الحوار الذي انفردت به صحيفة الأيام مع معالي وزير الداخلية ألقى بالضوء على نقاط مهمة، قد تكون شبه فائتة أو غير واضحة تماماً عند الرأي العام، وحمل شيئاً من المكاشفة لواقع غير واضح المعالم، أقله عند الشريحة الكبرى الرافضة لأعمال العنف والتخريب ليساهم في إعادة رسم ملامح خارطة طريق لصورة تحوي العديد من علامات الاستفهام، التي لم تدعم بتصريح يخرج من أعلى مستوى رسمي أمني بالدولة ليضبط بوصلتها، فجل ما يمكن قوله أن الحوار جاء في وقته المناسب تماماً، خاصة في ما يتعلق بمسألتين؛ الأولى الحل الأمني والحوار الوطني، والثانية المحاصصة الطائفية.
ولأن الصراحة راحة؛ فالحق يقال بأن كثيراً من فئات وشرائح المجتمع البحريني باتت مع مسألة إطالة سيناريو جلسات حوار التوافق الوطني الذي تحول إلى ما يشبه «مسلسل تركي التطويل في حلقاته يأتي من أجل زيادة عدد المشاهدين، فيما تداول الأحداث وسيناريو القصة مكرر ومعروف»، تمله بل وتطالب بإنهائه، فلدى العديد منهم قناعة بأن الحل الأمني هو الحل الوحيد لإنهاء الممارسات الإرهابية، والذي كان من المفترض القيام به وبشكل إلزامي حازم مع أول شرارة للأعمال الإرهابية بالبحرين عام 2011، وهو أمر أوجد نوعاً من الاستياء والسخط على الأجهزة الأمنية بالبحرين مبعثه «وجود تقصير»، دليله زيادة أعمال العنف والتخريب، إلا أن ما أكده وزير الداخلية كشف عن جانب قد يبدو مغيباً عند هذه الشريحة، وهو أننا اليوم في مملكة البحرين في وضع يختلف تماماً عن وضع فترة التسعينات، وأن كلا الفترتين ليستا متشابهتين، أقله على المستوى المحلي.
حيث ورد في حواره أن الحل يكمن في إطار النظام المؤسساتي، وأن اللجوء إلى حوار التوافق الوطني أحد الأساليب الحضارية التي تنتهجها الدول في معالجة قضاياها، وأنه ليس هناك قبضة أمنية؛ لكن هناك قانوناً يجب أن يحترم حتى يستقيم الأمر، وهو رد قد يشكل مفاجأة عند هذه الشريحة تطيح بالفكرة السائدة المنتشرة لديها، خاصة تلك التي واكبت فترة أحداث التسعينات وتعتقد أن كلا الفترتين متشابهتين، وأن المسؤولية الأولى والكبرى في ما يحصل من إرهاب وعنف تقع في مرمى وزارة الداخلية فقط! فيما الحاجة تؤكد اليوم أن احترام القانون وتطبيقه، خاصة بعد المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، هو الخطوة الأولى في حل القضية الأولى المتمثلة بحفظ هيبة دولة المؤسسات والقانون، والتي من الممكن عند حل إشكاليتها أن تساهم في حل قضية أخرى ذات صلة، فيما من الواضح أصلاً أن حل هذه القضية بالذات سيجعل سلسلة حل الأزمة البحرينية تنفتح وتحل حبات عقدها سريعاً وتنتهي لتجعل كل جهة وكل مؤسسة تقوم بواجبها تجاه مسألة تطبيق القانون، فهو حينما قال «إن توصيات المجلس الوطني التي هي نتاج دولة المؤسسات والقانون الهدف منها حماية المجتمع البحريني من الإرهاب وتمثل سنداً قانونياً ودافعاً للأجهزة الأمنية في القيام بواجبها في حفظ الأمن».
مضيفاً «أن أي فرد أو جماعة يضعون أنفسهم تحت طائلة القانون عليهم تصحيح أوضاعهم، إذ لا يمكن أن يستمر هذا الوضع في دولة القانون والمؤسسات»، إشارة إلى أهمية تصحيح الأوضاع وإيقاف مسألة تجاوز القانون واحترامه في النظام المؤسساتي بالدولة ككل، وأن أهمية تطبيق القانون لا تختص به الأجهزة الأمنية لوحدها.
