إن أخطر ما قد يواجه أي مجتمع مستقر اليوم، هي وسائل التواصل الإجتماعي إذا استخدمت بشكل خاطئ، فعلى الرغم من الآثار الإيجابية والبناءة لهذه الوسائل الإعلامية إلا أنها خطرة للغاية ومدمِّرة إذا استثمرت في سبيل نشر الفوضى وضرب السلم الاجتماعي والأهلي وتهديد واقع المجتمع عبر نشر الأخبار الكاذبة والشائعات وغيرها من أدوات الفتنة.

الجميع دون استثناء أصبحوا يملكون هذه الأدوات والوسائل التي من شأنها إضعاف المجتمع أو تقويته -حسب وعي الأفراد والجماعات بمحاسن ومخاطر هذه الأمور الحساسة-، فمن الممكن للفرد أن يقوم بنشر المحبة والسلام ونشر الوعي في المجتمع، وبمقدوره كذلك أن يبث الفرقة والتناحر بين الناس، وهذا كله يعتمد ويرتكز على طبيعة وكيفية استغلال واستثمار وسائل التواصل الاجتماعي إمَّا للخير أو للشر.

من الضروري أن يستوعب الجميع هذه القضايا الحساسة التي من شأنها أن تبني أو تهدم أسس المجتمع وتفك ترابط الأفراد والأسر في البحرين، إذ يعتمد هذا الأمر على طبيعة وأسلوب استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي. فهناك جماعات «التنمّر الإلكتروني» التي تحاول بث الشائعات ونشر الأكاذيب لزعزعة استقرار حياة الناس ونشر الفوضى والذعر في نفوسهم ليصلوا لمرحلة من الإحباط الشديد وبالتالي يتحول هذا الشعور السلبي إلى حالة من الضياع وضعف الإنتاجية داخل المجتمع، ولربما يستغل بعضهم هذه المواقع لابتزاز فتاة قاصر أو طفل صغير، خاصة فيما يتعلق بقضايا جرائم الشرف والأخلاق، وبعضهم يمارس كافة أشكال التحايل والخداع والغش في قضايا المال والأعمال وغيرها من الجوانب الاقتصادية السلبية، وفي كل الأحوال يجب أن تواجَه هذه الجماعات المثيرة للفوضى والانقسام داخل المجتمع في سبيل إضعافه من طرف الدولة وكذلك المجتمع بحزم وقوة حتى لا تتحول هذه الممارسات لعادات مدمرة مع مرور الوقت.

من هذا المنطلق وعلى إثر هذا الواقع المؤلم وما يمثله «التنمر الإلكتروني» من محاكاة حقيقية للجريمة في مجتمعنا البحريني ولأهمية هذا الموضع فقد شدد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر مؤخراً «على ضرورة تحصين المجتمع من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، وما يسببه الاستغلال السيئ لهذه الوسائل من حساسيات في المجتمع ما كان يجب أن تكون، داعياً سموه إلى الحذر من استغلال البعض لهذه الوسائل كمدخل للإساءة وبث الفرقة في المجتمع، مؤكداً سموه أن أثر هذه الوسائل عند استغلالها بشكل مسيء على المجتمع لا يقل عن الإرهاب فكلاهما يقودان لتقويض الاستقرار».

يجب على الجميع مضاعفة الجهود المبذولة لحماية المجتمع عبر تقنين هذه الوسائل، بدءاً من الأسرة ومروراً بالمجتمع وانتهاء بالأجهزة الأمنية المختصة بحماية حياة الأفراد والجماعات من كل أشكال «التنمر الإلكتروني» ومعاقبة كل جهة تقوم باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض غير شرعية أو غير قانونية، كل ذلك من أجل سلامة واقعنا الحقيقي من أنياب ومخالب واقعنا الافتراضي.