المملكة العربية السعودية شرفها الله سبحانه وتعالى بأن تحمل راية التوحيد، واصطفاها لتكون حامية للحرمين الشريفين، وأن تعكف دوماً لخدمة ضيوف الرحمن وحجاج بيته الحرام، ففي كل عام يسجل التاريخ نجاح موسم الحج بكل جدارة، بحيث يغادر حجاج بيت الله الحرام مكة المكرمة وهم مستبشرون بقبول حجتهم يسألون الله عز وجل المغفرة ويدعونه بأن يمدهم بالعمر حتى يؤدون الركن الخامس من أركان الإسلام مرة أخرى حباً وشوقاً لرؤية بيت الله الحرام.

المملكة العربية السعودية تبذل جهوداً جبارة وهي تستقبل الملايين من الحجاج وضيوف الرحمن من جميع أقطار العالم، وفي كل عام تيسر المملكة كل السبل وتذلل الصعاب والعقبات لاستقبال الحجاج عبر المنافذ الجوية والبرية والبحرية، حتى مغادرتهم مرة أخرى إلى أوطانهم، وتعمل جاهدة بكل طاقاتها وإمكانياتها العظيمة حتى تحظى برضا الله ثم رضا ضيوف الرحمن، ولا ينكر هذه الجهود إلا أصحاب القلوب السوداء وأصحاب الفتن والقلاقل. ويشهد الشعب القطري على جهود حكومة المملكة العربية السعودية وقادتها في كل زيارة لهم لمكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء مناسك الحج أو العمرة أو زيارة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقيناً هم يدركون بألا أحد يستطيع أن يخدم الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن بهذه الصورة المشرفة غير المملكة العربية السعودية وآل سعود الكرام.

من المؤسف أن تكون «العثرة» التي تحول بين الحجاج القطريين هذا العام وأداء فريضة الحج هي النظام القطري، ففي الوقت الذي يستقبل مطار حمد الدولي -بقطر- الطائرات الإسرائيلية، يرفض النظام استقبال الطائرات السعودية والسماح لنقل الحجاج القطريين إلى الأراضي المقدسة، فأي عثرة أقسى من أن تحول بين المرء ودينه، فهل يضمن النظام القطري أعمار من نوى الحج من الشعب القطري هذا العام حتى يمنعهم من أداء فريضة الحج لوقت آخر؟ وهل المنع هو ضربة لفارس آل ثاني سمو الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني على دوره في الوساطة مع المملكة العربية السعودية لتسهيل أمور الحجاج القطريين أم أن هناك سبباً آخر؟ ولكن يبدو أن الأمر أكبر من ذلك، هذا الأمر، قد يربك النظام القطري أكثر، ويزيد من حالة الفوضى التي عليها الحكومة القطرية الآن.

ولكن هل أداء فريضة الحج جريمة عظمى تجعل النظام القطري يحاسب كل حاج قطري ويكون رهن الاعتقال والاستجواب بعد رجوعه إلى أرض الوطن كما تداول بعض المغردين القطريين؟ غريب هذا القرار ولكن غير مستبعد على أسرة تبنت الانقلابات داخل أروقتها وعلى مؤسسي دولة قطر من قبل، من يجب أن يستجوب ويعتقل ويسجن ليس من شرح قلبه لأداء فريضة الحج وإنما من تلطخت يداه بدماء الشعوب وهجر العوائل وأشاع الإرهاب والفوضى في كل بلد. المجرمون الحقيقيون هم من سخروا كل الطاقات والإمكانيات والمال لتغيير الأنظمة والإطاحة بالقيادات العربية وتشتيت صفوف العرب والمسلمين، أما الحجاج فهم ضيوف الرحمن وأحباؤه.

تتسارع وتيرة الخوف داخل منظومة الحمدين فالانشقاق واضح بين صفوف القطريين والعائلة الحاكمة، وكأس الخوف لا بد للنظام أن يذوقه ويشرب منه كما سقاه للآخرين وللشعوب المستقرة، ولا يستبعد الإطاحة بنظامه تماماً كما تبنى هو تغيير الأنظمة والاستهانة بالقيادات والشعوب العربية والدين.