بغداد – قصي الزين

يتسابق ساسة العراق هذه الأيام في الحديث عن مكافحة الفساد، الأمر الذي فسره محللون ومراقبون أن الأمر لا يخلو من كونه دعاية انتخابية دون وجود خطوات حقيقية لمكافحة ذلك الفساد خاصة أن معظم هؤلاء الساسة والمسؤولين بينهم أباطرة وأقطاب الفساد الذين يتاجرون بأموال الشعب في العراق.

تصريحات رئيس وزراء العراق حيدر العبادي التي أكد فيها أن "المرحلة المقبلة في العراق ستشهد حربا على الفساد والفاسدين"، وهدد الفاسدين بالسجن، ما لم يسلموا ما سرقوه، أثارت الكثير من الجدل حول من سياطلهم القرار من أباطرة الفساد والمسؤولين الكبار، بينما صنفت منظمة الشفافية الدولية العراق ضمن الدول الأكثر فساداً على مستوى العالم.



ويعتقد كثير من المراقبين والمحللين أن العبادي ربما لا يقوى على مواجهة أباطرة الفساد في بلاده رغم تصريحاته التي شدد فيها على أنه "مثلما كان الخيار أمام عناصر تنظيم الدولة "داعش"، الاستسلام أو الموت، فإن الفاسدين سيخيرون بين أن يسلموا ما سلبوه للعفو عنهم أو أن يقضوا بقية حياتهم في السجن". وقد حذر العبادي الفاسدين مما وصفه "باللعب بالنار"، وقال “سندخل معركة مع الفساد وسننتصر فيها.. سنفاجئ الفاسدين، وسيستغربون مما سنفعله"، داعيا الشباب ومنظمات المجتمع المدني والموظفين إلى "الكشف عن الفاسدين والتعاون مع السلطات بهذا الشأن".

تصريحات الحكومة في محاربة الفساد تأرجحت بين مصدق لها ومشكك في قدرتها على تنفيذها، والبعض اعتبرها "مجرد شعارات رنانة لا اصل لها عمليا وخير دليل على ذلك مليارات الدولارات التي دخلت في جيوب سارقي الوطن واليوم خزينة العراق خاوية". ورأى مراقبون أن حملة العبادي هي تصفية حسابات مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي المتهم بإهدار مليارات الدولارات خلال فترة رئاسته للحكومة التي استمرت نحو 8 اعوام بين 2006 و2014. وتتحدث تقارير عن صدور مذكرات اعتقال بحق مشتبهين بالفساد، فيما ذكرت مصادر أن "أوامر صدرت وعممت على المنافذ الحدودية، بمنع أي مسؤول متهم بالفساد، أو متورط بالإخلال بالأمن، من السفر خارج العراق". واشارت المصادر إلى أن "قائمة الفاسدين تضم رؤساء كتل ومسؤولين بأحزاب سياسية كبيرة". وتزامن ذلك مع أنباء تحدثت عن تغييرات يجريها العبادي على طاقم حمايته والخطط الامنية الخاصه برئاسة مجلس الوزراء وتحركاته. يذكر أنه على مدى الأعوام الماضية أصدر القضاء العراقي أحكاما قضائية مختلفة بالسجن بحق مسؤولين بارزين في الحكومات المتعاقبة منذ 2003، بينهم وزراء وقادة ومسؤولون تنفيذيون، لكن السلطات المختصة فشلت في وضع معظمهم خلف القضبان، إما لوجودهم خارج البلاد، وإما لتمتعهم بحصانة سياسية تحميهم من أي ملاحقة، وهو الأمر الذي اعتبره البعض بشأن تصريحات العبادي أنها مجرد دعاية إعلامية بعد تحقيق الانتصار على "داعش". وفي تطور آخر، يستبق نواب عراقيون الانتخابات البرلمانية التي من المقرر أن تجرى في مايو 2018، بالحرص على استجواب وزراء ومسؤولين من أجل كسب ثقة الناخبين.