"ثلاثة، اثنان، واحد، أكشن"! يصرخ الفتى السوري مصطفى عبد الله بنبرة حازمة وهو يقف خلف كاميرته إيذاناً ببدء التصوير، ليباشر نحو عشرة أطفال عزف وأداء أغنية شعبية في باحة في مخيم شاتيلا في جنوب بيروت.

تصدح حناجر الأطفال اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة أعوام و14 عاماً بأغنية عن الحب والشوق، بينما يعزف آخرون على آلات مختلفة.

ويتولى مصطفى (11 عاماً) وتهاني (9 سنوات) تصوير فيلم موسيقي قصير يندرج في إطار مشروع بعنوان "فيلم اللاجئين".



ويهدف المشروع الذي تنفذه مجموعة من المتطوعين الأجانب بالتعاون مع منظمة "اس بي اوفرسيز" البلجيكية غير الحكومية، إلى تقديم صورة عن الأطفال السوريين مختلفة عن تلك التي تجتاح وسائل الاعلام منذ ست سنوات، وهي صورة الموت والتشرد والجوع.

في باحة أمام مقر جمعية محلية تعنى بتقديم خدمات تعليمية ونشاطات للاجئين السوريين في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، يتجمع نحو ثلاثين طفلاً، يتناوبون على التصوير والغناء والتمثيل، في تجربة جديدة تنقلهم إلى عالم الأضواء والشهرة بعيداً عن معاناة اللجوء وصعوبة العيش في المخيم المكتظ.

ويقول مصطفى لوكالة فرانس برس بعد انتهائه من التصوير "سابقاً كنت أجيد التصوير عبر الهاتف فقط، لكن هنا تعلمنا التصوير بالكاميرا"، مضيفاً "نتعلم ونتسلى كثيراً".

قبل عام ونصف العام، فرت عائلة مصطفى من مدينة منبج التي كانت تعد أحد أبرز معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة حلب في شمال سوريا، قبل أن تسيطر عليها قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف من المقاتلين الأكراد والعرب، الصيف الماضي.

ويقول القيمون على مشروع "فيلم اللاجئين" إنهم يسعون إلى تنمية مواهب الأطفال السوريين ودفعهم إلى اختبار تجربة الوقوف خلف الكاميرا والتمثيل أمامها، فلا يبقون في نظر العالم، مجرد ضحايا لحرب مدمرة.

ومصطفى هو واحد من أكثر من نصف مليون طفل لاجئ من سوريا موجودين حالياُ في لبنان، وفق إحصاءات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.

ويوضح الفتى الذي يتصرف في موقع التصوير كما لو أنه محترف، فيطلب من زملائه الاستعداد حيناً والتزام الصمت حيناً آخر، "صورنا خمسة ـفلام.. وأحببت التصوير كثيراً".

ويتابع بحماس "آمل عندما أكبر، أن أصبح مصوراً حقيقياً وصحافياً وأعلّم الأطفال كيفية استخدام الكاميرا".