إسطنبول - (أ ف ب): نشرت تركيا عشرات الجنود والمدرعات في محافظة إدلب السورية لبدء إقامة منطقة خفض توتر بهدف وقف المعارك في هذا القطاع الخاضع لسيطرة المتطرفين.

وهذا الانتشار الذي أعلنته أنقرة الجمعة يهدف أيضاً إلى منع وحدات حماية الشعب الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة وتعتبر خصماً رئيسياً لتركيا، من توسيع سيطرتها في شمال سوريا.

وتندرج العملية في إطار اتفاق تم التوصل إليه في أستانا بين تركيا التي تدعم المعارضة من جهة وروسيا وإيران حليفتي النظام السوري من جهة أخرى، يلحظ إقامة 4 مناطق لخفض التوتر.



وأعلنت هيئة الأركان التركية في بيان الجمعة "بدأنا أعمال إقامة مراكز مراقبة".

وبعيد ذلك أكد الرئيس رجب طيب أردوغان تحرك القوات معلناً أن "ليس من حق أحد التشكيك" في هذا الإجراء، ومضيفاً "نحن من نتقاسم حدوداً مع سوريا طولها 911 كلم ونحن المهددون باستمرار".

وكان الجيش التركي بدأ الأحد مهمة استطلاع بهدف إقامة منطقة لخفض التوتر في محافظة إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، تحالف يضم خصوصاً جبهة فتح الشام "النصرة سابقاً".

وأوردت صحيفة "حرييت" أن الرتل العسكري التركي من نحو 30 عربة مصفحة ومئة جندي بينهم عناصر من القوات الخاصة وصل إلى إدلب ليل الخميس الجمعة.

ووزع الجيش التركي على وسائل الإعلام شريطاً مصوراً يظهر دبابات وآليات لنقل الجنود وأخرى لتنفيذ ورش تتجه إلى سوريا.

وأفادت مصادر بأن الجيش التركي موجود حالياً على إحدى التلال في قرية صلوة في ريف إدلب الشمالي. وتشرف التلة على مناطق سيطرة الأكراد في منطقة عفرين، ومنعت هيئة تحرير الشام منعاً تاماً التوجه إلى المنطقة.

وشاهدت المصادر حركة آليات وجرافات تابعة للجيش التركي الذي يعمل على تحصين موقعه.

وأوردت وسائل الإعلام التركية أن الاتفاق الذي تم التفاوض حوله في أستانا ينص خصوصاً على أن تقيم تركيا 14 مركز مراقبة في محافظة إدلب سينشر فيها ما مجمله 500 جندي.

وهي أكبر عملية عسكرية تركية في سوريا منذ انتهاء عملية أخرى عبر الحدود نفذتها أنقرة العام الفائت واستهدفت في الوقت نفسه تنظيم الدولة الإسلامية ووحدات حماية الشعب الكردية.

وأتاح هجوم العام الماضي، الذي سمي "درع الفرات" لفصائل سورية معارضة تدعمها أنقرة أن تستعيد مدناً عدة من تنظيم الدولة "داعش"، بينها جرابلس والراعي ودابق والباب، حيث تكبد الجيش التركي خسائر كبيرة.

لكن يبدو حتى الآن أن القوات التركية اختارت التفاوض بدلاً من خوض معارك ضد هيئة تحرير الشام.

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن القوات التركية واكبتها عناصر من هيئة تحرير الشام مساء الخميس ما يحمل على الاعتقاد بأن الانتشار التركي يتم بالتنسيق مع الحركة التي سبق أن رافقت عملية استطلاعية لأنقرة هذا الأسبوع.

وقال آرون لوند المتخصص في الشؤون السورية في مركز الأبحاث الأمريكي "سنتوري فاونديشن" "يبدو أن الجيش التركي تواصل مع تحرير الشام محاولاً تجنب المواجهات والتوصل إلى اتفاق يلائم كل طرف".

ولا تزال إدلب، المحافظة الواقعة شمال غرب سوريا غير خاضعة لسيطرة القوات السورية بالإضافة إلى قسم من محافظات حماة "وسط" وحلب "شمال" واللاذقية "غرب".

وفي الوقت الذي يطول فيه أمد النزاع السوري، تبدو تركيا أكثر قلقاً إزاء نشاطات وحدات حماية الشعب الكردية شمال البلاد.

وأوضح مصطفى سيجاري المسؤول في فصيل لواء المعتصم الذي من المقرر أن يشارك في العملية الجديدة أن أحد أهداف الانتشار التركي الأخير ردع أي محاولات لانتشار وحدات حماية الشعب خارج عفرين في شمال سوريا.

وتدعم واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية التي تحارب تنظيم الدولة "داعش"، لكن أنقرة تعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمرداً مسلحاً في جنوب شرق تركيا منذ عام 1984.

وعلقت الوحدات على الانتشار التركي الأخير قائلة في تغريدة "تركيا لا تهمها إدلب إطلاقاً بل تريد محاصرة عفرين ما يمكن أن يشعل فتيل حرب جديدة في المنطقة".