أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية الإصلاح التنموي والسياسي في ظل المشروع الإصلاحي الذي يفخر به الشعب البحريني. وبهذا التحول الجذري سعد شعب البحرين لذلك، لأنه كان ينظر إلى الشعوب الأوروبية ومعظم الدول الغربية على أنها أكثر حظاً فيما يتعلق بالحريات وسيادة القانون، لما تمثل تلك القيم والقواعد الهامة من نهوض بالمجتمعات، فتلك هي دول المؤسسات والقانون بشعوبها التي تحترم الأديان وتؤمن بالحريات والحقوق. وقد تحقق ذلك مع بداية ميثاق العمل الوطني وما توالت بعد ذلك من حزمة كبيرة من الإصلاحات منها الديمقراطية والبرلمانية والصحافة الحرة، التي تجعلنا نتكلم ونتصارح ونبدي آراءنا بكل شفافية ووضوح من دون خوف أو ترهيب. ومع ذلك مازالت أنظارنا تتجه نحو الدول الأوروبية التي نفذت وطبقت الإصلاحات والتنمية بتوافق مهم بين الدولة والشعب من دون أن يخل أحدهما بحقوق وواجبات الآخر.

مقارنة بسيطة بين الحياة المعيشية في البحرين من قبل والآن نقولها بصراحة لم تتغير، فمازال البحريني يعاني غلاء المعيشة، في السابق كانت الرواتب بسيطة جداً لا يستطيع الفرد أو رب العائلة أن يلبي جميع احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وتعليم وعلاج - إن استدعى - ومسكن لائق «مِلّكْ»، أما اليوم، فقد تغير الكثير من حولنا وتغير المجتمع البحريني في تطلعاته واحتياجاته وزاد نسبياً راتب المواطن البحريني وظل الغلاء يسابق الراتب بأشواط، وما بين هذين العهدين هناك رسوم وضرائب.

البحريني عندما بدأت أموره وحياته ومعيشته «تتعدل ويشم الهواء» كما يطمح ويتمنى لبضع سنين، أخذ يتنفس الصعداء من التعب والمشقة في الحياة ومتطلباتها من جراء الغلاء الفاحش وتدني الرواتب، ومع ذلك تفرض الحكومة رسوم معينة لقاء بعض الخدمات التي تقدمها للمواطن والمقيم وبدأت تفرض ضرائب بالإضافة إلى الاستقطاع الشهري لصندوق التعطل الذي فرض على الموظف بين ليلة وضحاها، فلماذا يدفع المواطن الضرائب أصلاً ما دام يدفع رسوم لقاء خدمة، فالمواطن يدفع فاتورة الكهرباء والماء ويدفع رسوم تسجيل السيارة ويدفع مخالفاته المرورية، ويدفع رسوم المغادرة في المطار، ويدفع رسوم خاصة بالعقارات ورسوم العمل التجاري، ويدفع رسوم تجديد البطاقة الذكية، وجواز السفر، والعديد من الرسوم التي تفرض لقاء خدمة تقدمها الدولة، أما بالنسبة إلى الضرائب فيجب على الدولة أن تحدد الضريبة للأشياء أو الخدمات التي لا ينتفع منها المواطنون جميعاً، أنا مع الضريبة الانتقائية. في المقابل، فيما يتعلق بالبنزين، يجب ألا تفرض ضريبة عليه، ذلك لأسباب منها أن البنزين سلعة مستهلكة بشدة ولا يمكن أن يستغني عنها جميع الأفراد، بالإضافة إلى كون البنزين أو النفط ملك الدولة يعني ملك الجميع، والسبب الآخر هو أن العملية بين الدولة والمستهلك هي عملية بيع وشراء ذلك لا يجب أن تفرض أي ضريبة عليها.

يقولون «للحين ما شفتوا شي من الضرائب»، لماذا تفرض الضرائب علينا والخدمات التي تقدمها الدولة يجب أن تكون بالمجان لأنها من حق المواطن ومن خيرات الوطن الذي لم نسعد به كثيراً ولم نحصل على هذه الخيرات منذ ولادتنا إلى الآن، مع العلم بأن الكثير من المواطنين لا يستفيدون من بعض الخدمات التي تقدمها الدولة على سبيل المثال، التعليم، يتجه البحريني لتدريس أبنائه في المدارس الخاصة، حيث أصبح عدد هذه المدارس ينافس عدد المدارس الحكومية، أيضاً يتجه المريض البحريني إلى العيادات الخاصة، تاركا المستشفيات الحكومية، والأسباب التي دعت المواطن يتجه إليهما كثيرة منها البحث عن الجودة فهذه أعباء إضافية على المواطن في الصحة والتعليم، لا توفرها الحكومة للمواطنين بالشكل الصحيح، فهل طالب المواطن ببدل تعليم وببدل علاج من الحكومة في ظل تقصيرها في بعض الخدمات؟

الدول الأوروبية التي تفرض ضرائب على مواطنيها تفرضها لأنها تقدم للمواطن والمقيم خدمات نوعية في ظل ارتفاع الأجور، فإذا كانت الدولة مثلاً ستفرض ضريبة أو رسوماً على الطرقات والجسور، أولاً عليها أن تحل مشكلة الازدحام وأن ترصف الطرقات جيداً فهذا حق آخر، جيب المواطن مثقوب ولو كان غير ذلك لباركنا لهذه الضرائب والرسوم لقاء خدمات ممتازة كما في بلد مثل سويسرا، ولكن في ظل تدني الرواتب، تقصم الحكومة ظهور المواطن بالضرائب، التمسنا ارتفاع الأسعار في بعض المنتجات والمواد الغذائية والخدمات كما تم رفع سعر تذاكر السينما مع بداية فرض ضريبة البنزين، وهذا طبيعي ومتوقع ولكن غير الطبيعي أن تظل رواتبنا كما هي في ظل ارتفاع الأسعار وفرض الضرائب، أين الموازنة في ذلك وأين حق المواطن في العيش الكريم؟