تصريح حسين أمير اللهيان حول وزير الخارجية السعودي اختبار جديد للصراع الإيراني الإيراني، لا الصراع الخليجي الإيراني. حسين أمير اللهيان كان إلى وقت قريب نائباً لوزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية الأفريقية، لكنه كان يعتبر رجل الحرس الثوري الإيراني داخل وزارة الخارجية، وحين ضاق ظريف به تخلص منه وأقاله العام الماضي ليتخلص من تأثير الحرس الثوري في وزارته. والصراع بين الخارجية الإيرانية والحرس الثوري صراع متجدد كلما جاء استحقاق دولي لإيران، فالمؤسسة العسكرية «الحرس الثوري» تستمد رؤيتها من باطن عقيدة أيديولوجية لا تعير اهتماماً لأية أعراف دبلوماسية أو قوانين دولية مما يتعارض وبشدة مع رؤية الأعراف الدبلوماسية التي تحتاجها الخارجية، واليوم إيران تواجه استحقاقات دولية عسيرة وصعبة تتطلب أن تكون للخارجية الإيرانية صلاحيات واسعة كي تتمكن من إبرام صفقاتها، في الملف السوري واليمني والروسي والأمريكي والملف الخليجي وعلى رأس هذا الملف العلاقات السعودية الإيرانية. تحرك روحاني الأخير باتجاه دول الخليج الذي يرنو للتهدئة على هذه الجبهة حتى تتفرغ إيران لجبهات أخرى، أقلق الحرس الثوري الإيراني الذي يبدو أن له -كالعادة- رؤية مغايرة عن تلك الاستحقاقات ولا عجب أن يتحرك لعرقلة عمل الخارجية الإيرانية وبسرعة. فما إن تحرك روحاني باتجاه دول الخليج لجس النبض ومعرفة مدى إمكانية «التفاهم» السعودي الإيراني، حتى سارع اللهيان الذي أقيل من الخارجية وعين مستشاراً لرئيس الشورى الإيراني علي لاريجاني بالطلب من قناة الميادين التابعة لحزب الله أن تجري معه لقاءً خاصاً، وقام بإطلاق تصريح مستفز باتجاه المملكة العربية السعودية، لإحراج جبهة «روحاني وظريف» وقطع الطريق عليها. اللهيان وصف عادل الجبير وزير خارجية المملكة العربية السعودية أمس «بالعصبية» وقال إن الجبير يصلح وزيراً للدفاع لا للخارجية، وإن أفعال الجبير ليست أفعال دبلوماسي أو من يفهم بالدبلوماسية!! المفارقة المضحكة في تصريح اللهيان، أن اللهيان نفسه أقيل العام الماضي من وزارة الخارجية بسبب سوء خلقه وأطباعه ولسانه الذي لا يريد أن يضعه في «لهاته»، وكان جواد ظريف وزير الخارجية قد ضاق ذرعاً بتصريحاته فأقاله من منصبه بناء على نصائح عديدة وصلت للخارجية الإيرانية آخرها كان نصيحة عمانية، طالبوا فيها ظريف بإسكات هذا الشخص الذي لا يصلح للدبلوماسية الإيرانية الجديدة التي تريد أن تنفتح على العالم وتريد أن تعيد ترتيب بيتها من أجل إنجاح الاتفاقية النووية ومن أجل تقديم وجه إيران الفارسي لا الوجه الإسلامي المتشدد الذي يمثله اللهيان في الخارجية الإيرانية، وكذلك بناء على نصائح أيباك اللوبي الصهيوني الأمريكي الذي وجد في تصريحات اللهيان خطراً يهدد الاتفاقية إبان إدارة أوباما، فتحالف ظريف مع روحاني للضغط على خامنئي باتجاه إقالته وإبعاد تأثير الحرس الثوري الإيراني عن الخارجية وتعيين «الأنصاري» بدلاً منه «وكان اللهيان قد طرد من البحرين بعد أن كان سفيراً لإيران منذ عام 2007 إلى عام 2010» لكنه اليوم عاد للواجهة من جديد بعد أن أخذه رئيس مجلس الشورى عنده في 18 يوليو الماضي وجعله مستشاراً له للشؤون الدولية!! اللهيان سيكون مشغولاً في الأيام القادمة وسنرى تصريحاته بكثرة، فهو سيكون ممثلاً لرؤية الحرس الثوري في الملفات الدولية الطافحة على السطح، وتحركه الآن سيكون واجهة للصراع التقليدي بين الحرس والخارجية وسنشهد تحركاً محموماً في الأيام القادمة منه ومن قاسم سليماني ومن رمضان شريف الناطق الرسمي للحرس الثوري الإيراني ومن حسين سلامي نائب الحرس الثوري لعرقلة عمل الخارجية الإيرانية قدر المستطاع، فالحرس الثوري لن يسمح لإيران أن تكون لها علاقات طبيعية مع العالم الخارجي. لقد قلت في مقالات سابقة إنه ليس في إيران رجل ممكن أن تعتمد على تعهداته، فما إن «رقع» روحاني بعض الفتق بين دول الخليج وبينهم في الكويت ومسقط، حتى سارع اللهيان بشقه من جديد!!