لا بأس أن يقول مستشار خامنئي علي أكبر ولايتي إن «السعودية لا تمثل الدول العربية لتتكلم بالنيابة عنها» فهذا رأيه وإن كان خطأ، فليس لأحد أن يحجر على الآخرين آراءهم، ولا بأس أن يقول إن «التواجد الايراني في العراق وسوريا قانوني وجاء بطلب رسمي وبهدف التشاور»، فهذا أمر قابل للنقاش، وإن لم يكن صحيحاً أيضاً، لكن أن يقول إن «العراق وسوريا وتركيا وإيران ولبنان جميعهم ضد أمريكا»، فأمر غير مقبول، لأنه بهذا يكون قد تكلم بالنيابة عن هذه الدول، وإذا كانت السعودية -حسب رأيه- لا تمثل الدول العربية ولا يجوز أن تتكلم بالنيابة عنها، فالأكيد هو أن إيران لا تمثل الدول التي ذكرها ولا يجوز أن يتكلم بالنيابة عنها.

أن يتكلم ولايتي بالنيابة عن هذه الدول أمر غير لائق وإن كان يفضح به الدور السالب الذي تقوم به إيران في العراق وسوريا ولبنان والذي أوصلها إلى مرحلة أن يتحدث بالنيابة عنها، ويعتبر إيران أحق بالتكلم باسمها من السعودية، أما قوله بأن «أمريكا ستُطرَد من المنطقة قريباً»، فقول يعرف الجميع بأنه ليس إلا «زيادة على البيعة»، خصوصاً وأن هذه الدول لا تؤيد هذا المسعى غير المنطقي والخيالي والخائب.

ولايتي قال أيضاً إن استقالة سعد الحريري «شأن لبناني داخلي لا علاقة لنا به»، ولم ينتبه إلى أن إيران اهتمت بموضوع الحريري أكثر من اهتمام لبنان به، فمنذ إعلان الاستقالة وإيران تقف على رجل واحدة و»تحاتي» مصير حزبها في لبنان، فالرسالة بالنسبة لها واضحة وهي واثقة بأن الهدف هو تقليم أظافر «حزب الله». ولايتي لم ينتبه أيضاً إلى أن إيران تفضح بهذا السلوك نفسها وتؤكد أنها تتدخل في شؤون لبنان الداخلية، والأكيد أنه لم ينتبه كذلك إلى أن ما يقوله لبنان عن وضع وموقف الحريري يكاد يتطابق مع الذي تقوله إيران وتعمل على أن يقوله العراق وسوريا اللتين تتحكم في قراراتهما.

ولايتي لم ينتبه أيضاً إلى أن الترسانة الإعلامية الإيرانية عملت بكامل طاقتها من لحظة استقالة الحريري ولم تتوقف، وكأن الحريري استقال من رئاسة حكومة إيران وليس لبنان.

لا يمكن للشارع العربي أن يقبل بإيران ولا يمكنه أن يسمح لها بالتكلم بالنيابة عن أي دولة عربية وإن كان لها فيها نفوذ، لكن الشارع نفسه يمكن أن يتقبل فكرة أن تتحدث السعودية باسم الدول العربية، وهذا أمر أيضاً لم ينتبه إليه ولايتي ومن يستشيره، ويصعب عليهم إدراكه.

للسعودية اليوم شأن عظيم، فهي دولة قوية، وصارت قوة مؤثرة في الساحة وهي قادرة على قيادة المنطقة والأمة العربية، وعندما تتحدث باسم الدول العربية فإنها تتحدث من منطلق الغيرة والمحبة والإحساس بالتكامل مع هذه الدول التي تظل مرحبة بهذا الأمر ومعلية من شأن السعودية وقائدها وإن اختلفت في بعض التفاصيل، ولكن بأي صفة تتحدث إيران باسم تلك الدول التي ذكرها ولايتي في أحد مؤتمراته الصحافية وهي عربية؟ وبأي صفة يتحدث عن الرئيس الحريري الذي استقال من أجل إحداث تغيير إيجابي يستفيد منه لبنان؟

لا تقبل الدول العربية من إيران إقحام نفسها في شؤونها الداخلية، لكنها في كل الأحوال ترحب بالتواصل مع السعودية. يكفي أنها تعلم أن السعودية لا تسعى إلى الهيمنة عليها أو مصادرة قراراتها كما تفعل إيران، وأن غاية ما ترمي إليه هو إحياء الشأن العربي وجعل العالم كله يحترم هذه الأمة، فما يقوم به خادم الحرمين الشريفين غايته معروفة وتفهمها كل الدول العربية وتقدرها، ولن يطول الوقت حتى ترى إيران كيف انصلح حال هذه الأمة.