غرور النظام المختطف للثورة الإيرانية والجاثم على صدر الشعب الإيراني المظلوم وصل حد أن يدعو بعض مسؤوليه الولايات المتحدة الأمريكية التي يقر كل العالم بأنها القوة العالمية الأعظم إلى "إدراك حجمها ومكانتها" ... وأن "تسعى لأن تدرك أكثر ما هي مكانة وقدرة إيران" . هل يوجد أكبر من هذا غرور؟ بالتأكيد لا، ولكن هذا يوفر شرحاً لما تقوم به إيران نظام الملالي في المنطقة، فإيران التي تدعو الولايات المتحدة لتعرف حجمها ولتدرك مكانة وقدرة وقوة النظام الإيراني من الطبيعي أن تنظر إلى دول المنطقة التي هي أقل قوة وقدرة من الولايات المتحدة بتعالٍ وتعتقد أنها أكثر منها قدرة وقوة ومكانة. ولولا هذا لما تجرأت وتدخلت في شؤون جيرانها ولما فعلت شيئاً من هذا الذي تفعله منذ أربعة عقود.

التصريحات الناقصة وغير الواقعية لم تقف عند ذلك ولكنها تجاوزت حتى وصلت إلى أن يهاجم قاسم سليماني، قائد ما يسمى ب"فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ويقول له "حسابكم مع فيلق القدس، ونحن أقرب إليكم مما تتصورون"، كما ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية، ويعتبر تصريحاته بشأن إيران سخيفة. ليس هذا فحسب، فالغرور وصل حداً أن يقول " تذكروا بأن حسابكم معي ... ومع فيلق القدس" . والأكيد أنه لا يقصد حساب ترامب وحده وإنما حساب الولايات المتحدة الأمريكية كلها ! بل أن الغرور وصل حداً أكبر عندما حذر الرئيس الأمريكي من أنه إذا شن حرباً فإن الإيرانيين هم الذين ينهونها، أي أن قرار وقف الحرب سيكون بيد إيران المنتصرة حتماً في أي معركة تخوضها ضد الولايات المتحدة!

سليماني اعتبر "فيلق القدس" خصماً مساوياً للقوات الأمريكية وأن أي مواجهة بينهما ستنتهي لصالح إيران ، ما يؤكد أن النظام الإيراني يعتقد أنه قادر على التحكم في البحر الأحمر وأنه بالتالي لا يمكن لغيره أن يحسم المعركة.

المثير أن تهديدات سليماني بدت أكثر قوة من تهديدات الرئيس حسن روحاني الذي لم يزد عن وصف تهديدات ترامب بأنها فارغة وأنها لا تستحق الرد وأن الشعب الإيراني اختار المقاومة، وهذا يعني أن سليماني يريد أن يوصل أيضاً رسالة إلى حكام إيران مفادها أنه هو الحاكم الفعلي وهو الذي يقرر وليس غيره وأنه الرأس الأكبر.

حالة الغرور التي يعيشها النظام الإيراني هي التي ستعجل بفنائه ولكنها ستدمر إيران أيضاً، فإن يصل حداً أن يعتقد أنه قادر على الوقوف في وجه أكبر الأسود وأكثرها شراسة فإن هذا يعني أنه صار يعتقد أنه لم يعد أرنباً وأنه أسد، وليس أي أسد!

منطقاً وواقعاً لا يمكن المقارنة بين حجم وقدرات القوات الإيرانية وحجم وقدرات القوات الأمريكية فالأخيرة أكبر وأقدر وأقوى وتمتلك ما لا يمكن لإيران أن تمتلكه حتى في الأحلام، عدا أنها ليست وحدها، فالنظام الإيراني الذي عادى كل العالم لا يمكن للعالم أن يقف إلى جانبه بل لا يمكن أن يقف إلا إلى جانب الولايات المتحدة.

مثل هذا الأمر ومثل هذا اليوم لم يفكر فيه النظام الإيراني ولم يحسب له حساباً، فاستمر منذ اللحظة التي اختطف فيها ثورة الشعب الإيراني في خلق الأعداء وخسر ثقة جيرانه الذين كان يمكن أن يكونوا له سنداً بإعلانه بأنه سيقوم بما أسماه تصدير الثورة ونشر العدالة في العالم وأوجد في دستوره مواد تتيح له التدخل في شؤون الدول الأخرى من باب الانتصار للشعوب المظلومة والمضطهدة.

إن نظاماً لم يستطع في أربعين عاماً إضعاف منظمة "مجاهدي خلق" لا يمكن أن ينتصر على أمريكا إلا بالردح.