يقام الأسبوع المقبل «المنتدى الشبابي لصناعة السلام»، تحت رعاية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، والذي سيشارك فيه عدد من طلاب وطالبات الجامعات البحرينية وشباب البحرين إضافة إلى ممثلين عن وزارت المملكة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

تشير بعض الإحصائيات التي تم نشرها مؤخراً إلى أن نسبة الشباب في مملكة البحرين تربو على 35% من المجتمع البحريني، وهذا ما يجعلنا أكثر يقينا بأن الشباب هم محرك أساسي لواقع ومستقبل البحرين، وهم من الفئات الهامة التي يجب أن تحظى برعاية واهتمام كبيرين نظراً لما لهذه المرحلة العمرية من خصوصية سيكولوجية وفكرية.

يؤلمني جداً، أن أجد الشباب يتصدرون قوائم الإرهاب، وهذا ما شاهدناه خلال عرض الكشف عن بعض الخلايا الإرهابية. فما الذي يجعل الشاب يتجه إلى الإرهاب، عوضاً عن ارتشاف أصناف السعادة في الحياة وهو في مقتبل العمر؟ ما الذي يجعل استهداف الشباب مطمعاً عند الإرهابيين؟ العديد من التساؤلات «المشروعة» تجعلنا نقف اليوم لنؤكد على أهمية توعية الشباب بأخطار التطرف والإرهاب، وتجعلنا أكثر حرصاً من ذي قبل على وضع استراتيجية أكثر ابتكاراً لشغل الشباب واستغلال طاقاتهم في أمور تفيد في بناء مستقبل الوطن.

تشير معظم الدراسات العالمية إلى أن اهم مشاكل الشباب تتلخص في البطالة، والفراغ الفكري، وآفة المخدرات. وفي رأيي المتواضع أعتقد أن هذه المشاكل أيضاً تنطبق على البحرين، واعتقد أن معظم المختصين في هذا الجانب على وعي ودراية بالأخطار التي تستهدف شبابنا البحريني، خصوصاً فئة الشباب غير النشطة في المجتمع البحريني، وأعني بغير النشطة هم الشباب الذي يعيشون في وسط ضيق و«مؤسسات مجتمعية» محدودة لا تسمح لهم بتبادل الأفكار أو مشاركة الآخرين، وللتوضيح أكثر هؤلاء الشباب الذين يعيشون مع أسرهم ويتلقون أفكارهم ثم يذهبون إلى المدرسة القريبة من منزلهم والتي تحمل نفس الأفكار تقريباً لأن المدرسين من نفس المنطقة، وفي أوقات فراغهم يخالطون الأشخاص الذين يحتفظون بنفس أفكارهم، فيترعرعون في بيئة توجه لهم نفس الرسائل، حتى إذا ما وصلوا إلى مرحلة الشباب التي يعتبر فيها الشخص مستقل، تبقى هذه الفئة على الرغم من استقلالها إلا أنها مرتبطة بالأفكار «الموحدة» التي كبروا وترعرعوا عليها وأصبحت تمثل جزءاً هاماً من معتقداتهم وقيمهم الفكرية.

في علم الاجتماع نرى أن الأشخاص الذين يعيشون في مجتمع متنوع يكونون أكثر تقبلاً للاختلاف وأكثر قابلية للتعايش مع الآخرين من هؤلاء المنعزلين إذا صح لي التعبير. ومن وجهة نظري، فان البحرين بلد متنوع ومنفتح من أزل وأمد بعيدين، وأنه من الخطأ الاجتماعي أن تظل بعض «الجماعات» منعزلة نسبياً وأن تكون لها كنتونات ومؤسسات مجتمعية خاصة تجعلها منعزلة عن باقي المجموعات.

لا أحد ينكر بأن البحرين تخطو خطوات رائدة في مجال رعاية الشباب متمثلة في مبادرات سمو الشيخ ناصر بن حمد، ووزارة الشباب والرياضة، التي تعكس مدى الاهتمام الكبير باحتواء الشباب واستغلال طاقاتهم بالشكل الأمثل.

وفي كل محفل يتواجد فيه الشباب نجد الرغبة الصادقة من قبل الشباب في خدمة المجتمع، ورغم جهود وزارة الشباب المتمثلة في تقديم العديد من البرامج ذات الأهمية القصوى للشباب، لا أن بعض الشباب البحريني لم يستغل الفرص المقدمة له للانضمام إلى البرامج المفيدة المقدمة لهم ولست اليوم بصدد مناقشة انخراط الشباب واستفادته من برامج وزارة الشباب والرياضة من عدمه، بل إنني أود الإشارة إلى أن الشباب يجب أن يكونوا جزءاً من كل شيء، يجب أن نسمع أصواتهم ونحتويهم لنضمن عدم التغرير به واستخدامهم في أمور مضرة تصل إلى حد الإرهاب.

ولهذا نريد أن نسمع صوت الشباب، لا نريد في هذا المنتدى محاضرين ذوي خبرة فقط، بل نريد أن يتحدث الشباب، ونسمع أفكارهم الابداعية لنبذ العنف والإرهاب وإحلال السلام، نريد أن يترأس الشباب هذا المنتدى ويقولون لنا مخاوفهم وتطلعاتهم في هذا الجانب، كما أتمنى أن يكون هذا المنتدى متنوع يحمل كافة الأديان والطوائف والمعتقدات، وأن يجمع أكبر عدد ممكن من الشباب الجامعي وغير الجامعي. لا نريد أن تكون أسئلة الشباب ومداخلاتهم هامشية، بل نريد أن ننطلق من أسئلتهم ومداخلاتهم.

عن نفسي أتمنى أن أسمع «صوت الشباب» في موضوع الإرهاب، أود أن أسمع أحد الشباب الإرهابيين المحكوم بقضية حول الإرهاب!! وأريد أن أعرف العوامل التي أدت إلى أنخراطه بالعمل الإرهابي!! وأريد أن أتعرف على أساليب الجماعات الإرهابية في جذب الشباب لمثل هذه الأعمال الإرهابية. لا نريد أن يكون هذا المنتدى «تقليدي» فمتى ما كانت القضية تمس الأمن والسلام فيجب أن يكون المنتدى جريء يتناول القضايا بطرق ابتكارية تتناسب مع عقليات الشباب الفذة والذين يتصفون بالجرأة والإبداع، كما يجب أن تكون توصيات المنتدى الرائد جزءاً من استراتيجية الشباب في مملكة البحرين.