فرض السؤال نفسه حين وصل الرئيس التركي إلى أولى محطات جولته الأفريقية في السودان، هل كان رجب طيب أردوغان يستذكر تلك المشاهد من زمن الدولة العثمانية قبل أن تحط طائرته في الخرطوم؟

الكثيرون يرون في تلك الجولة محاولة من أردوغان لإحياء الإرث العثماني في القارة السمراء.

فمن الخرطوم لم يخرج الرئيس التركي خاوي الوفاض، كان للرجل ما أراد، وربما أكثر، بعد أن أنهى الزيارة وفي جعبته جملة من الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية، إضافة إلى جزيرة سواكن الاستراتيجية على البحر الأحمر التي منح الرئيس السوداني أنقرة حق إدارتها.



ميناء سواكن هو الأقدم في السودان ويستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع، والرمزية التاريخية لإدارة أنقرة لميناء سواكن ترجع إلى كونها مركزاً لبحرية الدولة العثمانية في البحر الأحمر، وكان الميناء يضم مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885.

ويقرأ البعض عبارة أردوغان بوجود ملحق بشأن إدارة الجزيرة تجنب الرئيس التركي الكشف عن مضامينه، بأن سواكن ستكون موطئ قدم جديدا للبحرية التركية للتأثير الجيوسياسي.

انطلاقاً من هذه التخمينات كانت زيارة أردوغان لتشاد المحطة الثانية في جولته الإفريقية.

فقد طغى على الزيارة الطابع الاقتصادي، لكن ما هو اقتصادي ربما يخدم المآرب السياسية للزيارة.

إذ تعتبر تشاد إحدى بلدان تجمع دول الساحل والصحراء التي تضم النيجر، وهناك يكثر نشاط الجماعات المسلحة التي تتخذ من دلتا النيجر منطلقا لعملياتها الإرهابية في أفريقيا وغيرها.

وبحسب البعض ربما يسعى أردوغان لاستمالة تلك الجماعات لتأمين وجوده المأمول في القارة الأفريقية.

كذلك تتحدث تقارير عن مساعي تركية للوساطة بين قطر حليف أنقرة وتشاد بعد موقف أنجامينا بإغلاق سفارة الدوحة واتهامها للسلطات القطرية بزعزعة استقرار تشاد.

أخيراً يصل الرئيس التركي إلى تونس، لكن هناك ربما تكون للزيارة أهداف أخرى، إذ تحتضن البلاد العديد من عناصر جماعة الإخوان التي تلقى الدعم الكامل من أنقرة.

ويرى البعض أن أردوغان قد يستغل وجوده في تونس لترسيخ موطئ قدم آخر في شمال أفريقيا، التي أمضى بها العثمانيون أيضاً أكثر من ثلاثة قرون.