أكد عميد كلية الآداب في جامعة البحرين د.عبدالعزيز بوليلة، أهمية الحراك الثقافي في أبعاده الفنية على اختلاف ألوانها وأنساقها، مشيراً إلى أن هذه الفنون تترابط ترابطاً عضوياً، ويكمل بعضها البعض الآخر، لافتاً في الوقت نفسه إلى أثرها في صقل المواهب الطلابية.

جاء ذلك، خلال ندوة ثقافية في الكلية وسمت بعنوان "حوارية الآداب والفنون: تجارب ورؤى إبداعية ملهمة" نظمتها اللجنة الثقافية والاجتماعية بالكلية، بمركز تسهيلات البحرين للإعلام.

وحاضر في الندوة كل من أستاذ الموسيقى المساعد بكلية الآداب د.عصام الجودر، وأستاذة اللغة العربية المساعد في الكلية نفسها د.ضياء الكعبي، وأستاذ الفنون المساعد في قسم الإعلام والسياحة والفنون بالكلية د.جميلة السعدون، عن ترابط الفنون، وتفاعلها مع بعضها، في قوالب فنية عديدة.



وقدم المحاضرون في الندوة، التي أدارها أستاذ الإعلام المساعد بقسم الإعلام والسياحة والفنون د.عبدالناصر فتاح الله، فيديوهات متعلقة بارتباط الفنون ببعضها البعض.

وقال الجودر: "إن علماء الموسيقى في السابق اعتقدوا بأن الشعر والموسيقى فنٌ واحدٌ، إذ يتصاحب فن الرقص مع فن الغناء، بينما الفن التشكيلي شكل حضوراً لافت ومتضمناً شكلين مختلفين، هما: النقش على الجدران، وصناعة الآلة الموسيقية".

وعن آلية إنشاد الشعر والموسيقى قديماً، أوضح د.الجودر أنه كان يتم إنشاد الشعر عبر الشعراء وحفظة الشعر بشكل مباشر، حيث إنهما أخذا حيزاً زمنياً لقياسهما من خلال الاستماع إلى القصيدة مدة 3 دقائق مقسمة بشكل إيقاعي عن طريق الأوزان والجمل الموسيقية.

ولفت إلى أن علاقة الشعر بالموسيقى علاقة وثيقة منذ القدم، وعدد مجموعة من الشعراء الغرب الذي قاموا بكتابة الكلمات الشعرية وتلحينها، ومن بينهم الشاعر الإغريقي هوميروس والشاعر الهندي طاغور.

وذكر الجودر، أن الإيقاع موجود في كافة الفنون حيث اهتم علماء النفس بالحديث عن الإيقاع مرجحين أنه يعود إلى نبض القلب وبعض الحركات العامة، مستشهداً بمقولة الفيلسوف اليوناني أفلاطون "إن الإيقاع يعد فن الحركات الجيدة، مثل الليل والنهار والفصول الأربعة"، لافتاً إلى أن مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون ربط بين العمران والموسيقى قائلاً: "كلما نرى العمران كلما نرى نهضة موسيقية".

وقدمت أستاذة اللغة العربية المساعد في كلية الآداب د.ضياء الكعبي عرضاً بعنوان "توافقات الفكر الإنساني في المجال الإبداعي"، تطرقت من خلاله إلى تأثير المتتالية السيمفونية شهرزاد على الموسيقار الروسي ريمسكي كورساكوف بحسب المرجعية الرومانطقية التي تعتمد على المؤثر الشرقي.

وتحدثت أستاذة اللغة العربية عن قصة الملكة شهرزاد التي ساعدت الملك شهريار على استعادة توازنه إثر الصدمة العاطفية التي أصابته ضد زوجته، فأصيب بعدم التوازن النفسي، فقامت شهرزاد بمعالجته عبر سرد القصص ليلة بعد ليلة.

وقالت: "إن ألف ليلة وليلة شكلت مصدراً للإلهامات حيث خضعت لترجمات أوروبية عدة من قبل الغربيين المستشرقين من بينها ترجمة الكاتب الفرنسي أنطوان غالان في القرن17 الذي أخضع ترجمته لذائقة المتلقي الأوروبي، وعمل عدة تغييرات وتعديلات للسيمفونية التي حظيت باهتمام من المستشرقين والمهتمين رغم اختلاف مرجعياتهم".

وذكرت الكعبي أن أول متتالية سيمفونية استوحاها كورساكوف هي عنترة بن شداد من السيرة الشعبية، وشهرزاد هي المتتالية الثانية التي تبناها، وذلك من أجل إحياء القومية الروسية بحسب رؤية بعض النقاد الذين يريدون انتماء روسيا إلى دول الشرق وليس دول الغرب من خلال فن الموسيقى.

وأضافت: "من بينهم تزفيتان تدوروف الذي يعد من كبار النقاد البنيويون، وانتقد المجموعة القصصية، قائلاً إن السرد في مجموعة ألف ليلة وليلة يعني الحياة والتوقف عنه يعني الموت، موضحة أنها تمتاز بالخصوصية عن غيرها من المؤلفات السردية الأخرى".

وأشارت للكعبي إلى وجود دور عدة للأوبرا تم استيحاؤها من ألف ليلة وليلة من بينها أوبرا أبوالحسن، ونيكال ماريا، وبيرنر في القرن الثامن عشر.

من جانب آخر، قالت الأستاذة المساعد في قسم الإعلام والسياحة والفنون بكلية الآداب د.جميلة السعدون: "إن تاريخ العلوم والاتصال تعارف على أن اللون والفراغ والملمس يشكلون الصورة الفنية" .

وعددت تجارب لفنانين من الغرب، من بينهم: الفنان الروسي كاندولسكي الذي قدم لوحات فنية عدة مستوحاة من مقطوعات موسيقية.

وذكرت أن من بين تجارب الفنانين المحلية تجربة الفنان إبراهيم بوسعد الذي قدم معرضاً فنياً بعنوان "وجوه" في العام 1997 مقترناً بفن الشعر والموسيقى والفن التشكيلي.

وأضافت أن بوسعد استوحى لوحاته من الشاعر البحريني قاسم حداد، حيث قام بإصدار مجموعة أشرطة لتسجيلات صوتية لقصائد الشاعر حداد مصاحبة للوحات، من تلحين وغناء الفنان خالد الشيخ.