ساد الاعتقاد لسنوات أن من يحكم أمريكا يحكم العالم، إلى أن قرر دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارته هناك، ليواجه بإدانة عالمية يقرها مجلس الأمن ليستخدم بدوره حق النقض «الفيتو» في نقض تلك الإدانة، غير أن ذلك لم يمنع من رفع الأمر للأمم المتحدة، ما أثار غضب واشنطن وتهديدها بقطع المساعدات المالية عن الدول التي ستصوت ضدها، غير أن نتيجة تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع القرار الرافض لإعلان الرئيس الأمريكي، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كانت تأييد القرار من 128 دولة بأغلبية ساحقة، بينما رفضته 7 دول إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة، وامتنعت عن التصويت 35 دولة. ورغم التهديدات الترامبية شديدة اللهجة إلاَّ أن أكبر كتلتين «الاتحاد الأوروبي ودول عدم الانحياز»، وأغلب دول العالم لم ينصاعوا لذلك التهديد.

ويبدو أن ترامب سرعان ما اتخذ قراره بتنفيذ المعاقبات التي هدد بها، ليكون أول مرمى له دول الخليج العربي متمثلة في التحالف العربي فضلاً عن الحكومة الشرعية في اليمن التي شاركت في صياغة القرار، تمثل ذلك في دعوة واشنطن لأهمية فتح ميناء الحديدة بما يناقض الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها قوات التحالف العربي على خلفية إطلاق صواريخ تستهدف الرياض من قبل ميليشيا الحوثي بدعم إيراني، وكأنه يتيح الفرصة لإيران لمزيد من الإمدادات اللوجستية للحوثي داخل اليمن.

ويشير تصريح نائب وزير الخارجية الأمريكية تيم ليندركينغ -في مؤتمر صحافي له بعد ساعات من التصويت على القرار الأممي- إلى عدم جدوى «عاصفة الحزم» وحرب التحالف العربي في اليمن، ملوحاً ضمنياً إلى الامتناع الأمريكي عن إمداد قوات التحالف بالسلاح من أجل استعادة الحكم الشرعي في اليمن مع تحويل القضية إلى الدهاليز الدبلوماسية العدوانية المظلمة وتحويلها إلى أزمة ممتدة، إلى جانب احتمالات وقف المساعدات عن اليمن. يأتي إلى جانب ذلك القول بأن «الحوثيين» سيكون لهم مكان في التسوية السياسية، ما يشكل اعترافاً صريحاً بالحوثيين كطرف أساسي من معادلة القوى السياسية في اليمن، ومع جر القضية إلى الأروقة الدبلوماسية تبقى كل الاحتمالات مفتوحة أمام إقامة حوار يجمع على طاولته الحكومة الشرعية باليمن والحوثيين معاً، وربما إلى جانب بعض الأطراف الإقليمية الفاعلة كدول الخليج العربي وبقية دول التحالف.

* اختلاج النبض:

مع الروح الانتقامية بالإدارة في واشنطن واختيار حرب اليمن مادة للمعاقبة، هل نستبعد أن تستعيد واشنطن الترامبية استدارتها عن دول الخليج العربي في الحقبة الأوبامية بإرخاء الزمام لإيران؟