أن يطالب العالم بمعرفة ما حصل للكاتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي فهذا حقه خصوصاً بعد أن صار الأمر يبدو كما اللغز واكتنفه الغموض وكثرت فيه السيناريوهات والمتخيلات، لكن أن يسيء هذا العالم أو فرد واحد منه إلى المملكة العربية السعودية أو يجرحها فأمر مرفوض جملة وتفصيلاً.. ليس من السعودية وحدها والسعوديين وحدهم ولكن مرفوض من البحرين والبحرينيين ومن كل دول العالم والشعوب التي تعرف دور المملكة وإسهامها في مختلف المجالات وتقدره. يكفي أن المستهدف هنا هي المملكة العربية السعودية لينبري كل غيور على الدين والعروبة ليقف في وجه كل من يسيء إليها ولو بالكلمة، ويكفي أن المستهدف هنا هي البلاد التي أسسها ويحكمها آل سعود الكرام الذين لهم من البصمات الحضارية ما يغطي البحار والمحيطات.

ما يحصل هذه الأيام مؤلم بل مؤلم جداً ومرفوض بل مرفوض جداً، والمثير أن الموضوع تحول من السعي لكشف غموض اختفاء صحافي سعودي إلى السعي للإساءة إلى المملكة العربية السعودية وقادتها، ما يثير الكثير من التساؤلات عن الذي يحدث وعن الذين يقفون وراءه والمستفيدين منه، فمن يسأل عن مصير شخص لا يحيد عن السؤال عنه ولا يدخل في ما لا شأن له به.

السعودية خط أحمر، ولهذا نقول وبأعلى أصواتنا بأننا نرفض التعرض لها ولقادتها ولدورها ولإسهامها الحضاري ونرفض الانتقاص منها، تماماً مثلما نرفض القصص التي يتم تأليفها في كل ساعة والتي لا يتأخر تبين كذبها، ومثالها ما تبثه قناة «الجزيرة» القطرية التي اعتبرت موضوع خاشقجي فرصة العمر التي إن ضاعت قد لا تأتي مطلقاً حيث لم تتوقف عن التهجم على السعودية منذ اللحظة التي أعلن فيها عن بداية قصة خاشقجي ووصل بها الأمر أنها تركت كل الملفات التي تعودت على تناولها وتفرغت لهذه القصة، وهو نفسه الذي تفعله فضائيات أخرى تابعة لقطر ولإيران ولمن هم تحت كنفهما.

وكما جاء في البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية السعودية فإن «السعودية مهبط الوحي وقبلة المسلمين.. ومن موقعها الرائد في العالمين العربي والإسلامي لعبت دوراً بارزاً عبر التاريخ في تحقيق أمن واستقرار ورخاء المنطقة والعالم، وقيادة الجهود في مكافحة التطرّف والإرهاب، وتعزيز التعاون الاقتصادي، وترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم»، ولهذا نؤكد معها ويؤكد كل شرفاء العالم «رفضها التام لأي تهديدات ومحاولات للنيل منها سواء عبر التلويح بفرض عقوبات اقتصادية أو استخدام الضغوط السياسية أو ترديد الاتهامات الزائفة التي لن تنال من المملكة ومواقفها الراسخة ومكانتها العربية والإسلامية والدولية ومآل هذه المساعي الواهنة كسابقاتها هو الزوال».

لن تلتفت المملكة العربية السعودية للكلام الذي يسوقه الناقصون ولن تعطي أي اعتبار لأي قصة يتم تداولها كون كل هذه القصص من وحي الخيال ولا تمت للحقيقة بصلة، وما البيان الذي أصدرته خارجيتها إلا بغرض تأكيد قناعاتها وموقفها وإلا فإن ما قيل لا يستحق الرد عليه، فالهدف منه معروف ومفضوح، والساعون إلى تحقيقه معروفون ومفضوحون.

كل من حاول رمي السعودية بحجر ألقم به، فالسعودية واضحة وهي جدار لا يمكن مناطحته، ولو أن ما توفر لديها من معلومات عن اختفاء مواطنها كان مفيداً لما تأخرت عن توفيرها، فالسعودية قبل غيرها تريد أن تحل لغز خاشقجي ويهمها ألا يكون قد تعرض لسوء.

طريقة تناول الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها قناة «الجزيرة» القطرية لموضوع خاشقجي واهتمامها المبالغ فيه يؤكد أنها تعمد إلى الاستفادة من هذه القصة وتوظيفها لخدمة أهداف أخرى، والدليل هو تحريضها الذي لم يتوقف على السعودية واعتبار كل خبر مسيء لها انتصاراً ما بعده انتصار.