تعد معارض الكتب الدولية في مملكة البحرين من بين أبرز العوامل التي ساهمت في نشر الثقافة والترويج لها، كما ساعدت على تنوع الكتابة والتأليف في البحرين نظراً للمجال الواسع الذي تتيحه تلك المعارض للأدباء والكتاب من حيث توفير معظم الكتب والمصادر المتنوعة التي تساهم في إثراء كتاباتهم. كما أنها بالنسبة للمواطن العادي مصدر إثراء لثقافته من خلال إطلاعه على ما أنتجته البشرية من تراث علمي وفكري ضخم يتمثل في النتاج الفكري العربي والنتاج الفكري الإنساني الأجنبي، وهي أيضاً مصدر مهم لطلبة الدراسات العليا وبقية الطلبة والباحثين من خلال ما توفره من مصادر معرفية في غاية التنوع.
ومنذ أن بدأ تنظيم معارض الكتب الدولية في البلاد انبثق معها قابلية الكتابة والتأليف لكثير من الأدباء والمؤرخين والباحثين المعاصرين، ما أدى إلى ازدهار حركة الكتابة والتأليف في البلاد بصفة خاصة ورواج الحركة الثقافية بين أبناء المجتمع البحريني بصفة عامة.
كانت بداية تنظيم معارض الكتب في البحرين بسيطة ومتواضعة إلا أنها مشجعة نظراً لوعي الشعب البحريني بأهمية الكتاب. فقد بدأ تنظيم معارض الكتب في البلاد منذ أواسط سبعينيات القرن العشرين، وبالتحديد في شهر مارس من عام 1976 حيث نظمت إدارة المكتبات العامة بوزارة التربية والتعليم أول معرض كتاب تشهده البلاد أطلق عليه «معرض الكتاب العربي الأول»، وذلك بقاعة القسم الداخلي المجاورة لمكتبة المنامة العامة، والذي شاركت فيه مجموعة دور نشر محدودة من لبنان وفلسطين ومصر إضافة إلى بعض المكتبات التجارية المحلية، وقد نجح هذا المعرض نجاحاً باهراً باعتباره أول حدث ثقافي من نوعه يقام في البحرين، الأمر الذي شجع على التفكير بإقامة معارض الكتب الدولية.
أخذت إدارة المكتبات العامة بوزارة التربية والتعليم على عاتقها التخطيط لإقامة «معرض البحرين الدولي للكتاب». ووجدت أن تنظيم المعارض الدولية للكتاب يحتاج إلى جهد كبير وميزانية ضخمة، إضافة إلى تغطية إعلامية واسعة، وتعاون جهات مختلفة من مؤسسات الدولة. كل هذه الأمور جعلت التعاون والتنسيق بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الإعلام آنذاك ضرورة ملحة لإنجاح مثل هذه المعارض.
بدأت التجربة حين أقدمت الوزارتان على «تنظيم معرض البحرين الدولي الأول للكتاب» في عام 1978 وقد نظم المعرض بقاعة مدرسة عبدالرحمن الداخل وبعض الغرف الأخرى من المدرسة باعتبارها من المدارس الحديثة التي بنيت آنذاك. وقد نجح المعرض نجاحاً كبيراً حيث كان طوال فترة افتتاحه مزدحماً بالزوار، الأمر الذي أدهش جميع الناشرين الذين شاركوا في المعرض وأكدوا على أهمية مشاركتهم في المعارض القادمة.
اتفقت اللجنة المنظمة لمعرض البحرين الدولي للكتاب أن يكون دخول المعرض مجاناً، وأن ينظم المعرض مرة كل سنتين، وقد نجحنا في ذلك وأصبح ذلك متبعاً بمعارض الكتب الدولية والمحلية المنظمة بمملكة البحرين حتى يومنا هذا.
كانت المشكلة التي واجهت تنظيم معرض البحرين الدولي للكتاب عدم وجود قاعة كبيرة مهيأة لتنظيم معارض الكتب بها، ولهذا اضطررنا لإقامته في أماكن مختلفة. ففي عام 1980 أقيم معرض البحرين الدولي الثاني للكتاب بصالة مركز الشباب بالجفير باعتبارها أكبر من صالات المدارس. وفي عام 1982 نظم معرض البحرين الدولي الثالث للكتاب بحديقة الأندلس، كما أقيم معرض البحرين الدولي الرابع للكتاب في عام 1989 بمركز معارض البحرين قرب السوق المركزي.
كان عام 1992 مميزاً بالنسبة لمكان إقامة وتنظيم معرض البحرين الدولي للكتاب. فقد نظم معرض البحرين الدولي الخامس للكتاب في شهر مارس من عام 1992 بمركز البحرين الدولي للمعارض، وهو مبني مهيأ لإقامة المعارض فيه، ما أدى إلى نجاح معارض الكتب لدرجة أن مؤسسة الأيام للصحافة والنشر والتوزيع تشجعت وأخذت تنظم مهرجانها الثقافي المتمثل في معرض الكتاب مرة كل سنتين أي في السنة التي لا ينظم فيها معرض البحرين الدولي للكتاب.
استمر معرض البحرين الدولي للكتاب ينظم في مركز البحرين الدولي للمعارض اعتباراً من عام 1992 وحتى معرض البحرين الدولي للكتاب في دورته السادسة عشرة عام 2014. وحدثت نقلة نوعية في تنظيم معرض البحرين الدولي للكتاب في هذا العام 2016 عندما نظمت هيئة البحرين للثقافة والآثار معرض البحرين الدولي للكتاب الـ 17 في متحف البحرين الوطني، حيث تم استخدام خيمة ضخمة تطل على البحر مباشرة، ويتم الوصول إليها من خلال جهتين أي من خلال مبنى المتحف أو من خلال جسر معلق على بحيرة وسط مساحة مزينة بالنباتات والأزهار في منظر خلاب يجمع بين ماضي البحرين وحاضرها، كما أن استخدام دليل المعرض من خلال حاسوب خزنت في ذاكرته جميع محتويات المعرض وكذلك أجنحة المعرض كدليل يوضح مواقعها طفرة في التنظيم.
هذا المعرض بصورته الجديدة مغاير لبقية معارض الكتب الدولية الأخرى فهو يمثل سياحة ترفيهية وثقافية في آن واحد كما يعكس وجه البحرين الحضاري. أنه إبداع الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار التي عودتنا دائماً على مثل هذه المشاريع الثقافية والفنية البالغة الخصوصية والتميز.