* الرئيس الفلسطيني: مؤامرة كبرى تستهدف القدس

* شيخ الأزهر يقترح 2018 عام المدينة المقدسة

* أبو الغيط: تجميد الأموال الأمريكية للفلسطينيين يستهدف إلغاء قضية اللاجئين



القاهرة – عصام بدوي، وكالات

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسلمين والمسيحيين الأربعاء إلى "شد الرحال" لزيارة القدس المحتلة دعماً لأهلها ولهويتها العربية والإسلامية بعد القرار "المشؤوم" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، مشدداً في كلمته التي ألقاها خلال "مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس" بالقاهرة على أن الزيارة ليست تطبيعاً مع إسرائيل، فيما اقترح شيخ الأزهر الإمام الأكبر د.أحمد الطيب أن يكون 2018 "عاماً للقدس الشريف تعريفاً به، ودعماً مادياً ومعنويا للمقدسيين، ونشاطا ثقافيا وإعلاميا متواصلا، تتعهده المنظمات الرسمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الدينية والجامعات العربية والإسلامية، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها".

من جانبه، أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن القرار الأمريكي بتجميد الأموال المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" يستهدف "إلغاء قضية اللاجئين".

ويعقد مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس على مدى يومي الأربعاء والخميس ويشارك فيه عدد كبير من علماء ورجال الدين الإسلامي والمسيحي واليهودي ومفكرين وكتاب وممثلين من 86 دولة. ويناقش المؤتمر قضايا استعادة الوعي بقضية القدس وهويتها العربية والمسؤولية الدولية تجاهها.

وقال عباس إن الجولة الأخيرة من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين "أكدت لنا صواب دعوتنا لأبناء أمتنا العربية والإسلامية من المسلمين والمسيحيين على السواء من أجل شد الرحال إلى المدينة المقدسة نصرة لأهلها المرابطين فيها وفى أكنافها ورفعاً لروحهم المعنوية وهم يواجهون أعتى المؤامرات التي تستهدف وجودهم".

وأضاف أن "التواصل العربي والإسلامي مع فلسطين والفلسطينيين ومع مدينة القدس وأهلها على وجه الخصوص هو دعم لهويتها العربية والإسلامية وليس تطبيعاً مع الاحتلال أو اعترافاً بشرعيته، إن الدعوات لعدم زيارة القدس بدعوى أنها أرض محتلة لا تصب إلا في خدمة الاحتلال ومؤامراته الرامية إلى فرض العزلة على المدينة.. فزيارة السجين ليست تطبيعا مع السجان".

وجدد عباس رفضه واستنكاره لقرار ترامب "المشؤوم" بشأن القدس.

وقال "نتمسك بالسلام كخيار لشعبنا ولكن سلامنا لن يكون بأي ثمن، سلامنا يستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وبما يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967".

وقال إن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، مشيدا بتنظيم الأزهر الشريف ومصر لهذا المؤتمر العالمي لنصرة القدس.

وأوضح أن "هناك مؤامرة كبرى تستهدف القدس بكل ما تمثل من معان تاريخية وثقافية وحضارية، وتضرب بعرض الحائط كل الأعراف الدولية والمواثيق الإنسانية".

وذكر أن "تلك المؤامرة بدأت بوعد بلفور المشؤوم قبل 100 عام على حساب الشعب الفلسطيني ومقدساته، بل إن المؤامرة بدأت قبل ذلك بكثير بوضع جسم استعماري لخدمة مصالح الغرب".

وتابع "وجاء الإعلان الخطير والأخير الذي ادعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القدس عاصمة لإسرائيل في انحياز لجرائم إسرائيل والعدوان على مقدسات الشعب الفلسطيني".

وأوضح أن واشنطن "اختارت أن تخالف القانون الدولي وأن تتحدى إرادة الشعوب العربية والإسلامية وكافة شعوب العالم".

ووصف شيخ الأزهر د.أحمد الطيب قرار ترامب بشأن القدس بأنه "جائر".

ودعا في كلمته إلى مواجهة القرار "بتفكير عربي وإسلامي جديد يتمحور حول تأكيد عروبة القدس، وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبعيتها لأصحابها".

واقترح شيخ الأزهر أن يكون 2018 "عاماً للقدس الشريف تعريفاً به، ودعماً مادياً ومعنوياً للمقدسيين، ونشاطاً ثقافياً وإعلامياً متواصلاً، تتعهده المنظمات الرسمية كجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والمؤسسات الدينية والجامعات العربية والإسلامية، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها".

وقال إن "قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يجب أن يقابل بتفكير إسلامي وعربي جديد وجدي يحترم عروبة القدس وحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية".

وتوجه الدكتور الطيب بنداء للأمة الإسلامية والعربية كلها، بالقول "إنها أمة مستهدفة بدينها وهويتها ومناهجها التربوية ووحدة شعوبه".

وأضاف أن "العد التنازلي لتقسيم المنطقة بدأ لتفتيتها ولتنصيب الكيان الصهيوني شرطياً عليها بأسرها".

