استبشر شعب البحرين خيراً مع بدء جلسات استكمال المحور السياسي من حوار التوافق الوطني وجلوس القوى السياسية في البلاد من جمعيات الائتلاف الوطني والجمعيات الست، بالإضافة إلى أعضاء السلطة التشريعية المستقلين، وتواجد ممثلي الحكومة، حيث سادت الأجواء الإيجابية الجو العام داخل قاعات الحوار، والذي انتهى الأسبوع الأول منه بنتائج وتوافقات بين مختلف الأطراف الذين جعلوا مصلحة الوطن نصب أعينهم في سبيل التوصل إلى قواسم مشتركة، تخرجنا من الأزمة التي أنهت عامها الثاني والتي أحدثت انقساماً بين مكونات الشعب، ولكن بفضل من الله ثم بالحوار الذي سيكون السبب إن شاء الله في العودة إلى بحرين الأمن والاستقرار وتكاتف أبناء الوطن كما كانوا.
ورغم تفاؤلنا بالحوار الوطني، إلا أننا في الوقت ذاته نرى خروج المسيرات وتنظيمها من قبل الجمعيات الست التي هي ذاتها مشاركة في جلسات التوافق والتي يجب أن تتماشى مع تحركاتها في الشارع وأن تعمل على وقف العنف، فهذا تناقض لهذه الجمعيات وعلى رأسها جمعية «الوفاق»، فكيف تقبلون دخول الحوار وعلى خط آخر تدعون إلى مسيرات عدة في مختلف مناطق البلاد؟! هذا يعني أنكم دخلتم الحوار كتحصيل حاصل وفي أي لحظة قد تنسحبون منه، وما دليل طلب تأجيل عقد جلسة الحوار المقبلة إلى الأربعاء المقبل، بدلاً من غد الأحد، إلا لغرض في نفس يعقوب، وهنا حقيقة، نحن لا نحكم على الضمائر، ولكن المؤشرات تدل على ذلك والله أعلم.
ما حدث أمس الأول الخميس، وما تبعه من أعمال شغب وتخريب طالت أغلب قرى الوطن، تزامناً مع ذكرى يوم الميثاق الوطني، الذي سيبقى محفوراً في الذاكرة، حين صوت عليه كل شعب البحرين بنسبة 98.4% بما فيها «الوفاق» كجمعية سياسية وبموافقة مرجعيتها الدينية، وكانت الأحداث التي خلفت وفاة شاب لا يتعدى عمره 16 عاماً بعد أن تم شحنه بالتظاهر، واستهداف قوات حفظ النظام من خلال إلقاء الزجاجات الحارقة وزجاجات «المولوتوف»، ورمي رجال الأمن بالأسياخ ما أدى إلى استشهاد أحدهم، إن كل ما حدث للبحرين منذ فجر الخميس يدمي القلب ويجعلنا نتحسر أسفاً على شباب في عمر الزهور تم التغرير بهم ليلقوا بأنفسهم إلى التهلكة.
14 فبراير 2013 مر بسلام كما هو سابقه في 2012 حين هددوا وتوعدوا، وعلى الرغم مما جرى من مناوشات ومشاكسات صبيانية هنا وهناك من قبل مراهقين مغرر بهم نشفق عليهم لأن عقولهم قد غسلت من قبل الجماعات الراديكالية التخريبية، التي لا تريد لهذا الوطن الخير والاستقرار، بل تريد له الفوضى والدخول في دوامة مظلمة كظلام قلوبهم التي امتلأت حقداً وتسعى إلى تحقيق أجندات خارجية مستوردة، لا تمت لعادات أهل البحرين الكرام بصلة، لا يمكننا إلا أن ندعو لهؤلاء بالهداية والعودة إلى صوابهم ورشدهم لأن البحرين هي وطنهم ولن يجدوا قائداً حليماً صبورا حنوناً على أبناء شعبه كجلالة الملك الذي دائماً ما يعفو ويسامح.
في 14 فبراير 2013 خرجنا إلى أعمالنا مبكراً في لهفة وشوق إلى الجلوس على مكاتبنا والقيام بأعمالنا وبناء الوطن كل في مجاله، وحتى الطلبة ذهبوا إلى مدارسهم وهم يحملون معهم اللون الأحمر ليحتفلوا بيوم ذكرى ميثاق العمل الوطني الذي جاء هذا العام متزامناً مع انطلاق حوار وطني بلاشك سيخرجنا من أزمتنا التي عصفت بنا طوال عامين كاملين بالتمام والكمال إن لم تحدث أية انسحابات من المشاركين بحجة ما حدث خلال اليومين الماضيين.
همسة
كان ميثاق العمل الوطني بحق موقف تاريخي ينم عن شجاعة جلالة الملك، والذي نقل البلاد إلى مرحلة متقدمة في الديمقراطية والحريات على مختلف الصعد، ولكن للأسف هناك من لا يعي المعنى الحقيقي للديمقراطية الصحيحة!