حاوره: extra sport - team spain

تحرير: خوسيه لوبيز

كانت صدمة كبيرة للعالم بعدم تأهل منتخب إيطاليا إلى مونديال روسيا 2018 شأنها شأن منتخبات كبيرة وقوية كهولندا وتشيلي والكاميرون والباراغواي..، البعض لايزال غير مصدق ذلك خصوصاً إيطاليا، لأنها الغائبة الوحيدة من القائمة المذكورة ممن حققت اللقب العالمي، بل إن المنتخبات المنافسة انزعجوا لعدم تأهلها، كونها عنصراً رئيساً لا غنى عنه في تاريخ كؤوس العالم..



extra sport فتحت ملفاً واسعاً للبحث عن أسباب الكارثة التي حلت على "رفاق بوفون"، فلم تجد أفضل من أسطورة التدريب أريغو ساكي تلك الأسطورة التي رافقت منتخب إيطاليا وأندية ميلان وريال مدريد في التسعينات ليحكي بحكم خبرته ودرايته بشجون الكرة الإيطالية، فدار الحوار ومعه دارت ملفات أخرى عن حياة ومشوار ساكي على طاولة كروية دسمة.

* أريغو.. كرة القدم الإيطالية دخلت في سبات عميق وافتقدت لكل النتائج الرائعة التي اعتادت عليها، لماذا؟ وما هو تعليقك على عدم تأهل إيطاليا لكأس العالم 2018؟

من الواضح أن هناك الكثير من التغييرات، لكن ليس كما حصل في باقي دول أوروبا. شاشات التلفزة عرضت نوعاً آخر من كرة القدم، وجعلونا نرى لعب بشكل مختلف يعتمد على الأموال الهائلة التي تصرف على اللعبة، ما عدا في إيطاليا.

"هنا الاختلاف"، الجميع يريد الفوز.. المشجعون والصحافة يطالبون بالفوز دائماً لا بالاستعراض والمتعة. لكن، كيف نحل على الفوز؟ نحن نتطلع عليه بالشكل الأفضل، يجب أن نكون مقتنعين بالحصول عليه. وهذا لم يعد كافياً. واليوم أنت وأنا والجميع يلاحظ أن لدينا صعوبة في التطور كروياً.

أي منتخب في العالم يعتمد على ركنين أساسيين: اللاعبون والبنية. إذا كنت لا تملك دوري قوي ولا نجوم حاضرة، من الطبيعي أن لا تحقق، أنا حزين لكن لعل هذه الصدمة توقظ كرة القدم الإيطالية.

* ما هي كرة القدم التي يحبها ساكي؟

أحببت الفرق التي لعبت بتناغم تام، عندما كان اللاعبون هم أسياد اللعبة. لذلك دائماً أذكر ريال مدريد مع دي ستيفانو، خينتو، بوشكاش وغيرهم، أو البرازيل مع بيليه، لكن ما يؤثر في قلبي أكثر أيام أياكس مع كرويف، لأنهم جعلوا الكرة تتغير. كان كل شيء يعتمد على المواهب الفردية والتكتيكات، اليوم كل هذا تغير، وأصبحت الكرة نصوص تكتبها الاتحادات والشركات الإعلانية.

*أريغو ساكي يعتبر اليوم رمزاً من رموز الكرة الإيطالية، ولكن ليس كلاعب، كيف بدأت مشوارك التدريبي؟

لقد بدأت من الصفر، ودخلت المجال عبر جميع فئات الكرة الإيطالية حتى آخر فريق إيطالي.

لم أكن يوماً بعيداً عن اللاعبين. بدأت مع فريق بسيط، وكان شبه محترف، بعدها أكملت تصاعدياً حتى وصلت للقمة مع نادي إي سي ميلان.

لقد كان حظي جيداً، فأينما ذهبت وجدت الكفاءة والصبر. هناك أندية كانت تملك لاعبين وإدارة أتاحوا لي الفرصة للعمل الجيد وأن أعطي كل ما عندي.

النادي واسمه هو الأهم، لست أنا، ولا أي لاعب. عندما بدأت كان عمري 26، وكان لدي تحت قيادتي حارس بعمر 39 ومهاجم بعمر 32 عاماً، كان يجب علي أن أكسب ثقتهم بأفكاري.

