ما تعلمناه من ديننا، ومن سيرة نبينا، والأولياء الصالحين والصحابة رضوان الله عليهم، بأن عالم الدين دائماً ما يكون «زاهداً» في الدنيا، طامعاً في الآخرة عند رب العالمين، وأن عالم الدين إنسان سوي عادل ناصح للناس، دال إياهم على الخير، ناهياً إياهم عن الشر.
لكن هذا ما كانوا عليه قبل قرون، وليس الآن، فعدد قليل ممن رحم ربي مازالوا يسيرون على نهج رسولنا الكريم صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، بينما الغالبية هم «طلاب دنيا» و»تجار دين» بامتياز.
أكبر دولة تضمر العداء والشر بدولتنا البحرين هي الجمهورية الإيرانية، وخامنئي إيران، أحد تجار الدين الذين صوروا لمن يتبعونهم بأنه «الناطق الرسمي باسم الله في الأرض»، وتعالى وتنزه ربنا عما يصفه به هؤلاء الذين دخلوا للناس وسيطروا على عقولهم وإراداتهم باسم الدين، والدين قسماً بالله براء منهم.
خامنئي على نهج سيده الخميني الذي أعطى الإيرانيين مفاتيح قال عنها إنها «مفاتيح الجنة»، لأجل حثهم على خوض الحرب العراقية الإيرانية، وحتى لا يترددوا بالتضحية بأنفسهم، فالجنة موعودة لهم، وها هي «المفاتيح» في جيب كل واحد منهم.
خامنئي نصب أحد أتباعه «قيماً» و»مرجعاً» على البحرين، وجعله في موضع «الإله» على شيعة البحرين، وشيعة بلادنا منهما براء، فما شوه صورتهم وأساء لهم غير خامنئي وأتباعه و»الوفاق» وكل من ادعى أنه «القيم على المذهب»، وحولوا الدين بدلاً من أن يكون عبادة لله، حولوه وكأنه ولاء لمجموعة أو إنسان. خامنئي نصب عيسى قاسم مرجعاً لـ «الوفاق» وللشيعة في البحرين، ومنحه صفة «آية الله»، ورغم هذا التنصيب، فإن الإجماع على عيسى قاسم لم يكن مطلقاً، فحركة «حق» وتيار «الوفاء» المنشقان عن «الوفاق»، حاول قياديون منهما وعلى رأسهم حسن مشيمع وعبدالوهاب حسين أن يقنعا مكتب خامنئي بأن يغير الأخير رأيه، وأن يتم «تسقيط» مرجعية عيسى قاسم، وتنصيب عبدالجليل المقداد «آية لله» ليمثل خامنئي. وهنا أتحدث عن أحداث حصلت وكشفت عنها عناصر «حق» و»الوفاء» في الفترة من 2008 إلى 2010، أي قبل انقلاب 2011.
وبالتالي حينما تسعى «الوفاق» ومن معها إلى نفي علاقاتهم وارتباطهم بإيران، وبخامنئي، وبـ «حزب الله»، فإن قولهم هذا «كاذب» تماماً، فمن مرجعه الديني «معمد» من مرشد إيراني، كيف لا يكون تابعاً له، وكيف يكون ولاؤه للبحرين قبل إيران؟!
لكن دعونا من هذه النقطة المثبتة، ولنتحدث عن عيسى قاسم، والذي من المفترض به كخطيب وعالم دين أن يكون القدوة الأولى لشارعه ومتتبعيه، وأن يكون حديثه عن الآخرة والزهد صادقاً، وألا يكون من ضمن ممارسي «تجارة الدين» سواء من المحسوبين عن المذهب الشيعي أو السني، وألا يكون في نفس خانة «الدواعش» الذين شعارهم الإرهاب، واستهداف من يخالفهم الرأي والموقف، ويبيحون «السحق» و»القتل».
التحقيقات الأخيرة، وما تم إعلانه من قبل الجهات القانونية المسؤولة في البحرين، أشارت لضبط مبلغ يصل إلى 10 ملايين دولار في حساب أحد رجال الدين، واتضح أنه عيسى قاسم مرجع «الوفاق» و»المعمد» من قبل خامنئي إيران!
وهذه النقطة بالذات هي التي «لف ودار» عنها كل بيان صدر من الجمعيات المشاركة في «الانقلاب» على البحرين وعروبتها وقيادتها ونظامها، وهي النقطة التي تعمد الإعلام الأصفر إخفاءها، في محاولات بائسة لحماية صورة قاسم الذي مازال كثير من الجموع مغشوشة ومخدوعة في كونه رجل دين «زاهد» لا يريد من الدنيا إلا رضا الله وحسن الخاتمة.
على فكرة، هل تعرفون من هم أغنى أغنياء إيران؟!
والله لو صففتم أسماء رجال الأعمال الإيرانيين معاً، وجمعتم ثرواتهم كلها، فإنها لن تصل لربع ثروة «الإمام الأعظم ولي الله في الأرض خامنئي»، هذا الرجل الذي يقول للناس في إيران عيشوا في زهد، بينما رصيده المتوزع في كافة بقاع الأرض وعلى شكل سيولة أو أملاك ومنقولات بمليارات الدولارات. وطبعاً الإيرانيون خير من يعرفون أغنياءهم، وكيف أن القائمة تضم في غالبيتها أسماء رجال دين وشيوخ، وبعضهم من يدعون السيادة ويتحصلون على الخمس.
بمثل هذه الآلية، نجد أن لدينا في البحرين عالم دين «زاهد» كما يدعي، في حسابه عشرة ملايين دولار. هذا الرجل الذي وقف مراراً على المنبر الديني ليغسل عقول الناس، ووقف مهاجماً الدولة مراراً، وفي مرات منها ركز على شعار طيب نحن ندعو له قبله، يتمثل في الإجابة على سؤال: «من أين لك هذا؟!»، هو اليوم مطالب أن يوضح، لا لنا ولا لمن يختلف معه ولا للدولة، بل لشارعه الذي «لعب في عقول» أفراده، عليه أن يخبرهم «من أين له هذا»؟!
طبعاً لن يجيب، لكننا في جانب آخر نقول إن هذه المعلومة انتشرت وتسربت كشوفات حساب قاسم منذ عام 2011، وكان يفترض حينها أن يتم التعامل معها بشكل جاد وحاسم، فمثل هذه الأرقام الفلكية في حساب رجل بلا عمل، يصل نهاره بليله في التحريض ضد الدولة، لا ينبغي أن يسكت عنها، وأن تمر المسألة مرور الكرام.
لذا نسأل يا جهات معنية بتطبيق القانون، متى سيمثل «وكيل» خامنئي في البحرين أمام القضاء، ليبرر وجود 10 ملايين دولار في حسابه؟!