كما أشرنا في مقالنا السابق أن برنامج «السناب شات» برنامج جميل وهادف لمن اهتم بالاستفادة من مميزاته وسبب إنشاؤه عكس ممن قاموا بتحويله لبرنامج لمراقبة الآخرين واقتحام خصوصياتهم ومتابعة تفاهاتهم ورصد زلاتهم وبث كل ما هو سطحي وسخيف!

وكما تطرقنا لمميزاته في الجزء الأول من المقال يجدر بنا ذكر سلبياته، فمن أهم عيوبه أنه أتاح للناس الفضولية والحساد وأبراج المراقبة متابعة يوميات وخصوصيات الأشخاص فأصبح الكثيرون يعيشون مع الآخرين وهم بعيدون عنهم بالمسافات وأصبحت أخبارهم معلومة لديهم بشكل يومي بل تتحدث لديهم كل ساعتين «متى استيقظوا من النوم وأين أكلوا وأين يقضون إجازتهم وإلى أين سافروا ومن أصدقائهم وماذا يفعلون وكيف شكل منازلهم بل البعض تمادى لدرجة تصوير غرف نومه!!!».

لذا كثرت المشاكل بين الناس، والقلوب لم تعد نظيفة، كما السابق، وكثرت الأمراض الروحية من العيون وغيرها لأنه في الماضي القريب كانت الناس غافلة عن بعضها البعض وتتواصل معهم لتطلع على أخبارهم في نطاق محدود أما اليوم وأمام مثل هذه التطبيقات أصبحوا يعرفون عن أمورهم الخاصة أكثر مما ينبغي!!

وصلنا لوضع أننا بتنا نرى أن هناك حاجة لمنع أولياء الأمور من تصوير أطفالهم الصغار ونشر صورهم ومقاطع الفيديو لهم بكل بجاحة وقلة ذوق دون مراعاة أن الطفل لا ذنب له فيما يقوم به والداه من انتهاك لخصوصيته والتشهير به وهو في عمر لا يدرك مخاطر ما يفعلونه وما يعرضونه له كما كثرت المشاكل بين الناس بسبب قيام البعض عند زيارة منازل الآخرين بتصوير أطفالهم وجلساتهم وجمعاتهم وكل ركن في المنزل دون استئذان!

حتى المشاكل بين الأهل والأصدقاء كثرت «مسوي عزيمة وما عزمنا! سافر وما قالنا وصوره طالعه بالسناب!» بل هناك من أخذ يفسر العديد من مقاطع السناب شات على هواه «هو متعمد يصور حق يراوينا! نكلمه ما يرد ومسوي روحه تعبان وبالسناب مستانس وطالع!»، ثم يكتشف لاحقاً أن القصص كانت معلقة وأنها التقطت من قبل كم يوم ولم يتم تحميلها إلا مؤخراً بسبب خلل بالشبكة أو أن الصور قد حملت مؤخراً من اللاب توب للهاتف فنشرها لكن الحقيقة أنه صورها قبل عدة شهور!

أكثر ما يثير الاستغراب محاولة البعض لتقليد ما يدعون بـ «الفاشينيستات»، ولكن على نطاق عائلي، فلا يبقى شيء لا يصور ولا يبقى مقطع أغنية لا تغنى مع القيام بحركات بهلوانية أو رقص فهناك من يقوم بحركات غريبة جداً تشعر وأنت تتابعه أنه من ذوي الاحتياجات العقلية وهناك من أخذت تقليد المشاهير بمدح بعض المنتجات والكريمات بشكل مضحك ومزرٍ ووصل الأمر بالناس إلى تصوير خدمهم والمرضى من أهلهم وهم على سرير المستشفى وموائد طعامهم وجلساتهم بل هناك من المجانين من أخذ يصور حتى أغراض استحمامه وقد كتب «شاور تايم!!!».