وأخيراً، وعندما لم تتوفر عند الخبرة كافية بعد، وصلت إلى سان سيرو. كيف كانت دعوة بيرلسكوني لك في ظل وفرة الأموال والتخطيط لمشروع جديد؟

عندما وصلت، لم يرق للكثير هذا القرار، والبعض اعتبر أنني غير مؤهل، لكني قلتها في المؤتمر الصحفي يومها:"لكي أصبح فارساً، يجب أن يكون عندي حصان".

أنا ممتن لإدارة النادي العظيم على عملي هناك. النادي كان معجب بالعمل الذي قمت به مع بارما، وآمنوا بأشياء قمت بها. كان عندي لاعبون دون المستوى، لم يفيدوني كثيراً ولم يكونوا بالشكل الذي أريد.

آمنت بأفكاري وبالعمل الجاد، ولأفعل هذا كان يجب أن أحصل على أناس أهل لذلك، على لاعبين لديهم حماس، ولديهم ثقافة الاحتراف. بعدها وظفت مشروعي وهكذا أكملنا.

* كيف بدأت تنضج أفكارك الجديدة في نادٍ كميلان حيث أنت مطالب بالفوز سريعًا؟

كانت لدينا النية والأمل للحصول على أفضل النتائج. أردنا أخذ الكرة سريعاً من المنافس، وعندما نأخذها يجب أن نسيطر. كنا نعلم أن الاستحواذ هو المفتاح للفوز وتدربنا على هذا الأساس، لذلك كانت فرصتنا لتعيين وتيرة أعلى من اللعب لم يستطع اللحاق بها أي فريق آخر.

قلت لنفسي إن لدي أفضل 18 لاعباً في العالم، مع أن الوضع لم يكن كذلك، لكن اللعب الجماعي والثقة بالجميع جعلتنا نحقق أهدافنا.

أيضًا لا يجب أن ننسى ما كان يملك ميلان من لاعبين جيدين كـ فان باستن وخوليت، فان باستن أخبرني لماذا يفوز الجميع في حين أننا يجب أن نفوز ونقنع. وقال لي أيضاً إنه لا يستمتع ولا يروق له العمل الكثير. كنت دائماً أقول له أنه ولد ذكي، وأنه يجب أن يعلم كيف يستمتع بكل شيء.

كان يجب أن نهدي الجماهير أوقاتاً طيبة. لم يكن يعرف أنه لا يمكنك تحقيق الكثير دون إعطاء الكثير. فان باستن كان لاعباً غير عادي بالنسبة لي، لم يكن من السهل تدريبه، لكنه كان رائعاً.

عندما خيروني بالتعاقد مع رونالدو "البرازيلي" أو فان باستن لم أتردد باختيار فان باستن.

ليس هذا لأنه موهوب أكثر من رونالدو، لكن لأن طريقة لعبه تفيد الخطة التي اعتمدناها. لم نأخذ الكثير من الوقت لإثبات ميلان كأقوى فريق بين فرق كرة القدم العالمية.

قلت له مرة: "هل فهمت أخيراً معنى أن تفوز وتقنع؟" وجاوبني: "نعم فهمت. وفهمت شيئاً آخر. الآن أنا مدرب وعرفت المشاكل التي سببتها لك". فقلت: "لم أكن مريحاً لك، لكنني استطعت حل المشاكل مع اللاعبين أمثالك".

* وماذا عن خوليت؟

خوليت كان قائداً حقيقياً. وهو أكثر من ساعدني دون أن يكون الأفضل، فأفضل لاعب كان فان باستن. لكنه كان انطوائياً، أما خوليت فكان دائماً بجانب اللاعبين ليقنعهم بالمضي قدماً. يجب أن أقول إنه حين انضم كل منهما للميلان لم يكونا "سوبر ستار" لكنهما تركاه بكرات ذهبية.

* في الوقت الذي كان ميلان يعمل على المشروع الجديد، واجه ريال مدريد الذي كان لديه العظيم إيميلو بوتراغينيو في الكأس الأوروبية، هل كانت هذه النقطة مفتاحة الأيام الخوالي للميلان؟

لقد أخبرني بوتراغينيو عندما كنت أعمل في ريال مدريد منذ سنوات، إنه بعد خوضه لسنوات ومتابعة كرة القدم طوال عمره لم ير فريقاً أتى للبرنابيو لفعل ما فعله ميلان وقتها. وقال: "تمكنا من التعادل في المباراة الأولى، لكن في الثانية لم يسلم منك أبداً بويو (حارس ريال مدريد) شعرنا أنكم 20 لاعب ونحن 10".

