في إحدى دول الجوار، دخل أحد مفتشي وزارة الصحة هناك متخفِّياً بزيه العادي لإحدى المقاهي ليلاً لمراقبة وضع المقهى وتأكد خلوه من أي مخالفة، وفي الأثناء رأى المفتش مجموعة من المراهقين -من هم دون سن 18 بكثير- يقومون بعملية التدخين عبر ما يسمى «بالشيشة»، فما كان منه إلا أن قام باستدعاء مدير المقهى واستنكاره لهذه المخالفة من طرف المقهى، فقام المدير بتوبيخه وقال له «هذا مب شغلك وإذا مب عاجبك اطلع برع». قام المفتش في الحال بإبراز بطاقة عمله للمدير، فما كان منه إلا أن قدم له اعتذاره الشديد وأخذه بمفرده وعرض عليه «رشوة» محترمة شريطة عدم الإبلاغ عن المخالفة. في اليوم التالي جاءت الشرطة وقامت بتشميع المقهى بالشمع الأحمر ومحاكمة المدير بتهمة عرض رشوة لأحد موظفي الدولة.

قبل أيام، حين زرت صديقي في أحد المقاهي التي يُسمح فيها بتدخين الشيشة -على الرغم أني لستُ من المدخنين- رأيت مجموعة كبيرة من الشباب الصغار والمراهقات من هم دون سن الـ18 عاماً يقومون بعملية التدخين عبر الشيشة التي يقدمها لهم المقهى دون حسيب أو رقيب. لم تكن هذه المرة الأولى التي أرى بأم عيني شبابنا الصغار جداً وشاباتنا الصغيرات جداً وهم يدخنون الشيشة في مختلف مقاهي البحرين، فأصحاب المقاهي يكتفون بتعليق اللافتة الرسمية على بوابة المقهى الداخلي التي تؤكد عدم سماح دخول المقهى أو استعمال الشيشة لمن هم دون سن الـ18 لكن في الحقيقة والواقع لا أحد يلتزم من المقاهي ولا حتى من روادها بهذا الشرط المهم إلا القليل منهم، حتى أصبح القانون مع الأيام مجرد «لافتة» توضع على باب المقهى من باب ذرّ الرماد في عيون المؤسسة الرسمية!

ليست المهمة الرسمية تتعلق بإعطاء التراخيص للمقاهي باستعمال الشيشة وبيعها والسلام، بل المهمة الأكبر والأكثر أهمية هي في متابعة ومراقبة كل المقاهي التي تخالف اللوائح والأنظمة المتعلقة بالصحة، وفي حال مخالفة إحداها لأبسط الاشتراطات فإن الواجب القانوني يحتم على الجهات المختصة بمعاقبة المقهى حتى ولو وصل الحال إلى تشميعها بالشمع الأحمر. كما نطالب بفتح خط ساخن للجمهور للتبليغ عن كل المخالفات التي ترتكبها الكثير من المقاهي بسماحها للصغار من الجنسين بتدخين الشيشة داخل أسوارها، كما نطالب بعدم اكتفاء المفتشين بالعمل في النهار فقط، إذ إن أغلب المخالفات تكون خارج أوقات الدوام الرسمي، فتطبيق القانون أهم من استمرار مقهى لا يلتزم بالقانون، إذ لا همَّ لصاحبه الجشع سوى جمع المال ولو على حساب الصغار وصحتهم وسلامتهم.