مكة المكرمة - (وكالات): بدأ أكثر من مليوني حاج غروب الخميس النفرة إلى مزدلفة بعدما وقفوا على صعيد عرفة حيث أدوا الركن الأعظم من الحج في موكب إيماني مهيب رددوا خلاله التلبية والدعاء طلباً للمغفرة. وبقي الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس، ثم بدؤوا النفرة إلى مزدلفة للمبيت بها. ودرج الحجاج على جمع حصوات الرجم منها لكي يستخدموها الجمعة في منى لرمي جمرة العقبة الكبرى غداً الجمعة.

وكان الحجاج بدؤوا منذ الفجر بالتدفق نحو جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم، في حين حلقت فوقهم طيلة النهار مروحيات عدة لرصد حركة سيرهم تسهيلاً لتنقلهم.

والخميس بدا جبل عرفات وقد طغى عليه اللون الأبيض، لباس الإحرام لدى الحجاج من الرجال حتى لا تكاد ترى صخوره.



وجلس حجاج آخرون في خيم بسيطة أو على ما توفر من فرش على جنبات الطرق.

وقالت الشقيقتان ندى وفدا "52 و 47 عاماً" وهما من حماة وسط سوريا، إنهما تتضرعان للسلام في بلدهما.

وأضافت ندى "أريد أن تعود سوريا كما كانت من قبل" قبل أن تقول فدا "أرغب في عودة شبابنا".

وترددت في الأرجاء كلمات التلبية والدعاء في حين كان الحجاج يرفعون أياديهم للسماء.

وفترة الوقوف بصعيد عرفة تمتد من زوال شمس الخميس إلى طلوع فجر اليوم التالي الجمعة وهو أول أيام عيد الأضحى. ويؤدي خلاله الحاج صلاتي الظهر والعصر جمعاً بأذان واحد وإقامتين.

وبقي الحجاج في عرفة حتى غروب الشمس، ثم بدؤوا النفرة إلى مزدلفة للمبيت بها. ودرج الحجاج على جمع حصوات الرجم منها لكي يستخدموها الجمعة في منى لرمي جمرة العقبة الكبرى.

وشهد صعيد عرفة خطبة الوداع التي ألقاها النبي محمد قبل وفاته منذ نحو 1400 عام من جبل الرحمة أعلى نقطة في عرفات.

وقبل الساعة 10:00 صباحاً بعرفة فاقت درجات الحرارة 36 وخصص قسم في المستشفى الواقع قبالة جبل الرحمة للعلاج من ضربات الشمس.

وقال بندر الحارثي وهو ممرض في مستشفى بجبل عرفات "إن بعض الحجاج يغفلون عن حماية رؤوسهم بشمسية مثلاً عندما يصلون".

من جهته أوضح الطبيب مشعل العنزي من الهلال الأحمر السعودي "لقد نشرنا 326 سيارة إسعاف على مسار الحجاج ويمكنها بسرعة فائقة أن تتكفل بأي حاج يصاب بوعكة".

وقال مولانا يحيى "32 عاماً" القادم من جاكرتا "صعدت إلى هنا الليلة الماضية وصليت وتضرعت لله. والتقطت صوراً واتصلت بأسرتي وأصدقائي".

ومع غروب الشمس يبدأ الحجاج نفرتهم إلى مزدلفة قبل التوجه إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى والاحتفال بأول أيام عيد الأضحى الجمعة ثم يرمون السبت الجمرات الثلاث في أيام التشريق الثلاثة "اثنان للمتعجل أي من عليه العودة سريعاً لبلاده" رمزاً لرفض غواية الشيطان.

ونصبت حواجز متنقلة عند سفح جبل عرفات لتنظيم تدفق حشود الحجاج خصوصاً عند تصعيدهم ونفرتهم. وأوضح أحمد البركة "نحن نحركها بحسب مستوى تدفق الحجاج".

وخصصت السلطات السعودية إمكانيات كبيرة لتأمين سلامة الحجيج وتؤكد أنها على أتم الاستعداد لمواجهة أي طارئ خلال أداء هذه الحشود المليونية لمناسكها في مساحة لا تزيد عن بضع كيلومترات مربعة.

وقال مسؤولون إن السعودية اتخذت كل الإجراءات الاحترازية الضرورية ونشرت ما يربو على مائة ألف من أفراد قوات الأمن و30 ألف عامل في مجال الصحة للحفاظ على سلامة الحجاج وتقديم الإسعافات الأولية.

وعرض التلفزيون السعودي لقطات فجر الخميس لتغيير كسوة الكعبة المشرفة وهو تقليد سنوي يحدث في يوم عرفات كل عام.

وقالت الحاجة فاطمة العرفاوي وهي من باجة في الشمال الغربي التونسي "إنها المرة الأولى التي أشهد فيها الحج، سأدعو لأطفالي الثلاثة وأسرتي اليوم".

وجلست ثماني نساء من غانا لالتقاط الأنفاس قرب جبل الرحمة بعد مسيرة ليلية شاقة للوصل إلى عرفة من منى شرق مكة المكرمة.

وبينهن خديجة ومنيرة وعائشة وآية وكلهن متزوجات وتتراوح أعمارهن بين 18 و30 عاماً.

وقال يوسف العوينة وهو حاج من الأردن "هذا يوم الحج الأكبر. الحج عرفة. وهذا هو جبل الرحمة وهنا أمة من كل البلاد الإسلامية بثقافاتها بألوانها باختلافاتها... هذا أكبر مؤتمر سنوي عالمي. لا يحدث مثل هذا أبداً".

وقال الحاج أمين محمد من نيجيريا "لذا أتيت للحج ودعوت الله أن يعم السلام على المسلمين في بلدنا نيجيريا والعالم أجمع. هذه دعواتي".

وقالت محاسن عيسى من مصر "إحساس جميل جداً وربنا يارب يكتبها لكل إنسان وربنا يارب يصلح حالنا وحال المسلمين جميعا وينشئ المحبة بين الناس كلها ويصلح حال الدول العربية كلها".

ووصل هذا العام أكثر من 1.97 مليون مسلم لأداء مناسك الحج التي تستمر 5 أيام.

وقالت السورية عوفة أحمد نجم التي جاءت مع عائلتها من منطقة قريبة من حمص "شعور لا يوصف. الحمد لله الذي أطعمنا الحج الحمد لله وبندعي رب العالمين أن الله يحفظ سوريا ويحمي أهلها وترجع مثل ما كانت".

وقال النيجيري أمين محمد "27 عاماً" إنه يدعو أن يعم السلام بلده.

وتقول السلطات السعودية إن أكثر من مليوني حاج يؤدون الفريضة هذا العام معظمهم من خارج السعودية.

وفي خطبة عرفات التي ألقاها الشيخ سعد الشثري تحدث عن نبذ العنف وتجنب الخوض في السياسة أثناء الحج.

وقال "الشريعة جاءت بما يحفظ الأمن والاستقرار في كل المجالات، فحفظت الأمن العقائدي والفكري والسياسي والأخلاقي، جاءت لحفظ الأمن في الدول والأوطان، وجاءت الشريعة زراعة محبة الخير في القلوب".

وحث المسلمين على تنحية السياسة جانباً أثناء الحج والاصطفاف معاً كمسلمين.

وقال "من أمر الجاهلية أن يجعل موسم الحج موطناً لمزايدات أو مكاناً للشعارات أو المظاهرات أو الدعوة للأحزاب والتجمعات. يجب أن يجعل الحج لله وحده".