انتشر بالأمس مقطع فيديو لمواطن في إحدى القرى يدعى علي فردان، تداوله البحرينيون بشكل واسع، وتسابقت مواقع التواصل الاجتماعي في نشره، ونشرناه نحن شخصياً أيضاً في حساباتنا.

ما جعل الناس يتفاعلون بقوة مع المقطع، ويتداولونه ويعيدون نشره، هو واقعيته التي تعبر عن «معاناة حقيقية» يعيشها أهل القرى البحرينية.

وحينما نتحدث عن «المعاناة الحقيقية» للبحرينيين المقيمين في هذه المناطق، فإننا لسنا نتحدث عن تلك الصورة التي يتداولها الإعلام الإيراني، وتحاول حسابات الانقلاب والخيانة ترويجها، بأن الأهالي هناك محاصرون، وحياتهم معطلة، وأن نقاط التفتيش الأمنية تقلق حياتهم، وأنهم في عزلة عن بقية المناطق.

بل المقطع يصور «المعاناة الحقيقية» التي يعيشها الأهالي البسطاء بسبب أعمال التخريب والإرهاب اليومية، وممارسات سد الشوارع والطرقات، وتصعيب حياة الناس على البشر، والأخطر الإرهاب الذي يمارس عليه إن هم تكلموا أو عارضوا القائمين على هذه الفوضى.

باختصار، المقطع الذي صوره المواطن البحريني علي فردان هو للحي الذي يقع فيه بيته في إحدى القرى، حي لا تتواجد فيه نقاط تفتيش، ولا رجال شرطة، لكنه حي مسدودة طرقاته بالحجارة والأسياخ المغروسة في الأرض، حي يعجز قاطنوه عن السير بسياراتهم أو إخراجها من المنزل؛ لأن كل الشوارع مسدودة، وفي الشارع الواحد تجد ثلاثة مواقع نثرت فيها الحجارة وقطع الإسمنت والحديد.

صرخ المواطن بألم وهو يرى حياته وحياة أهل حيه تتحول إلى مأساة حقيقية، وكأنهم في حصار. حصار ليس مضروباً من قبل الدولة ولا من أجهزة أمنها، بل حصار فرضته عليهم تلك الزمرة المخربة التي تغطي وجهها باللثام وتمضي لتخرب مرافق المنطقة، وتمارس يومياً أعمال التخريب والحرق وسد الطرقات.

ما ذنب هؤلاء الناس؟! لماذا يتم إقلاق حياتهم بهذا الشكل؟! هل هذه أعمال ترضي البشر؟! لماذا يعانون من أفعال عناصر ملثمة تأتيهم ليلاً لتخرب منطقة سكنهم وتسد عليهم طرق العبور والمرور، لتقول بعدها إنها «تمارس النضال ضد النظام، وتمضي في ثورة ضد أجهزة الأمن»؟!

هذه تساؤلات طرحها هذا المواطن الذي تجرد من الخوف من عمليات الترهيب التي تمارس على الأهالي داخل هذه القرى، من قبل قطاع الطرق وممارسي الإرهاب، نطقها بكل ألم، وكشف عن اسمه بشجاعة، وصور بيته وسيارته وحيه، داعياً لهؤلاء المخربين بالهداية، ونبههم إلى أن هذه الأعمال لا ترضي الله، وهي مضرة للناس وللمجتمع.

هذا المقطع نقل صورة واقعية حية عما يحصل داخل هذه القرى، وكيف يعاني أهلها من هذه الأفعال التخريبية، وكيف أن الكلمات مختنقة في حلوقهم خوفاً من الانتقام، أو استهدافهم فيما يملكون أو في حياتهم، وهي أمور حصلت سابقاً ضد مواطنين من الطائفة الشيعية الكريمة، وقفوا بشجاعة وعبروا عن رفضهم لهذه الفوضى، وانتقدوا أعمال التخريب.

من يريد أن يعرف الحقيقة التي تحصل في البحرين ليرى هذا الفيديو، وغيره من الفيديوهات التي انتشرت لشباب ملثمين يقومون بضرب أوتاد حديدة في الشوارع، ويضعون مصدات وموانع تعرقل السير، وكيف أن هذه الأفعال لا يبرزونها هم لمعرفتهم بأن العالم حين يراها سيدرك أنها أعمال إرهاب لا يقوم بها إلا إرهابيون.

كل هذا التخريب يحصل في القرى، يعاني منه الأهالي، وللأسف من يتفق مع مرتكبيها فهو ممن تنطبق عليهم الآية الكريمة التي تقول «يخربون بيوتهم بأيديهم»، إذ كل هذا الإجرام يتسبب في أضرار تقع على أهالي المنطقة أنفسهم.

فقط بالعقل، حين تسد الشوارع على الناس، وتعرقل حركة سيرهم، وتجمد حياتهم، وتحرق حاويات القمامة، وتخرب أعمدة الإنارة، وترهب أصحاب المحلات ليغلقوها، من المتضرر هنا؟! هل الدولة هي المتضررة؟! هل سينقلب النظام بهذه الطريقة؟! هل ستنشل حياة البحرينيين جميعهم؟!

على العكس، حياة الأهالي ستتعطل، وأصحاب الأعمال سيخسرون، والمنطقة ستعج بكوارث أخرى أبرزها المشاكل الصحية وتراكم القمامة والأدخنة السامة من حرق الإطارات، وستكون بمثابة منطقة مشحونة بالمشاكل وتعج بالمخربين. وبالتالي سيكون التعامل معها منطقيا عبر نقاط التفتيش وتدخل قوات الأمن لتحمي الناس وتعيد النظام، وفي كل الأحوال الأهالي البسطاء المسالمون هم من يدفعون الثمن.

ما الذي يدفع المواطن علي فردان إلى تصوير كل هذا، والتعبير عن غضبه واستيائه مما يحصل، رغم أنه قد يتعرض لاستهداف في شخصه وما يملك، وقد ينتقم منه المخربون لأنه كشف حقيقة أفعالهم، وبين أن هناك من أهل القرى من يرفض كل ذلك، لكنه يسكت خوفاً على سلامته؟!

تكلم؛ لأن الكيل طفح؛ ولأن حياة المواطنين في هذه القرى باتت تعيسة بفعل هذا التخريب، وصارت لا تقارن بحياة الناس الآمنة في بقية مناطق البحرين.

نأمل في أن نجد أمثلة أكثر من هذا المواطن الذي تكلم بالحق والحقيقة، وأن نصل ليوم نرى فيه أهل القرى الذين يريدون العيش بسلام في هذا الوطن، هم أنفسهم يعملون على طرد هؤلاء المخربين، ويساعدون الدولة في كشفهم والقبض عليهم ليحاكموا بالقانون.