ما إن يطل علينا شهر أغسطس إلا وتتجدد مناسبتان مؤلمتان لنا كخليجيين بشكل خاص وللدول العربية والعالمية بشكل عام، وهما غزو العراق للكويت في 2 أغسطس 1990، ووفاة الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله في 1 أغسطس 2005، ولقد ارتبطت هاتان المناسبتان مع بعضهما دائماً، فما أن يذكر العزو الصدامي للكويت ثم تحريرها، إلا ويذكر الملك فهد رحمه الله، والعكس صحيح.

وخلال الأيام القليلة الماضية نشطت مواقع التواصل الاجتماعي، وبث الكثيرون عبر تلك المواقع صوراً وتسجيلات عن الغزو العراقي، وكذلك الفقرة التسجيلية الخالدة للملك الراحل فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه في موقف السعودية من ذلك الغزو، وبالذات جملته المشهورة المتعلقة بارتباط الكويت والسعودية بمصير واحد مشترك ولا يمكن بقاء الأولى وزوال الثانية والعكس، وهذا الحديث للفهد رحمه الله هو تأكيد لا حدود له عن المعدن الحقيقي لدول الخليج العربي وقت الشدائد والصعاب حيث تنصهر جميعها في كيان واحد لتشكل اتحاداً بينها وهو الأصل والهدف الأسمى لدولنا الخليجية، إلا من أبى ذلك أو من كان لديه "مآرب أخرى".

ولكن الذباب الإلكتروني المحسوب على قطر وعزمي بشارة خرج بروايات أخرى، حرفت الأحداث، وزيفت الواقع، من أجل استبعاد شهامة الموقف السعودي بالذات، ودوره في حرب تحرير الكويت، واستبعاد دور الملك فهد المحوري والهام والأساسي في تلك الحرب وما قدمه للكويت بما لا يسع المجال لذكرها كلها هنا، ولكن أهل الكويت والخليج العربي هم أول من يعلم تلك الجهود للملك فهد رحمه الله، وليس ذلك الذباب الإلكتروني أو أتباع إيران أو عزمي بشارة "الغريب" عن أهل الخليج العربي.

تلك السذاجة والجهل المركب من مرتزقة النظام القطري وذباب عزمي الإلكتروني ليست مستغربة، فهؤلاء جبلوا على بث الفرقة والشقاق والفتنة، ويجيدون تحريف الأحداث وتزييف الحقائق والوقائع والتاريخ، ويفسرون الأحداث بجهالة مركبة أو متعمدة وحماقة وسفه قلما نجده عند آخرين، والسبب أنهم ركنوا إلى تركيا وإيران، فأصابتهم عدوى الكذب والتدليس والخيانة، ووجدوا في قطر ونظام حكمها السفيه الساذج أرضاً خصبة لمحاولة إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية والسلطنة العثمانية.

إن موقف السعودية كان من أجل حماية الخليج العربي والأمة العربية بأكملها من الشتات والتمزق، بعدما تخلى صدام حسين عن عروبته التي كان يتشدق بها هو وحزبه، فبيت نوايا الشر ضد الكويت وجعل من النفط العذر الذي هو أقبح من الذنب نفسه، فدله غروره على غزو دولة عربية مسلمة جارة له، بل وتمادى إلى تهديد دول الخليج العربي، وبالرغم من إحساس الملك فهد بفطنته وحنكته الدبلوماسية المعهودة بوجود نوايا غريبة عند صدام حسين قبيل الغزو، إلا أن التوقع لم يكن أبداً اجتياحه للكويت بغض النظر عن الخلافات والاختلاف في وجهات النظر.

إن الوقفة المشرفة التي وقفتها دول مجلس التعاون وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وملكها في ذلك الوقت ستبقى خالدة في التاريخ، والحرص السعودي على حقن الدم العراقي العربي كان لآخر اللحظات قبيل الزحف العسكري البري لتحرير الكويت، حيث طالب الملك فهد مراراً وبكل شهامة من صدام الانسحاب من الكويت وعدم الحاجة لخوض حرب يعلم الجميع أن صدام طرف خاسر فيها، ولكن هذا الأخير كان معانداً ومتغطرساً فدفع الثمن باهظاً، وبفضل الله ثم وحدة الموقف الخليجي وخاصة السعودي والعالمي تحررت الكويت وعاد الحق إلى أهله.

هنا ينبغي علينا جميعاً عدم السماح لنظام قطر وذبابها الإلكتروني العبث بالتاريخ ومحاولتهم تزييفه وقلب الحقائق والوقائع وفق مصلحة الإخوان أو النظام الأحمق في إيران، فلا بد من الاستمرار في التذكير بحقيقة تلك الأحداث دائماً من خلال صناعة أفلام وثائقية، أو إجراء دراسات وتقارير إعلامية معلومة المصادر، لتعلم الأجيال القادمة ماذا قدمت السعودية وملكها فهد رحمه الله للمنطقة، وكيف حفظ الله الكويت والخليج العربي من غرور صدام حسين بفضل جهود الملك فهد وأشقائه حكام الخليج العربي لا ينكر تلك الجهود إلا الجاحد، حتى لا يأتي عابث بالتاريخ أو جاهل بالأحداث ويحاول طمس الحقائق وتزييفها كما يفعل الذباب الإلكتروني القطري.