كيف يمكن أن تكسب ثقة المواطنين وأنت تتعامل معهم بسياسة المفاجآت؟ كيف للإعلام أن يساعد الحكومة والحكومة لا تعمل على مساعدته؟

فاجأتهم بالضريبة المضافة على الكهرباء، ثم فاجأتهم برسوم البريد دون مقدمات وتحضير وتمهيد، وهم الآن في وضع انتظار لمزيد من المفاجآت غير السارة. إنك تخالف السير في طريق بناء الثقة، تسير عكس الاتجاه الذي يحتاج إلى وضوح وشفافية وصدق إلى أبعد الحدود. طريق الثقة لا مكان فيه «للمفاجآت» فهي ممنوعة وتعد مخالفة سير تحاسب عليها. وأنت ترتكب المفاجأة تلو الأخرى دون اعتبار لقانون هذا الطريق وكأنك لا تعبأ بكسب الثقة.

الثقة تحتاج إلى الإعلان المسبق لأي إجراء للناس مع الحرص الشديد على تفهم الطرف الآخر وتوعيته بضرورة وأهمية الإجراء، وتحتاج إلى أن أكون مستعداً لمعالجة الأضرار الجانبية التي قد تقع على شريحة من الناس وذلك يدل على أنني درست الموضوع وتهمني مصلحة المتضررين ولم أسقطهم من حسابي.

هناك خطوات جميلة وممتازة تفعلها؛ كخبر غلق المتجر الذي خالف القانون وكان واحداً من الأخبار التي تسير في الاتجاه الصحيح لبناء الثقة، ولكن فجأة ظهر تزامناً مع ذلك الخبر خبر آخر عن القيمة المضافة لخدمات البريد فقطع عليه الطريق، وكأن هناك من يتقدم خطوة ويعود بخطوتين ثم يسد الطريق بحجر عثرة. حتى بين الأجهزة الحكومية ليس هناك تنسيق وذلك أيضاً يسير عكس اتجاه السير في طريق بناء الثقة.

سؤالنا الذي يحيرنا ولا نعرف له إجابة، ألا يهمكم هذا الطريق؟ هذا البناء؟ تلك الجسور التي تحتاج إليها أي حكومة للاستمرار؟ أليست هناك أيدٍ ممدودة من الجميع بانتظار الشراكة الفعالة ؟ أليست هناك توجيهات ملكية بالدراسة والتأني وعدم التسرع؟

الطريقة التي تم فيها الإعلان عن القيمة المضافة على الكهرباء استدعت معالجة من الديوان الملكي لأنها طرحت دون احتساب ردات الفعل، ثم تلاها إعلان عن القيمة المضافة على البريد بذات الأسلوب!!!!!!!!!! ما هو التفسير؟

لديكم برنامج محكم كما تقولون، وبرنامج سيساعد الدولة على تخطي عقباتها، ويصل بالعجز لنقطة التوازن المالي... ممتاز! واجتماعاتكم مع الإعلام كانت اجتماعات بناءة وجيدة وقيل فيها كلام جميل لسنا في حل من ذكره فالاتفاق أنه ليس للنشر إنما للعلم والاطلاع، لماذا إذا لا تكملون المسيرة مع الناس؟

هناك خبر بأن عملية التوعية بالسلع المعفاة مهمة موكلة بالتجار، والتجار يقولون إذا كنا نحن لا نزال بحاجة لمزيد من التوعية والفهم فكيف سنكون مسؤولين عن توعية الناس؟

علامات التعجب لا تكفي للتعبير عن مدى استغرابنا لا على إقرار القيمة المضافة كقانون، إنما أصبح الاستغراب على طريقة فرضه الغريبة والمستمرة بذات الأسلوب الذي يعتمد على عنصر المفاجأة، مفاجأة للتجار مفاجأة للمستهلك مفاجأة للأجهزة الحكومية.

ربما نجهل منافع هذا الأسلوب، ربما له إيجابيات لا نراها، إنما لن نيأس من محاولات دفع الأجهزة الحكومية للخروج للناس والتحدث لأننا نهدف لبناء جسور الثقة وتمهيد طريقها والتقليل من مخالفات السير فيها.