لقد قلت للاعبي، عندما يجب عليك الفوز ولا تفوز، فأنت تخسر 9 من 10. لذلك، إما أن نفوز هنا ونصنع تحفة كروية أو نخسر أمام ريال مدريد.

عندما جاؤوا إلى هنا، بدأ ريال مدريد بشكل جيد، لم نفعل ذلك. أنشيلوتي كان متاحاً. وهناك يمكنك أن ترى كيف أرى كرة القدم. وفي يوم الثلاثاء، أصيب إيفاني. كان لدي العديد من الخيارات ليحل محله: إدخال دونادونيو وضع فيرديس في الهجوم مع فان باستن وخوليت كصانع لعب مكان دونادوني، ولكن خوليت لم يضمن لي على المستوى التكتيكي ما دونادوني يفعل...

في النهاية لعب لاعب أقل نظراً محل إيفاني، الذي كان أنشيلوتي، ولكن الخيار المتاح 100% وكانت الجائزة هي أن الهدف الأول سجل من قبل أنشيلوتي. وحدث هذا ضد ريال مدريد، حيث كان لدينا التفوق العددي في الضغط على الكرة. كان لديهم لاعبون بتقنية كبيرة، وربما أفضل من فريقنا، ولكن كنا فريقاً كبيراً. وفي كرة القدم، الجماعية تحقق أكثر من الفردية.

* فزتم بالمسابقة الأوروبية، لكنكم أصبحتم أيضاً مهيمنين عالمياً في إنتركونتيننتال ضد أتلتيكو ناسيونال البرازيلي

مع ناسيونال كانت الأمور أكثر تعقيداً، لأننا واجهنا لأول مرة فريقاً هاجمنا كثيراً. فطالبت اللاعبين التحلي بالصبر، وهي قيمة لا أملكها دائماً، ولكن في تلك اللحظة كانت لدي. أتذكر أنه في الاستراحة توجه إلي فان باستن وقال لي: "نحن لسنا جيدين، ولسنا في الشكل المطلوب، علينا بالصبر". لم تكن لعبة جميلة. يجب أن أقول إنها كانت لعبة مشابهة لقراءة كتاب "كافكا": هي ثقيلة، وصعبة ولكن فزنا بالنهاية.

* هذه العناوين وأسلوب اللعب، أتاحت لك الفرصة لتدريب منتخب إيطاليا وطمحت للفوز بكأس العالم في عام 1994. إيطاليا لم تفز كما مع ميلان، لماذا؟

تدريبي للمنتخب سمح لي بالراحة والوقت لنفسي ولعائلتي، وأتذكر أنه قبل بضع سنوات، ذهبت إلى اجتماع الـFIFA وسألوني هذا، وأجبت أنه في مسيرتي لم أبلِ حسناً مع ميلان فقط، إنما مع ريميني وبارما، ولكن هذه المفاهيم وفرض هذه الطريقة من اللعب، تحتاج إلى الوقت، وهو أمر ليس هناك دائماً، وهناك فرق كبير جداً بين القيام بالتدريبات كل يوم أو القيام بها كل بضعة أسابيع، وكان أسلوب إيطاليا ليس مثل ميلان، لم أكن أحب ذلك وأردت أن أكون متحكماً كما فعلت دائماً وتغيير ذلك، كان من الضروري أن نعمل بجد، العديد من التدريبات، الكثير من الوقت، ولم يكن لدي الفرصة للتعاقد مع لاعبين كما مع الأندية، كانت مجموعة مختارة.

* هل تعتقد أن تاريخ كرة القدم يثمن كل ما حققته كمدرب؟

وضع الاتحاد الأوروبي اسمي بين الـ10 مدربين الذين تمكنوا من إحداث تطور في كرة القدم. وهذا شرف عظيم. قلت دائماً أن كرة القدم الإيطالية قديمة وعملياً لا تعرف التطور. في الآونة الأخيرة، تحدثت مع بيب غوارديولا وقلت له: لقد كنت أفضل مني لأنني، مع ميلان، فزت بـ8 ألقاب في 4 سنوات. وأنت مع برشلونة (14 بطولة بنفس المدة)، لكنه قال لي إنه يتوقع ويتمنى أنه عندما يتقدم بالعمر أن يذكره التاريخ كما ذكرني، وهناك فهمت أني أعطيت الكثير لكرة القدم، على الرغم من أنني بالتأكيد أعطيت القليل جداً بالمقارنة مع ما أعطتني كرة القدم نفسها.