أعرب حقوقيون عن أسفهم لمحاولات قطر المستمرة لاستغلال الملفات الحقوقية، ومحاولة الدوحة تشويه صورة الدول الخليجية من خلال ادعاءات كاذبة وتقارير مفبركة، في حين تتجاهل الكثير من القضايا الحقوقية والإنسانية على أراضيها، وفي مقدمتها ملف العمالة الأجنبية.

جاء ذلك في حلقة جديدة من برنامج "ما وراء الخبر" والذي يبث يومياً على تلفزيون البحرين، بمشاركة رئيس "حقوقيون مستقلون"، سلمان ناصر، ورئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، محمد الكعبي، ورئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، محمد عبدالنعيم، والذي تناول إدعاءات الإعلام القطري بشأن ملفات حقوق الإنسان في مملكة البحرين.

وأكد رئيس "حقوقيون مستقلون"، سلمان ناصر، أن ما يتم تداوله في الصحف القطرية بشأن الحالة الحقوقية في مملكة البحرين كلام مرسل لا تدعمه إثباتات أو حقائق مضيفاً "أننا في البحرين نفخر أنه ومنذ انطلاق المشروع الإصلاحي لسيدي جلالة الملك المفدى، حققت البحرين قفزات على كافة المستويات سوى الحريات أو الديمقراطية، والتي طالت كل مناحي، المرأة والطفل والقضاء والانتخابات البلدية والنيابية، كذلك نفاخر بهذه الإنجازات، ويكفينا التقارير الأممية التي تشير إلى ما حققته البحرين، ناهيك عن القفزة التي وصلت إليها البحرين في ظل المشروع الإصلاحي".


وأضاف ناصر؛ "إذا تحدثنا عن النظام القطري فلا يمكن أن نتحدث إلا عن ملف أسود أساء إلى مؤسسات حقوق الإنسان وإلى رسالتها السامية، فالنظام القطري آخر من يتحدث عن حقوق الإنسان، إذ إن هناك استياءً شديداً من هذا النظام والذي قام بتوظيف العمل الحقوقي لتمويل الإرهاب ودعم الميلشيات المتطرفة تحت مسميات خيرية وأعمال تطوعية، وهذا ما كشفه العالم، إذاً نتحدث عن ملف أسود للنظام القطري وهو موثق بالحقائق والأدلة الدامغة".

وعن الوضع الداخلي القطري، أشار سلمان ناصر إلى أن "النظام القطري لا يعترف بفكرة المؤسسات أو الكيانات السياسية، فلا يوجد أحزاب أو مؤسسات مجتمع مدنية فاعلة، أما في الجانب الحقوقي أعتقد أن ما وصل اليه النظام القطري من تجاوزات، سواء على مستوى المواطنين أو العمالة الأجنبية، فهو ما يندى الجبين له".

وبشأن ملف حقوق العمال الأجانب في قطر، أشار ناصر إلى أنه يشكل تحدياً للاتحاد الدولي لكرة القم "فيفا" ولمجلس حقوق الإنسان لما ارتكب فيه من مخالفات وانتهاكات لا تستقيم مع القرن الحادي والعشرين، إذ لا يوجد على وجه الكرة الأرضية بلد متحضر يقوم باستقطاب آلاف العمال لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية وينكر على هؤلاء العمال أبسط حقوقهم.

وأشار ناصر إلى التقرير الذي تناوله مجلس حقوق الإنسان عام 2014، وكذلك الزيارة التي قام بها المجلس عام 2016، حيث تطرق إلى رواتب العمال، التي توازي 3 دولارات لليوم الواحد، وهو ما شكل صدمة كبيرة للمجلس، ففي حين تحقق الحكومة القطرية والشركات أرباحاً بمئات الملايين لا يحصل العامل إلا على فتات لا يكاد يبقيه على قيد الحياة.

وعن إساءات النظام القطري لمنظومة حقوق الإنسان العالمية، أوضح سلمان ناصر "أننا نتحدث عن بلد يدعي احترامه لحقوق الإنسان، وهو امر مجاف للحقيقية، فمؤسسة كرامة على سبيل المثال يترأسها شخص على قوائم الإرهاب العالمية، وهو عبدالرحمن بن عمير النعيمي، وهنا يحق لنا أن نطرح سؤالاً؛ كيف يمكن التعاطي مع بلد يدعي حمايته لحقوق الإنسان في ذات الوقت الذي يتم وضع شخصيات رسمية من النظام على قوائم الإرهاب العالمية، واعني هناك وزير الداخلية عبدالله بن خالد آل ثاني، والذي قام بإيواء خالد شيخ محمد وآخرون.

وتطرق سلمان ناصر إلى المحاولات القطرية لتسييس ملف الحج، ومحاولات الإعلام القطري تشوية صورة المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيكلف الدوحة كثيراً، إذ إن جميع دول العالم قاطبة تشهد للملكة العربية السعودية بحسن إدارتها لمواسم الحج وحرصها الكبير على تحقيق أعلى مستويات الراحة والتسهيلات للحجاج.

