تشرفت الأسبوع الماضي بتقديم ورقة عمل في الملتقى الخليجي الخامس للموارد البشرية والذي جاء هذا العام تحت عنوان «إدارة الابتكار»، لما للابتكار من أهمية كبيرة في جميع المجالات لا سيما الابتكار في مجال إدارة الموارد البشرية التي تعتبر أهم أحد الموارد في تطوير المجتمعات.

تناولت في ورقة العمل دراسة استطلاعية علمية أثرت خلالها عدداً من الأسئلة كان أهمها أيهما يؤثر على الآخر، الموظف المبتكر أو بيئة العمل؟ حيث طبقت هذا الاستبيان على عينة قوامها 200 موظف من القطاعين العام والخاص من مختلف الدرجات الوظيفية وأشارت أولى نتائج الاستطلاع إلى أن العينة أجمعت على أن بيئة العمل تؤثر في عملية الابتكار، كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن 64 % من أفراد العينة يرون أن الموظف لا يستطيع الابتكار في ظل بيئة غير مبتكرة، بينما يرى 36 % من أفراد العينة أن الموظف باستطاعته الابتكار حتى وإن كانت بيئة العمل غير مشجعة على ذلك.

وأشارت الدراسة كذلك إلى أن 79 % يرون في أنفسهم أنهم مبتكرون، بينما أعلن 21 % بأنهم غير مبتكرين، وعند سؤال الطرفين عن الأسباب التي جعلتهم يصنفون أنفسهم بالمبتكرين من عدمه حصلت على نتائج مبهرة ومهمة للمهتمين بالتنمية البشرية وإدارة الموارد البشرية حيث أرجع غير المبتكرين أسباب ذلك إلى ثلاثة أسباب هي: يرى 71% بأن المسؤولين يقاومون التغير مما يحرمهم من إبداء أفكارهم الابتكارية، بينما يرى 15% منهم بأن السبب يعود إلى أن بيئة العمل ترفض تدخلهم في التغيير والتطوير بينما يرى 14% أن الإدارة تنظر لهم على أنهم مجرد «منفذين» فقط.

بينما أعرب الذين يرون في أنفسهم أنهم مبتكرون أنهم استطاعوا الابتكار في بيئة عملهم عبر تغير في بعض الإجراءاتbusiness Procedure أو تغير في طريقة العمل Business model أدت إلى خفض التكاليف وتسريع العمل بينما أشار 25 % بأن قدموا ابتكارات جديدة ساهمت في تطوير العمل.

وبعد أن فوجئت بالنسبة الكبيرة التي بلغت 71% والذين يرون بأن المسؤول المباشر هو سبب تراجعهم عن تقديم ابتكارات، قررت أن أقوم بطرح هذه النسبة على عدد من المسؤولين عبر اختيار عينة من 15 شخصاً والقيام بطرح السؤال عليهم عبر منهجية المجموعة المصغرة Focus group، وأفاد هؤلاء المسؤولون بأن النسبة مجحفة في حق المسؤولين موضحين أن سبب رفضهم لبعض الأفكار أو المشاريع يعود إلى أن هناك موظفين غير مبادرين وينتظرون التوجيه من المسؤول نفسه، كما أن المسؤولين يخشون عدم استمرارية الموظف في الاستدامة في الحماس من أجل تطبيق الفكرة، كما أفاد بعضهم بأن الأفكار التي تقدم إليهم غير قابلة للتطبيق، أو أن الأفكار التي تقدم إليهم مكلفة وتتجاوز الميزانية الخاص بالإدارة أو بالمؤسسة، أو أن الأفكار المقدمة لا تتناسب مع الاستراتيجية العامة للمؤسسة أو أن الأفكار التي تقدم إليهم لا تتناسب مع الموارد المتاحة.

وفي سؤال هام طرحه أستاذ إدارة الابتكار سعود المحادين من جامعة الخليج العربي حول نقطة التقارب بين وجهتي النظر، حيث أفاد خلال أعمال المؤتمر بأن هذه الدراسة مهمة جداً بالنسبة لإدارات الموارد البشرية، ويجب أن تتبعها دراسات تكميلية حول تقارب وجهتي النظر بين الموظفين والمسؤولين، حيث أثبتت هذه الدراسة بأن كل طرف يلقي تهمة التقصير في الابتكار على الآخر. وبالفعل فتح سؤال الدكتور باب التفكير لدي على مصراعيه، فالموظفون يرون بأنهم مبتكرون وأن كل ما ينقصهم هو دعم المسؤول لأفكارهم، بينما يرى المسؤولون بأن الموظفين غير مبادرين وأن أفكارهم غير قابلة للتطبيق؟ فمن هو على حق؟

في رأيي المتواضع:

إن مشروع صاحب السمو الملكي ولي العهد الرائد والذي طرحه خلال الملتقى الحكومي والذي يهدف إلى فتح المجال الرحب أمام المواطنين الكرام للتعبير عن جميع تطلعاتهم المستقبلية حول المحاور الرئيسية التي يتم مناقشتها في ورش العمل الحكومية الخاصة بوضع تطلعات المستقبل هو أحد أوجه الفرص لإشراك المواطن في صنع القرار وإبداء المقترحات والابتكارات. بالإضافة إلى تطبيق «تواصل» الذي تشرف عليه الحكومة الإلكترونية والذي يعني بنقل مقترحات وشكاوى المواطنين هو باب آخر نستطيع أن ننقل فيه للجهات التنفيذية مقترحاتنا. وكم أتمنى أن تنشئ البحرين مختبرات لإدارة الأفكار الابتكارية، والتي يختص عملها بغربلة الأفكار الابتكارية واختبار قابلية تطبيقها ثم إخراجها إلى النور لتنعم البحرين بأفكار مواطنيها المبدعين.