هذه شعارات رددها الإيرانيون الثائرون الغاضبون خلال مسيراتهم ومظاهراتهم التي دخلت يومها الثامن، احتجاجاً على فساد واستبداد وطغيان خامنئي وجلاوزته.

ما يحصل في إيران ردة فعل طبيعية لأي شعب يتم قتله وقمعه وخنق صوته ومعاملته بعنصرية وطائفية وإجرام، وهي صفات معروف بها النظام الإيراني الدموي منذ مجيء الخميني، ولا ينكرها إلا المتواطئ مع إيران، أو العميل لها، أو المستفيد من أموالها ودعمها.

المشهد واضح وبسيط جداً وليس معقداً، هناك شعب عانى ومازال من القهر والاستبداد في الداخل، وملايين منه هربوا وهاجروا إلى الخارج، وكلها بسبب السياسة الديكتاتورية التي ينهجها هذا النظام الوحشي.

هناك من يقول إن ما يحصل في إيران هو شأن داخلي ينبغي لأي قوى أجنبية ألا تتدخل فيه، كقول روسيا وتركيا، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذر الولايات المتحدة الأمريكية من محاولة التدخل في شأن إيران وطرح الموضوع في الأمم المتحدة، بينما الرئيس التركي أردوغان شبه ما يحصل الآن بما حصل في ميدان «تقسيم» ببلاده، معتبراً أن هذا شأن داخلي!

المسألة للسياسيين تختلف عن رؤية الشعوب الأخرى، إذ رغم ما نراه اليوم من قمع للشعب الإيراني، إلا أن بعض الدول تحسبها بمصالحها مع النظام الإيراني، وتأخذ من العداء للولايات المتحدة سبباً للمساومة في هذا الملف.

المفارقة المضحكة أن إيران نفسها وعلى لسان خامنئيها ومسؤوليه باتوا «يتوسلون» المجتمع الدولي اليوم بـ«ألا يتدخلوا» في شؤونهم الداخلية، بمعنى «اتركونا نقتل شعبنا ونقمعه ونخنق صوته»، في المقابل إيران بكل «صفاقة» تتدخل في شؤون الدول الأخرى وتجند فيها العملاء والخونة وتسعى لإقلاق أمنها واستهداف أنظمتها، كما هو يحصل لدينا بشكل واضح وفاضح في البحرين.

إن كانت إيران التي صدعتنا بإدعاءاتها القلق على حقوق الإنسان في دول هي أصلا متقدمة عليها حقوقيا، فعليها أن تستمع للمجتمع الدولي وهو يكلمها عن حقوق الإنسان في ظل شواهد وأدلة وضحايا وملايين المهجرين حول العالم ومعارضة تتحدث كلها تكشف بالأدلة عن ممارسات «النظام القمعي الإيراني».

الآن الحرس الثوري بدأ ينشر «زبانيته» في إيران لقمع هذه «الانتفاضة» التي تطالب بإسقاط خامنئي، ومتوقع أن يتم إعمال القتل وممارسة الوحشية بحق الأبرياء الذين يطالبون بحقوقهم، مثلما حصل في قمعهم لانتفاضة 2009.

خامنئي يسمي ما يحصل داخلياً بأنها «فتنة»، متناسياً «الفتن الحقيقية» التي سعى لإذكائها في دولنا بغية احتلالها ولائياً أولاً ثم جغرافياً.

المثقفون والسياسيون الإيرانيون يتم استهدافهم اليوم، وخطوط الاتصال تم قطعها، وكذلك شبكة الإنترنت، وتحولت إيران إلى «حكم عسكري» صريح، والقتل أمر اعتيادي لكل من يخالف ويعارض.

وهذا أمر عادي جداً في هذا النظام، كما تؤكده قناة «العالم» الإيرانية نفسها التي نشرت مقالاً على موقعها لأحد الكتاب الموالين لنظامها يدعى الدكتور أمين حطيط، والذي ذكر فيه بكل وضوح قولاً للخميني مؤسس الثورة المجوسية الصفوية، يقول فيه بصراحة: «اليوم الذي أحس فيه بالخطر على الجمهورية الإسلامية (...) لا أقوم بتوجيه النصائح، بل سأقوم بقطع أيادي كافة المتورطين، والعاقل من اعتبر».

هذا كلام الخميني نفسه، والذي إن قبلنا به وجئنا لنطبقه على كافة الدول، فإن على إيران أن «تخرس» حينها عندما ترى عملاءها والخونة التابعين لها يتساقطون في يد العدالة لتلك الدول، حين يحاولون ممارسة الإرهاب وإشعال ثورات غدر ضد الأنظمة.

الإدارة الأمريكية بدورها بدأت تضغط، وهو توجه نتلاقى فيه معها، فإيران هي رأس الإرهاب ومنبع الشر، وهذا الشر ليس للخارج فقط، بل حتى لشعبها المعذب.

نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس يقول إن هؤلاء المتظاهرين يتطلعون دوماً لدول العالم الحر التي تدعم الحريات والديمقراطية، واليوم على جميع الدول التي تؤمن بحقوق الشعوب أن تساعد الشعب الإيراني لإنهاء نظام مستبد. كاشفاً عن نقطة سوداء تاريخياً حينما قامت الانتفاضة الإيرانية قبل ثمان سنوات، وكيف ظل باراك أوباما صامتاً ولم ينطق بحرف بشأن من يقتلون في إيران. وللتذكير هنا كيف كان أوباما يتحدث مدافعاً عن أحزاب وخلايا ومجموعات تدعمها إيران مارست الإرهاب وهددت أنظمة الدول.

أعود للقول بأن «المتواطئ» مع هذا النظام المجرم هو الذي لا يرى اليوم ما يحصل إلا على أنه «شأن داخلي» أو «فتنة»، لأن التاريخ يوثق بالشواهد والأرقام «ديكتاتورية ودموية» نظام الملالي، ويكشف «فساد» الخامنئي، ويسجل كلام الإيرانيين المهجرين والمعذبين وأسر المقتولين.

بالتالي حينما تتردد شعارات مثل «الموت لخامنئي»، تذكروا بأنها تردد أولاً داخل إيران وفي أزقتها وشوارعها، ومرددوها إيرانيون ضاق بهم الذرع بهكذا نظام مجرم لابد وأن يكون مصيره الزوال.