هناك الكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية تحدث نهاراً جهاراً في شهر رمضان المبارك. نحن اليوم على يقين أن الكثير من هذه الظواهر بدأت تنحسر بسبب كميات التوعية والنقد الموجه عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتلكم السلوكيات الخاطئة، ومع ذلك من الضروري الضغط باتجاه إنهاء كافة السلبيات الرمضانية في أوساطنا ليتحقق مفهوم الصوم بطريقة حضارية بعيداً عن الإسفاف والاستخفاف بالقيم والمفاهيم الروحية التي جاء بها شهر الرحمة.

ما زالت هناك بعض من مظاهر الإسراف في عالمنا العربي فيما يخص أهمية المحافظة على الطعام وعدم الإسراف في شراء المواد الغذائية والاستهلاكية، حتى أن بعض المؤسسات المعنية التفتت إلى هذه الظاهرة فحذرت قبل الشهر الفضيل من شراء المواد التموينية بشكل عشوائي أو خوفاً من نفاد الكمية المطروحة في الأسواق كما يتوهم بعض المستهلكين، بل هناك بعض المتاجر الكبيرة وضعت لافتات تحث المستهلك على شراء ما يحتاجه من مواد غذائية بعيداً عن الشراء العشوائي، وعلى الرغم من كل هذه التوجيهات إلا أن ثقافة الاستهلاك مازالت ضعيفة عند شريحة كبيرة من المجتمع، ولهذا يجب الدفع باتجاه إنهاء هذه الأزمة الاستهلاكية الرمضانية التي تحصل في كل عام.

هناك مظاهر سلبية أخرى تتعلق بقضايا الاستهلاك الخاطئ وتتمثل في كميات الزهو والتباهي بأنواع الأكل وعديد الوجبات والطبخات اليومية التي يقوم بتصويرها الكثير من الأفراد ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هذا السلوك غير المسؤول ربما يجرح الكثير من الفقراء أو أصحاب الحاجة الذين لا يملكون قوت يومهم أو بالكاد يستطيعون شراء بعض الطعام الضروري للإفطار. إن تصوير الأطباق الرمضانية ما لذ منها وما طاب ونشرها يجرح مشاعر المحتاجين، ولهذا يجب على الجميع أن يحرصوا على ألا ينشروا إسرافهم وبذخهم في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يؤلم الفقير، وهذا الأمر منافٍ لفلسفة الصوم والهدف الذي فرض من أجله.

المسألة الأخيرة التي يمكن أن نلفت لها عناية الصائمين الكرام هي مظاهر الغبقات الرمضانية التي تقترب كثيراً من فكرة «السحور»، وهي موائد كبيرة فيها من أصناف الطعام الكثير، تقوم بها عادة المؤسسات والشركات التجارية وبعض الوزارات الحكومية فيدعى لها المنتسبون لتلكم الجهات. هذه الغبقات الرمضانية «ياريت» تلغى بسبب كميات الإسراف فيها، خصوصاً وأن غالبية المؤسسات مدعوة لترشيد إنفاقها في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية، أو على أقل تقدير يجب تقنين الغبقات في حدها الأدنى وليس الأقصى، مما يساهم في نشر وعي الناس نحو أمور أكثر أهمية من طعام زائد يرمى بالأطنان منه نهاية كل يوم في الحاويات الكبيرة بينما هناك في الضفة الأخرى رب أسرة لا يستطيع أن يشتري لطفلته فردة حذاء للعيد.