في محاولة مخلصة لإعادة منطقة العوامية بالقطيف إلى ما كانت فيه، أصدرت قبل أيام أكثر من مائة شخصية دينية واجتماعية سعودية بياناً أعلنت فيه تأييدها لخطبة الشيخ جعفر الربح «لتشكيل رأي عام مضاد لمواجهة الأعمال الإجرامية الشاذة والمستنكرة التي عانى منها المواطنون في بلدة العوامية». الموقعون على البيان بدأوه بقول الله تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون»، وقوله سبحانه، «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الأثم والعدوان»، وملخص البيان أن «الحوادث التي مرت واستهدفت المرافق الخاصة والعامة لا يقبلها مجتمع العوامية المسالم الذي يرفض كل جريمة وخصوصاً تلك التي تتخذ من العنف واستخدام السلاح منهجاً وتؤدي إلى زعزعة السلم الأهلي وتؤسس لشريعة الغاب التي تتنافى مع الشريعة الإسلامية الغراء وتعاليم أهل بيت النبوة عليهم السلام والمراجع العظام»، وأنه «بناء على هذا الموقف المبدئي نعلن نحن أهالي العوامية موقفنا ضد هذه الجرائم، ونشيد بما تفضل به الشيخ جعفر آل ربح في خطبة يوم الجمعة الماضية، ونشد على يده، ونأمل أن يتفاعل معها المجتمع لتصبح مبادرة لإدارة الأزمة وحلحلة الكثير من الأمور في بلدة العوامية لتعود العوامية أرضاً للسلام والمحبة والوفاء».

خطوة مهمة اتخذها الأهالي في العوامية انطلقت من دعوة جريئة أطلقها عالم دين في خطبة الجمعة وتؤسس لتيار سيقوى سريعاً وسيفتت السوء الذي أريد بالناس في تلك البلدة. مثل هذه الخطوة من الطبيعي أن تجد الدعم والمساندة من قبل الحكومة السعودية ذلك أنها دعوة خير ترمي إلى إغلاق باب أذى تضرر منه المجتمع. الخطوة نفسها يمكن أن تتم هنا في البحرين وتكون بداية الخروج من المشكلة التي أدخل البعض فيها البلاد لو توفر من يمتلك الجرأة ليدعو إلى تشكيل تيار مناهض لتيار السوء، وتوفر معه رجال يمتلكون القدرة على إصدار بيان جازم حازم يلتزمون بما جاء فيه ووقعوا عليه، فبمثل هذه الخطوة يمكن التوصل إلى النقطة التي يسهل الانطلاق منها إلى التفاهمات المطلوبة والممهدة للحل النهائي للمشكلة.

لم يعد مناسباً الاستمرار في الفرجة، ولابد أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم، ولا بأس لو جاءت المبادرة من خارج منبر الجمعة، فالمهم هو أن تأتي وأن يتوفر من يمتلك الجرأة ليعلن عنها ويتوفر من يتلقفها ويؤيدها قولاً وفعلاً، فمثل هذا الأمر لو تم سيجد دونما شك المساندة من الحكومة التي من الطبيعي أنها تريد أن توجد نهاية لهذه المشكلة التي تضرر منها الجميع وتتسبب في إرباك الحياة.

لو وجد أولئك الذين استمرأوا الإساءة للوطن وللمجتمع من يقف في وجههم بقوة لانتهت كل عمليات التخريب منذ زمن، ولو لم يكتف من يمتلكون القدرة على الوقوف في وجه أولئك بالإدانة والتأفف واعتبار المسؤولية مسؤولية الحكومة لما وصلنا إلى هذه المرحلة، فما وصلنا إليه من حال هو نتيجة الاكتفاء بالفرجة واعتبار الأمر من مسؤوليات الحكومة دون غيرها، لذا فإن المخرج مما صرنا فيه هو قيام من له تأثير في المجتمع بالإعلان عن مبادرة لتشكيل تيار وطني وشعبي قادر على الوقوف في وجه كل من يريد السوء لهذا الوطن، وقيام من يؤمنون بهذا بإصدار بيان واضح وقوي يؤكدون فيه تأييدهم للمبادرة ودعمهم لها ويعملون على التحشيد ضد كل من لا يزال ألعوبة في يد من يسعون إلى زعزعة الأمن في هذه البلاد. مبادرة أهل العوامية ستجد كل الدعم من الحكومة السعودية وستخلص المجتمع هناك سريعاً مما صار أفراده يعانون منه، ومبادرة أهل البحرين ستجد الدعم الحكومي والنهاية المفرحة نفسها لو توفر من يطلقها ويؤيدها.