ودعنا أمس عاماً مليئاً بالمنغصات والهموم ومازالت جراحات الأمة تنزف ولم يندمل منها جرح واحد، فها هو العراق مازال أسيراً لدى إيران وميليشياتها تضرب فيه الفوضى والإرهاب والفساد والطائفية والعنصرية المقيتة وبرعاية إقليمية ودولية والتي قد مزقت نسيجه الاجتماعي وشعبه بين نازح ومشرد ويعاني أعلى نسبة فقر وبطالة ويتقدم جميع الدول تخلفاً وإرهاباً ولم تفلح جميع القمم العربية والإقليمية والأممية في إيقاف مشروع المد الصفوي وإعادته إلى الصف العربي!!
وها هي الشام قلعة العروبة والإسلام تدخل بثورتها عامها السادس، والتي ضاعت معالمها بكثرة المجاميع المسلحة التي ينحر بعضها بعضاً، والجميع يتمترس خلف الشعب السوري ويدعي إنقاذه من الديكتاتورية أو الإرهاب، والحصيلة أن الخاسر الأكبر هو ذلك الشعب المكلوم الذي ابتلي إما بنظام سفاح، وهو مستعد بأن يضحي بكل الشعب من أجل كرسيه، ولا يهمه إن بقيت معه طائفته العلوية، أو هو واقع تحت سطوة مجاميع إرهابية ذات ارتباطات مشبوهة، وأصبحت تفاوض وتتاجر بقضيته، ولقد انفلت مؤشر البوصلة من مركزه والشعب فقد الأمل بأي دور أممي أو عربي أو إسلامي لإنقاذه، فمصيره بات معلقاً ظاهراً بيد روسيا وتركيا وإيران تلك الدول التي تمثل محور الصراع هنالك، وخلف الكواليس دهاقنة البيت الأبيض واللوبي الماسوني في تل أبيب!!
وليس اليمن بأحسن حالاً من العراق وسوريا، فلقد عانى شعبه الأمرين من حكم صالح، الذي جثا على قلبه عقوداً، ولا أدري هل أتعجب من صالح الطالح وحلفائه، أم من أنظمة عربية تتخبط في تحالفاتها ودعمها، فعندما تكون نظرة الساسة قصيرة وتفتقر إلى العمق السياسي فغالباً ما يدفع ثمن ذلك الشعوب المغلوبة على أمرها. ولولا «عاصفة الحزم» التي انطلقت في الوقت الضائع لشاهدنا قاسم سليماني يتجول يوماً في تعز، وآخر في عدن، ويحط في صنعاء.
والحقيقة التي يجب أن يعيها الجميع أن الحرب الدائرة هناك هي ليست مع بضعة آلاف من مسلحي الحوثي الإرهابي، بل هي حرب، رأس الحربة فيها هي مجموعة الحوثي، ومن يمسك النصل هي إيران، وهو ما أطال أمد القتال، وعلى الشعب اليمني الشقيق المعروف بصلابته وقوة إيمانه أن يتحمل قسوة هذه الحرب ونتائجها، فهي كمشرط الجراح الذي يستأصل ورماً خبيثاً ليتعافى الجسد كله، فصد المشروع الصفوي وقطع أذرعه هو المدخل لأي حل واستقرار ليس في اليمن فحسب، بل في كل بقعة عربية وضع النظام الإيراني فيها أجنته وبيضه.
أما باقي أنظمة الدول العربية وشعوبها فهي في محنة وكرب، ولا تعلم متى سيأتي الدور عليها في مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي لم تكتمل فصوله بعد، والذي اتخذ أغطية عدة منها ما يسمى بـ«الربيع العربي»، أو نشر الديمقراطية الزائفة. فأغلب الشعوب تعيش أزمات اقتصادية خانقة ربما ستكون مدخلاً لثورة الجياع وأخرى تعيش حالة من التوتر بسب تصدير الطائفية إليها ومن وراء الحدود، وهي كانت متجانسة لقرون عدة، وحكامها اليوم في حيرة من أمرهم في كيفية التعامل مع هذا الملف الخطير الشائك. والهيئات العالمية المشبوهة تترقب كل حركة ورصد لتأويله والنفخ فيه لتأجيج الوضع وبث الفوضى وكل ذلك يعيق أي تقدم واستقرار وإعمار وازدهار وهو طارد لكل استثمار.
إن أهم سبب لاستقرار الشعوب هو الوقوف مع الشرعية والالتفاف حول ولي الأمر ومناصحته وعدم الخروج عليه فكما أنه واجب شرعي قد حث عليه ديننا وأكد ذلك في أكثر من حديث نبينا الكريم، فهو كذلك واجب وطني وأخلاقي وقد أثبتت الوقائع أن انزلاق الشعوب في أتون الحروب والفوضى كان سببه الرئيس خروج طائفة مخدوعة عن طاعة ولي الأمر دون مبرر ودون إجماع من علماء وعقلاء ومفكري وخيار الأمة، ولن تستقر دول المنطقة دون انفتاح الأنظمة على شعوبها ودون الوقوف مع الشرعية.
كل عام وولاة أمرنا وأمتنا وشعوبنا العربية والإسلامية والعالم بخير وسلام ووئام.