الحوار حمل رسالة صريحة وواضحة بأن رجال الأمن قد حملوا الأمانة الأمنية، وقد أدوا ما عليهم «مشكورين»، وربما «أكثر وزيادة» في تهيئة الأجواء للوصول إلى طاولة الحوار، رغم كل ما كلفهم ذلك من تضحيات وخسائر بشرية، وهو أمر يؤكد أيضاً ويكشف أن الخصمين في هذه المسألة ليسا الدولة متمثلة في قيادتها وواجهتها في ذلك وزارة الداخلية مقابل الجماعات الإرهابية المغردة خارج سرب الوطن، كما يتم الترويج له على مستوى دولي؛ بل إن الطرفين هما كافة أطياف ومكونات المجتمع البحريني المتعددة التي تنبذ العنف -المجتمع المدني- والتي لها ممثلوها على طاولة حوار التوافق الوطني إلى جانب الدولة وجهاتها الرسمية من وزراء وممثلي المؤسسات التشريعية، والطرف الثاني الجماعات الإرهابية المغردة خارج سرب الوطن، وهو أمر يستلزم أن يوضح لدى الرأي العام -خاصة الطائفة الشيعية البسيطة- التي لايزال بعضها يعتقد أن الأزمة أمنية وتقوم بين طرفين يختصر الوصف في كلمتين «رجل أمن وإرهابي!»، فهذه الرسالة مغيبة لدى الرأي العام ولم تنقل حتى على مستوى، لا نقول دولي أقله خليجي، لايزال لا يفقه في أبجديات وأبعاد القضية البحرينية، فالعنوان العريض للأزمة البحرينية بالأصل هو أزمة إرهابية، وهو التعبير الأدق والأصح، والحل فيها تعزيز حكم القانون والتشريعات وأن تبدأ كل جهة رسمية بالبحرين في تصحيح الأوضاع التي تخل بتطبيق القانون.
كما لفت معالي وزير الداخلية النظر إلى أنه لا توجد محاصصة طائفية في البحرين، وأن شيعة البحرين ليسوا حزباً، بل هم مواطنون، وأن الدستور البحريني لم يفرق بين المواطنين، ويأتي رداً على الجماعات الإرهابية المتطرفة طائفياً، والتي تحاول تسويق فكرة أن الأزمة البحرينية تأتي بسبب عقدة المظلومية تجاه الطائفة الشيعية بالبحرين، وأن هناك محاصصة طائفية سياسية تقوم على أساس توزيع المناصب الوظيفية والقيادية بالدولة وفقاً لمعيار الانتماء لطائفة معينة، فيما في الحقيقة أن هذه الجماعات هي من تحاول فرض نظام أجندة المحاصصة الطائفية والسياسية، بل وحتى الإرهابية، في ما يخص مسألة توزيع أعمال العنف والإرهاب التي تمارس ضد كل ما لا ينتمي إلى شارعها ويؤيد اتجاهها، حتى وإن كان من الطائفة الشيعية نفسها، إلى جانب محاولاتها لتمكين أفراد من شارعها التأزيمي في مناصب قيادية بالدولة حتى وإن كانت غير مؤهلة لذلك، وحتى إن كانت الأسماء المطروحة غير مقبولة عند الرأي العام البحريني، فقط من أجل مبدأ المحاصصة الطائفية السياسية لتحقيق مصالحها وأجندتها الخاصة، ومفتاحها في ذلك الأعمال الإرهابية، ألم يتساءل أعضاء كتلة الوفاق في برلمان 2006 عن سبب عدم توظيف أبناء الطائفة الشيعية في وزارة الداخلية رغم وجود توظيف بالحقيقة لهم في وزارة الداخلية، ترشيح المرزوق لرئاسة الوزراء رغم رفض الرأي العام له كوزير حتى لكونه ذا أجندة سياسية، تلك رسالات صريحة كاشف بها وزير الداخلية الرأي العام البحريني ووجب بعدها الاستدلال بها في مجابهه الجرائم الإرهابية وجماعاته لدينا.
إحساس شكر وفخر..
أشادت الشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول» بتمكن الشرطة البحرينية من استعادة أغلب مسروقات محل المجوهرات بأحد المجمعات التجارية في المنامة في وقت وجيز وبسرعة لا تتجاوز الأسبوع، وأشادت بقدرات الشرطة البحرينية، وهذا يعني ضربة قوية على المستوى الدولي والإقليمي تطيح بأي فكرة قد تتكون عند بعض العصابات الدولية التي تعتقد أن جرائم السرقة ستكون أسهل بكثير في البحرين نتيجة ما يحدث فيها من أعمال إرهابية، فتظن أن الأمور الأمنية في البحرين «سايبة» وغير محكمة، ما حدث إنجاز بحريني أضاء سجل الإنجازات الأمنية للبحرين على المستوى الدولي ومفخرة لكل رجل أمن وبحريني.