الأغرب أن هناك من المرضى الذين وجدوا من هذه البرامج فرصة لتطبيق أمراضهم ورغبتهم الدائمة في إيذاء الآخرين والتكلم عنهم فيتعمد عمل حساب سناب شات مزيف لإضافة أشخاص هو يدرك ورغم أنه موجود في قائمتهم إلا أنهم لا يسمحون له ضمن خاصية «تحديد القصة « من مطالعة قصصهم اليومية بالسناب شات فيلجأ لحيلة عمل حساب وهمي أو حساب يدعي أنه حساب إعلاني أو تجاري لإضافتهم ومتابعة حياتهم والتطفل على شؤونهم حتى يتعرف على أخبارهم أولاً بأول ثم يروح ينشرها للناس مع افتعال المشاكل!!!

أيضاً من الأمور الغريبة التي تسبب بها هذا البرنامج تحديداً هو و«الانستغرام»، قيام العديد من الفتيات والزوجات بالطلب من أهلهم وأزواجهم السفر فقط لأجل أن تقوم بإضافة مقاطع فيديو وصور جديدة على السناب والانستغرام من باب «البرستيج!»، والاستعراض و«الفشخرة» والتغطية. بل هناك من حول حسابه للسناب شات إلى حساب ممل حيث منذ بداية سفره إلى آخر يوم لا يبقى لا شارع ولا جدار لا يقوم بتصويره وحتى أي مسرحية أو حفلة موسيقية يحضرها تشعر وكانه كان من الأجدر أن يعمل كمراسل تلفزيوني أفضل له لأنه لا تبقى شاردة ولا واردة لا يقوم بتصويرها مع التعليق ووضع العديد من الكلمات والفلاتر والملصقات «إزعاج وفوضى وتلوث بصري» تشعر وكأنك بحاجة إلى أن تذكره أن الحفل سيكون تصويره متاحاً لاحقاً على اليوتيوب ومن أراد فسيحضره و«السناب شات» ليس له ذنب في أن يحوله إلى نظام قناة فضائية تبث بشكل مباشر!

وصلنا إلى وضع أصبحنا حتى عندما نتجه إلى مطاعم بالخارج أخذت هذه المطاعم عندما ترى خليجيين أو عرب تأخذ طلب الطعام وفق نظام «مع سنات شات أو بدونه؟» حيث لم يعد مستغرباً أن تستمع إلى «الجرسون» وهو يسألك «عفواً الطبق ونحن نقوم بإعداده هل سيكون هناك تصوير له أو لا ؟ «وهنا يقصد أن هناك نوعين من التجهيز يتم الأول تجهيز عادي للناس الذين لا يصورون أطباق طعامهم وينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي ونوع يتفنن المطعم في تجهيزه حتى عندما يصور يجذب الناس الذين معه بمواقع التواصل الاجتماعي خاصة السناب!

الكثير من الناس لا يراعون وهو يصور كل ما هب ودب ردة فعل من ينظرون إلى مقاطع السناب الخاصة به بدرجة قد تصل إلى استفزازهم وأن هناك أشخاصاً لربما مبتلون بأمراض ولا يستطيعون أن يأكلوا ما يقوم بتصويره من أطعمة وموائد طعام «تفتح أعينهم»، عليها عندما يصورنها ومن يقوم بتصوير أرصدة مشترياته أن هناك العديد من الفقراء والمحرومين ولربما أشخاص حتى قريبين منه ينظرون له بعيون لا تحمل خيراً ويفسرون ما يضعه «فشار» «ومحدث نعمة» وأن من يقوم بتصوير اطفاله أو أطفال غيره أن هناك من هم محرمون من هذه النعمة لذا كثير بين الناس نوع يدعو الآخرين عند اجتماعهم إلى تجنب فلان وعلان لأنه إذا حضر لن يبقى شيئاً لن يصوره ويعرضه على الناس دون مراعاة الخصوصية!