في مكان وزاوية ما فوق هذه الأرض الطيبة في مطلع الستينات من القرن الماضي صادق أحدهم قلمه وأوراقه وخط سطور أول رواية بحرينية في وقت سيطر فيه الشعر وألوان أخرى من الأدب على المشهد الثقافي البحريني، وهو ما خلد ولادة الرواية الأولى وفتح الطريق أمام أوراق وكلمات روايات أخرى سجلت بحضورها على ساحة الفن والأدب ليست منافساً للشعر بل خياراً إبداعياً أضاف لوناً جديداً على الساحة الفكرية والأدبية.

ومثل طفل صغير يحبو في خطواته الأولى اتسمت مسيرة الرواية البحرينية في تاريخها المعاصر بمحاولات متواصلة لمواكبة عصرها لكنها لم تتجاوز حدودها المحلية لعدة أسباب من أبرزها تأخر تعاطي مفاهيم الحداثة في المجتمعات الخليجية، وهو ما وصف بفترة انقطاع كبيرة بين صدور أول رواية بحرينية في ستينات القرن الماضي على يد فؤاد عبيد الذي يعتبر أحد الكتاب الرواد في مجال القصة القصيرة والرواية، إذ نشر قصته القصيرة "نهاية قصة" في العام 1964 ورواية "ذكريات على الرمال" في 1966 التي يرى بعض النقاد أنها محاولة لو كتب لها الاستمرار لمثلت سابقة نوعية في المنجز الروائي البحريني، وتعتبر أيضاً ذات قيمة تاريخية ونقطة بداية لا يمكن القفز عليها، أتبعهما فؤاد عبيد بمجموعتين قصصيتين هما "بدرية في طريق الحياة" و"تأملات وهمسات في الحب" في 1971.

وبدأت، بحسب الزميلة "الخليج" ناقلة عن عثمان حسن، في الثمانينات نهضة حقيقية في مجال الكتابة الروائية في البحرين من خلال أسماء أبرزها محمد عبد الملك الذي بدأ قاصاً أولاً وصدر له في هذا المجال: "موت صاحب العربة" 1972 و"نحن نحب الشمس" 1975 و"السياج" 1982 و"النهر يجري" 1984 و"ثقوب في رئة المدينة" 1997 وأصدر روايته "الجذوة" في 1980 وأتبعها برواية "ليلة الحب" في 1998.

وفي "ليلة الحب" التي صدرت عن دار الكنوز الأدبية، وصف الروائي محمد عبد الملك بأنه يمتلك روح جبران خليل جبران وشقاوة عبد الرحمن منيف، كما تمت المقارنة بين بطلتها زهرة وليليان بطلة "قصة حب مجوسية" لجبرا إبراهيم جبرا . في السياق نفسه يُذكر عبدالله خليفة الذي صدر له أكثر من عمل كما أصدر في 1988 رواية "أغنية الماء والنار"، وفوزية رشيد التي أصدرت عدداً من القصص القصيرة ومجموعة من الروايات مثل "الحصار" 1983 و"تحولات الفارس الغريب في البلاد العاربة" 1990 وغيرهما.

وسجلت مرحلة الثمانينات وما بعدها اقتحام عدد من الأدباء البحرينيين لمعترك الرواية، ومن هؤلاء أحمد المؤذن الذي بدأ بالقصة القصيرة من خلال "أنثى لا تحب المطر" و"من غابات الاسمنت" و"رجل للبيع"، أتبعها برواية "وقت للخراب القادم". وهناك أمين صالح الذي بدأ روائياً، وحسين المحروس ووليد هاشم وفريد رمضان وفتحية ناصر وغيرهم، أما في الحديث عن أول امرأة بحرينية كتبت الرواية فهي فوزية رشيد ولديها إلى هذا الوقت ثلاث روايات منشورة وبعض المجموعات القصصية، إضافة إلى ليلى صقر التي أصدرت رواية واحدة وتوقفت، وفتحية ناصر أصدرت ثلاث روايات، ومنيرة أسوار وهدى عواجي، وهذه الأعمال لا تشكل منعطفًا في الكتابة الروائية على المستوى الإقليمي عدا تجربة فوزية رشيد، ويكمن ذلك في الرؤية والهدف وراء الكتابة عامة، والروائية على وجه الخصوص.