ووجه ناصر رسالة إلى الشعب القطري، واصفاً أنه يعيش مأساة حقيقة نتيجة لما يقترفه النظام من أخطاء على كل الأصعدة، وقال "إننا نشعر بمعاناة الأشقاء في قطر، وما يتعرضون له من قبل حكام الدوحة أمر مؤذ ومؤلم، حيث الاسقاطات والتقارير المفبركة والكاذبة عن دول الجوار، وإن كان ليس بالأمر الغريب على حكام الدوحة والذي وظف إعلامه ومن استأجرهم، سواء بشراء ذممهم من مؤسسات حقوقية أو مراكز بحثية أو إعلاميين أو قنوات إعلامية، للإساءة إلى دول الخليج العربية".

إلى ذلك وخلال مشاركته عبر الأقمار الاصطناعية، عبر رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، محمد الكعبي، عن أسفه للمحاولات القطرية لتسييس ملف حقوق الإنسان ومحاولة استغلاله كورقة ضغط على الدول الخليجية والعربية.

وأضاف أن "هناك ادعاءات قطرية مستمرة بشأن تعرض المواطنين القطريين لانتهاكات من قبل السعودية والبحرين والإمارات، وهو ما دفعنا للتواصل مع الأشقاء في قطر، وتحديداً رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور علي بن صميخ، وطلبنا منه موافاتنا بأي حالات وسنقوم بدراستها بشكل جدي وعرضها على المسؤولين، وقد كان هدفنا تحقيق أقصى حماية لحقوق الإنسان، لكن للأسف الشديد لم نتلق أية معلومات، وتفاجأنا أنه تم استغلال هذه الادعاءات كملف سياسي، وللعلم فإنه لا توجد في دولة قطر مؤسسات مجتمع مدني أو مؤسسات معنية بحقوق الإنسان".

وأضاف الكعبي؛ كنا نطالب دائما من خلال المؤتمرات واللقاءات أن لا يتم تسييس الملفات الحقوقية، وكنا ننتقد المنظمات الأجنبية التي تحمل أجندات سياسية خارجية، لكن اليوم نجد أن الاعلام والمؤسسات القطرية تحاول بشتى الطرق تسيسس الملفات الحقوقية لتحقيق أهداف خاصة، والأصل في ذلك أن يتم حل مثل هذه القضايا فوراً وبالطرق الرسمية، وحسب الاتفاقات الدولية، التي تؤكد أن يتم مخاطبة كون الحالات الإنسانية لا يمكن تأجيلها وتحتاج إلى تدخل فوري.

وأبدى الكعبي استغرابه من محاولة قطر ترويج فكر المظلومية، مطالباً الجهات الحقوقية في قطر تناول هذه الملفات من زوايا حقوقية بحتة وعدم إقحام السياسة والقرارات السياسية فيها، وأن يتم الحديث فيها من خلال منظمات المجتمع المدني المعنية في الأمر مؤكداً أن قادة الخليج العربي يحملون هم المواطن الخليجي بشكل كبير ويسعون إلى حل كل قضاياه.

وبشأن وضع العمالة الاجنبية في قطر، أشار محمد الكعبي إلى انتشار تقارير كثيرة عن صعوبة الوضع الذي يعيشه العمال الأجانب في قطر، والنقص الكبير في المواد الغذائية، إلى جانب قلة الرواتب، بل وصل الأمر إلى عدم دفع الرواتب رغم قلتها، وهو ما يتوجب على حكومة الدوحة اتخاذ إجراءات سريعة لحمايتهم والدفاع عن مصالحهم.

وأعرب الكعبي عن استهجانه بقرار السلطات في الدوحة إعفاء 80 جنسية من "الفيزا" حيث لا يشمل هذا القرار أية جنسية عربية، وهو ما يؤشر إلى أن هناك سياسة خفية تتبعها الدوحة في هذا الشأن.

من جانبه، وخلال مشاركته عبر الهاتف من القاهرة، أكد رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، محمد عبدالنعيم، أن قطر لم تحترم حقوق الإنسان ولا حقوق العمال، ولا تعترف أصلا بحقوق الإنسان ولا تعترف بدولة المؤسسات والاحزاب السياسية، إذ لا يوجد بها دستور أو برلمان ولا يوجد بها مؤسسات.

واستغرب عبدالنعيم فكرة مقارنة دولة قطر مع مملكة البحرين، والتي حققت انجازات مبهرة على صعيد حقوق الانسان، وكانت الدولة الوحيدة التي عملت على إنشاء محكمة حقوقية عربية، إضافة ما حققته من عدالة وتمكين في التعليم وتحسين الصحة وحقوق السجناء والموقوفين.

أما من الناحية السياسية؛ فقد كانت البحرين طوال تاريخها نقطة سلام وأمن واستقرار، بل وساهمت في تحقيق الأمن في الكثير من دول العالم، على عكس ما نرى في قطر والتي تعمل على تفتيت المنطقة من خلال زرع ودعم الكيانات الإرهابية والتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، وهو ما دفع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لمقاطعتها.

وبشأن تأثيرات الأزمة القطرية على الدوحة أوضح عبدالنعيم أن قطر تواجه انخفاضاً في الاحتياط النقدي يصل إلى 30%، وارتفع حجم التضخم فيها إلى حوالي 70%، بمعنى أنها تسير في طريق الانهيار الاقتصادي إذا استمرت المقاطعة، وكل ذلك بسبب السياسات العدوانية التي تبنتها طوال السنوات الماضية.