوسّع من نطاقه في السماح بإنشاء المباني السكنية للعمال داخل هذه المناطق بما يتوافق مع كافة شروط الأمان والسلامة والصحة المعمول بها بالنسبة لسكن العمال المشترك، وقد تقدّم بعض أعضاء اللجنة باقتراح بقانون بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء وتنظيم المناطق الصناعية بما سيسهم في حل جزء كبير من مشكلة سكن العمال.
ولفتت اللجنة الى أن تحديد مناطق معزولة لسكن العمال في ظل صغر المساحة الجغرافية لمملكة البحرين، وفي ظل الحجم الكبير للعمالة الأجنبية البالغ عددها «566.785» ألف عامل أجنبي وفقاً للإحصائية الدورية الصادرة عن هيئة تنظيم سوق العمل لعام 2015م، سيؤدي إلى آثار اقتصادية سلبية وتأثيرات على شبكات الطرق، يضاف إلى ذلك أن وجود التجمعات الكبيرة من العمال الأجانب الوافدين في منطقة محددة ستكون له بعض الانعكاسات السلبية على الصعيد الأمني.
وأكدت اللجنة أن المشروع بقانون سيترتب على تطبيقه تكاليف مالية هائلة من أجل توفير المناطق لسكن العمال البالغ عددهم «566.785» ألف عامل أجنبي، أخذاً في الاعتبار أن أسعار النفط قد انخفضت بصورة كبيرة جداً، وارتفع سقف الدين العام بوتيرة غير مسبوقة.
واتفقت وزارة العمل في رأيها مع ما ذهبت إليه «دائرة الشؤون القانونية» حول عدم جواز تحديد مناطق معينة تخصص لسكن هذه العمالة، والسماح بتفتيشها مطلقاً من قبل الأجهزة المعنية في الدولة، وذلك لتعارضها مع مبادئ وأحكام دستور مملكة البحرين.
ونوهت الوزارة إلى أن وجود تجمع كبير بين العمالة الوافدة من نسيج واحد في منطقة محددة يمكن أن يؤدي إلى بعض الآثار السلبية على الصعيد الأمني كتكون العصابات والشبكات التي تمارس أنشطة محظورة كالدعارة وغيرها. وعليه، ترى الوزارة ضرورة العمل على إجراء المزيد من الدراسات الاجتماعية ومناقشة التأثيرات الأمنية على المجتمع بالنظر إلى تجارب الدول الأخرى في هذا المجال كدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قد يتطلب الأمر توفير خدمات الأمن بشكل مكثف في مثل هذه المناطق للسيطرة على الجرائم والحفاظ على النظام.
من جانبها بينت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة إن إقامة سكن العمال وسط المصانع سيؤثر على صحة العمال بوجود عمليات إنتاجية لها قد تكون لها تأثير سلبي على العاملين، وإن وجود العمال بالقرب من هذه المصانع قد يؤدي إلى حوادث مختلفة والتي منها نشوب الحرائق بسبب سوء استخدام المباني والمرافق التابعة لها من قبل العمال الموجودين هناك، كما قد تحدث حوادث السرقة، إضافة إلى أن اشتراطات إدارة الدفاع المدني بوزارة الداخلية تحظر وجود سكن للعمال ضمن مباني المصانع.
الى ذلك، أثارت وزارة شؤون البلديات إشكالية شبهة عدم دستورية بالمشروع بمخالفة المادة «9/ج» من الدستور التي تنص على أن «الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، ولا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويضاً عادلاً»؛ وذلك بحظره تأجير المباني للعمالة الأجنبية إذا كانت تقع خارج المناطق التي تحددها المجالس البلدية، لكون هذا الحظر يعد قيداً على حرية المواطنين القاطنين خارج هذه المناطق من التصرف في أملاكهم الخاصة.
ورأت إمكانية تخصيص مناطق لسكن العمال المشترك خارج مناطق سكن العائلات لبعض المهن كعمال المصانع الذين يمكن إنشاء مساكن لهم في المناطق الصناعية أو بالقرب منها، أما بالنسبة للمهن الأخرى كالعاملين في البرادات وصالونات الحلاقة والخباز وما شابه ذلك فإنه من الصعب أن تكون مساكنهم بعيدةً عن أماكن عملهم، وذلك بسبب طبيعة هذه المهن التي تتطلب أن يكون مسكن العامل قريباً من مكان عمله، كما إن الوزارة تؤكد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مراعاة المعايير المتفق عليها دولياً بالنسبة للعمال سواءً من ناحية المسكن أو الاحتياجات الأخرى والتي تجرم التمييز بحق هذه الفئات.
وبينت غرفة تجارة وصناعة البحرين أن تطبيقه عملياً صعب نسبياً، فأغلب المستثمرين أو أصحاب الشركات الكبرى من حيث عدد العمال كشركات المقاولات وغيرها لديها مساكن لعمالها.