ودعا شيخ الأزهر إلى "سلام مشروط بالعدل والاحترام لا يعرف الذل أو الخنوع"، قائلاً "ندق من جديد ناقوس الخطر للتصدي للعبث الصهيوني الهمجي الذي تدعمه سياسات دولية".

وأضاف الإمام الأكبر، أن "الزوال هو مصير المعتدين، وأن كل قوة متسلطة محكوم عليها بالانحطاط"، قائلاً "هذه الحقيقة قضى الله أن تكون مقرونة بحقيقة أخرى تسبقها، وأعنى بها امتلاك القوة التي ترعب العدوان وتكسر أنفه وترغمه على أن يعيد حساباته ويفكر ألف مرة قبل أن يمارس طغيانه واستبداده".

وذكر أن "الله يعلم أننا دعاة سلام بامتياز، وأن نبينا الكريم نهانا أن نتمنى لقاء العدو، وأمرنا أن نسأل الله العافية"، موضحا أن "السلام الذي ندعو إليه هو السلام المشروط بالعدل والاحترام وانتزاع الحقوق التي لا تقبل البيع ولا المساواة ولا الشراء".

وتابع "نريد السلام الذي لا يعرف الخنوع ولا المساس بتراب الأوطان والمقدسات وسلام تصنعه قوة العلم والتعليم والاقتصاد، والتسليح الذي يمكن أصحابه من رد الصاع صاعين ومن بتر أي يد تحاول المساس بشعبهم وأرضهم".

ولم يستخدم الطيب في كلمته كلمة إسرائيل على الإطلاق وإنما أشار إلى تل أبيب بـ "الكيان الصهيوني".

واعتبر الطيب أن ما تشهده المنطقة من نزاعات قد تؤدي إلى تقسيمها "وتعيين الكيان الصهيوني شرطياً على المنطقة".

وطالب بصفة خاصة بـ "إعادة الوعي بالقدس والقضية الفلسطينية" في الدول العربية.

وانتقد المقررات والمناهج الدراسية العربية مؤكداً "لا يوجد مقرر واحد يخصص للتعريف بالقضية وإلقاء الضوء على ماضيها وحاضرها".

من جانبه، أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في كلمته أن القرار الأمريكي بتجميد الأموال المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" يستهدف "إلغاء قضية اللاجئين".

واعتبر أن القرار "لا يأتي بمعزل عن قرار الاعتراف بالقدس، هذا القرار يستهدف التعليم الفلسطيني والصحة الفلسطينية وإلغاء قضية اللاجئين".

وأشار إلى أن إسرائيل أعلنت قبل أيام عن بناء "عن مزيد من المستوطنات، أي سلب الأرض" معتبراً "أنهم "الإسرائيليون" يعملون طبقاً لمخطط تشاركهم فيه وتساعدهم عليه الولايات المتحدة، القدس، اللاجئين، الأرض".

وقال أبو الغيط "علينا نحن العرب أن نتصدى".

وكان الرئيس الأمريكي أعلن في 6 ديسمبر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأمر بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ما أثار إدانات حازمة من العالمين العربي والإسلامي ومن المجتمع الدولي.

ويمثل قرار ترامب عدولاً عن السياسة الأمريكية المتبعة منذ عقود وعن الإجماع الدولي على ضرورة ترك وضع المدينة لمفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأثار القرار غضب العرب وحلفاء أمريكا حول العالم.

وكان وزراء الخارجية العرب طالبوا الولايات المتحدة في اجتماع طارئ الشهر الماضي بإلغاء القرار وقالوا إنه "يقوض جهود تحقيق السلام".

وقالوا آنذاك أيضاً إن هذا الإجراء من شأنه أن يفجر العنف في المنطقة ووصفوا إعلان ترامب بأنه "انتهاك خطير للقانون الدولي" ولا أثر قانونياً له.

والشهر الماضي، صوتت 128 دولة بينها كل الدول العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قرار يحث الولايات المتحدة على سحب قرارها.

وقررت الولايات المتحدة الثلاثاء "تجميد" نصف الأموال المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في رسالة تحد جديدة إزاء الأمم المتحدة وضربة قوية للفلسطينيين.

ويأتي الإعلان عن خفض المساعدات الأمريكية للفلسطينيين بعد أسبوعين من تشكيك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في جدوى مثل هذا التمويل.

وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية انه ومن أصل 125 مليون دولار من المساهمات الطوعية لهذه الوكالة لعام 2018، أكدت واشنطن دفع "شريحة أولى" بقيمة 60 مليون دولار خصوصاً لدفع الرواتب في المدارس والمرافق الصحية في الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة. وأعطت إسرائيل الضوء الأخضر الأربعاء الماضي لبناء اكثر من 1100 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وفق منظمة السلام الآن المناهضة للاستيطان. وبحسب المنظمة فإن هذه الوحدات تقع غالبها في مستوطنات داخل الضفة الغربية المحتلة، خارج الكتل الكبرى التي تقول إسرائيل أنها ستبقي عليها في إطار اتفاق سلام مع الفلسطينيين يرعى حل الدولتين.