عواصم - (وكالات): تجمع أكثر من ألفي شخص من أقلية الروهينغا المسلمة على ساحل بورما هذا الاسبوع بعدما غادروا سيرا قرى الداخل في ولاية راخين الغربية متجهين إلى بنغلادش اسوة بمئات الاف سبقوهم ويواجهون ازمة انسانية متفاقمة في مخيمات عشوائية. وسبق ان فر أكثر من نصف مليون من الروهينغا من شمال ولاية راخين في شهر واحد هربا من عمليات عسكرية ينفذها الجيش وأعمال عنف أهلية اعتبرتها الامم المتحدة بمثابة "تطهير عرقي".

ويواجه عناصر الأقلية التي لا تعترف بها أي دولة مخاطر جمة أثناء توجههم إلى بنغلادش، بعد تعرضهم طوال عقود إلى قمع منهجي في بورما ذات الاكثرية البوذية.

فبعد الفرار من قرى قالوا أن الجنود وجماعات من البوذيين البورميين أضرموا النار فيها، سعى الكثيرون من الروهينغا إلى عبور نهر ناف الحدودي بين البلدين والذي ابتلع أكثر من مئة منهم.



وفي حادث انقلاب المركب الأخير الخميس، يخشى أن يكون 60 نازحا منهم لقوا مصرعهم مع انتشال 23 جثة أغلبها لأطفال فيما ما زال الكثيرون مفقودين.

وأتى الجزء الأكبر من الحشد الذي تجمع على ساحل راخين، ومن الذين قضوا في حادث المركب، من منطقة بلدة بوذيدونغ في الداخل، إلى غرب سلسلة جبال مايو.

ونقلت صحيفة "غلوبال نيو لايت اوف ميانمار" التابعة للدولة ان المهاجرين "بدأوا بمغادرة منطقتهم اعتبارا من الثلاثاء قائلين انهم لا يشعرون بالامان لان المنطقة باتت شبه خالية من السكان بعد مغادرة أغلبية أقاربهم إلى بنغلادش".

وتحدث التقرير عن تجمع اكثر من النصف على شاطئ قرب قرية لاي ين كوين، كما نشر صور نساء وأطفال متجمعين على الرمال تحت أنظار عناصر الأمن.

ولم يتضح كيف يمكن للنازحين اتمام رحلتهم إلى بنغلادش حيث أدى تدفق اللاجئين إلى أزمة انسانية حادة فيما سارعت مجموعات الاغاثة إلى محاولة تلبية حاجاتهم الهائلة.

وأَضافت الصحيفة ان المسؤولين حاولوا طمأنة الروهينغا بشأن سلامتهم في بورما لكن هؤلاء أصروا على "الذهاب الى بنغلادش بإرادتهم".

وصرح كريس ليوا من "مشروع اراكان" الذي يتابع التطورات في ولاية راخين ان الحاجة الاقتصادية والتوتر مع الجيران البوذيين يشكلان الدافعين الاساسيين لحركة النزوح الاخيرة للروهينغا من بوذيدونغ، وليس اندلاع أعمال عنف جديدة.

فشاحنات المساعدات الحيوية لم تعد تصل الى المنطقة الفقيرة منذ 25 اغسطس الماضي، عندما تسبب هجوم لمسلحين من الروهينغا على مراكز للشرطة برد قوي للجيش أغرق منطقة شمال راخين في أزمة.

وأوضح ليوا ان "الاكثرية من الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلون".

وتابع ان "سكان قرى راخين المجاورة يسيئون معاملتهم بشكل كبير ولذلك باتوا يخشون الخروج، يخافون مغادرة قريتهم لكسب الرزق".

وتحدثت الامم المتحدة في السابق عن تزايد عزلة الاقلية المسلمة في ولاية راخين وتعرضها دوريا لتهديدات بوذيي اتنية راخين لدفعهم إلى المغادرة.

وفي بنغلادش حذرت الأمم المتحدة من "كابوس" إنساني في مخيمات اللاجئين التي تعاني من نقص في التأهيل الصحي والمياه النظيفة، وسط تفاقم خطر انتشار الأمراض نتيجة الأمطار الموسمية الغزيرة.

كذلك حذرت منظمة الصليب الأحمر من كارثة صحية شاملة في المخيمات العشوائية، فيما يشير خبراء إلى توافر كامل الظروف المؤاتية لانتشار أمراض على غرار الكوليرا في المخيمات المكتظة بلاجئين فقراء جدا ويعاني جزء كبير منهم من سوء التغذية الحاد بحسب المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة.

ويتم الاسراع في حفر آبار لاستخراج المياه الجوفية في انحاء المخيمات التي تمتد على طول منطقة كوكس بازار المتاخمة لبورما على الحدود مع بورما.

ولكن لا يزال هناك نقص كبير في المياه العذبة مع تجاوز الحجم الهائل للكارثة، التي تعد بين أزمات اللاجئين الأكثر تناميا منذ سنوات، جهود الإغاثة على الأرض.

واصدرت 88 منظمة غير حكومية دولية بينها منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية، "هيومن رايتس واتش"، بيانا الجمعة ندد بـ"الجرائم ضد الانسانية" التي ترتكب في بورما بحق الروهينغا، وطالبت الامم المتحدة بفرض حظر على تسليح الجيش البورمي.

ويشهد مجلس الامن الدولي انقساما حول الملف البورمي مع دعم موسكو وبكين للسلطات البورمية التي تنفي اي "تطهير عرقي".

وقررت الامم المتحدة الجمعة تمديد مهمة بعثة مجلس حقوق الانسان التي أنشئت في مارس الماضي، والمكلفة التحقيق بحصول انتهاكات في بورما ولا سيما في ولاية راخين، لمدة ستة أشهر إضافية، بعدما وصفت الوضع في بورما "بالتطهير العرقي".

وتعرضت الزعيمة البورمية اونغ سان سو تشي إلى سيل من الانتقادات لتغاضيها عن العنف وعدم إدانتها الحملة العسكرية ضد الروهينغا الاقلية المهمشة التي تعتبر الحكومة افرادها مهاجرين غير شرعيين.

وأعلنت جامعة اكسفورد حيث درست اونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام، انها أزالت صورة للقيادية البورمية، نتيجة القمع الذي يتعرضه له مسلمي الروهينغا في بورما.