لم نخطىء أبداً حين أكدنا قبل أيام في إحدى مقالاتنا عن كذبة اسمها «سوق العمل»، وعدم تناغم السوق مع مخرجات التعليم في البحرين. لم نكمل الحديث عن هذه المشكلة حتى وقعت بين أيدينا هذه القضية التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن وزارة التربية والتعليم ترسل أبناءنا الطلبة لتخصصات غير مطلوبة ولجامعات غير معترف بها مع الأسف، وإليكم الدليل عبر سرد هذه الحكاية.

ابتعثت وزارة التربية والتعليم إحدى المتفوقات البحرينيات للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة لدراسة مادة «الفنون التشكيلية» بجامعة اليرموك، حتى تخرجت في عام 2012 بتفوق من الجامعة المذكورة. هذه الشابة البحرينية قدمت أوراقها ثلاث مرات ولمدة 3 أعوام متتالية وقت أن تقوم وزارة التربية والتعليم بالإعلان عن فتح باب التوظيف لقسم «التربية الفنية»، وفي كل مرة تقوم الوزارة «بتوزيعها» رافضة قبول أوراقها لهذه الوظيفة تحت ذريعة أن مادة «الفنون التشكيلية» التي أرسلتها الوزارة من ميزانية الدولة لا تصلح لوظيفة قسم «التربية الفنية»، ثم يخبرونها أن الوزارة لو فتحت باب التوظيف لقسم «مجالات» لتم قبول استلام أوراقها!

نحن نحاول أن نطرح على وزارة التربية والتعليم مجموعة من الأسئلة المهمة. كيف تبتعث الوزارة شابة بحرينية متفوقة لدراسة الفنون التشكيلية قبل تسعة أعوام وهي تعلم علم اليقين أن لا مجال لها في قائمة الوظائف المطروحة؟ كما نحب أن تتفضل علينا الوزارة لتخبرنا لماذا لا تصلح «الفنون الجميلة» كتخصص أكاديمي لدخول قسم التربية الفنية؟

حين قدَّمت هذه الشابة البحرينية المتفوقة أوراقها هذا العام جاؤوا لها بعذر أقبح من سابقه، وهو أن وزارة التربية والتعليم تخبركِ أيتها المتفوقة أن الفنون التشكيلية قسم الفنون البصرية بجامعة اليرموك والتي أرسلناكِ لها غير مستوفاة للشروط الخاصة بالجامعات المقبولة والمعترف بها في مملكة البحرين! بعد ذلك قال لها موظف قسم استلام طلبات التوظيف حين قدمت له أوراقها» لا تتعبين حالك ما في فايدة، عطيني الاستمارة وتوكلي على الله»!

قبل أن أنهي هذه المشكلة سأسرد على وزارة التربية والتعليم قضية مهمة حصلت في إحدى مدارس البنات الابتدائية ربما تتعلق بموضوعنا هذا من قريب. تقول القصة، شَكَتْ مدرسة ابتدائية للبنات نقصاً شديداً في «معلمات نظام فصل» ولأن الوزارة لم تقم بتوظيف العاطلات في هذا التخصص، قامت الوزارة «مشكورة» بعد عدة أشهر من طلب إدارة المدرسة المذكورة بإرسال معلمة عربية تخصص «فنون تشكيلية» لتعليم الطالبات نظام فصل». هذا الإجراء الذي قامت به وزارة التربية والتعليم يرشدنا حتماً أن الوزارة مستعدة ولديها تقبُّل أخذ أوراق هذه البحرينية لأن القصة التي ذكرناها قبل قليل تُفْهِمُنا أن أنظمة الوزارة فيما يتعلق بمسألة الالتزام بالتوظيف الخاص والحَرْفِي لكل تخصص باتت مسألة «سائبة»، وهنا نسأل السؤال الأخير، أليست المتخرجة البحرينية أولى من «غيرها» في أن تُؤخذ أوراقها ويتم توظيفها بكل احترام ودون الحاجة لإهانتها وبهدلتها في كل عام؟ أم أن «عذاري» تسقي البعيد فقط؟