العربية.نت

على رغم أن الحكومة الإسرائيلية لم تتخذ بعد قراراً ببدء المرحلة التالية من الحرب في قطاع غزة، إلا أن الجيش الإسرائيلي بدأ في الإشارة إلى التوسع الوشيك لعمليته البرية جنوباً.



فقد تحول تركيز الحملة العسكرية إلى الجنوب حيث من المرجح أن تواجه إسرائيل أصعب مرحلة في الحرب المستمرة منذ ستة أسابيع، في الوقت الذي تسعى فيه إلى سحق حماس واستعادة الأسرى وسط أزمة إنسانية متفاقمة.

ونجحت القوات الإسرائيلية إلى حد كبير في السيطرة على شمال غزة، لكنهم لم يدمروا سوى جزئياً قدرات حماس العسكرية ولم يأسروا أو يقتلوا العديد من كبار قادتها، كما يقول ضباط ومحللون إسرائيليون كبار، نقلت عنهم "وول ستريت جورنال".

بدورهم أشار القادة الإسرائيليون إلى التحول نحو الجنوب في الأيام الأخيرة، ما يشير إلى أن العديد من مقاتلي حماس فروا إلى هناك مع دخول القوات الإسرائيلية، وأن بعض القادة ربما يختبئون في بلدات ذات كثافة سكانية عالية، أو في أنفاق تحت الأرض، والتي شهدت غارات جوية أقل وقتالاً أقل من مدينة غزة شمالاً.

ويكاد يكون من المؤكد أن حماس ستثبت كونها خصماً أكثر تصميماً في الجنوب، حيث لن يكون أمام المقاتلين إلا القليل من الخيارات المتبقية غير القتال.

ورقة الأسرى

بدورهم، قال ضباط إسرائيليون سابقون إن الأسرى هم أفضل وسيلة ضغط يمتلكها قادة حماس للبقاء على قيد الحياة في ظل التحول الإسرائيلي نحو الجنوب، حيث يسعى المسلحون إلى وقف القتال، على الأقل مؤقتاً.

كذلك بيّن مسؤولون وقادة إسرائيليين أن خطة إسرائيل لمهاجمة حماس في الجنوب من المرجح أن تشبه تقدمها في الشمال، لكن الأمر سيكون معقداً بسبب العدد الكبير من المدنيين المكتظين الآن في المنطقة.

في موازاة ذلك كشف مسؤولون أميركيون أنهم يحثون إسرائيل على تأخير عملياتها المتصاعدة في الجنوب حتى تفكر في خطط لحماية المدنيين الذين فروا إلى هناك بأعداد كبيرة هربا من القتال في الشمال.

إغلاق الحدود مع مصر

في المقابل، يعتقد مسؤولون إسرائيليون أنه ليس أمامهم خيار سوى غزو جنوب ووسط قطاع غزة لتحقيق هدف الحكومة الإسرائيلية المتمثل في إزاحة حماس من السلطة رداً على هجوم 7 أكتوبر عبر الحدود الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص، وأسر نحو 240 آخرين.

وأحد أهداف إسرائيل في الجنوب سيكون إغلاق الحدود مع مصر، بما في ذلك الأنفاق المزعومة تحتها، لمنع حماس من جلب المزيد من الأسلحة لإطالة أمد القتال ومنع قادتها من الفرار من غزة، بحسب محللين ومسؤولين أمنيين إسرائيليين.

بدوره، قال ميري آيسين، النائب السابق لرئيس هيئة الاستخبارات القتالية في الجيش الإسرائيلي إن " قادة حماس الرئيسيون لم يجلسوا في الشمال قط". وأضاف أنهم "سيبقون بالقرب من منازلهم حيث يعيش الجزء الأكبر منهم في وسط وجنوب القطاع".

إلى ذلك من أهم أهداف إسرائيل أبرز قادة حماس في غزة يحيى السنوار، بالإضافة إلى القائد العسكري لحماس محمد ضيف، الذي اتهمته إسرائيل بتنسيق هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.

القصف جواً ثم الدخول البري

ومن المرجح أن تقوم الطائرات الحربية الإسرائيلية بتكثيف قصفها على خان يونس ورفح، وهي المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في الجنوب والتي يعتقد أنها مليئة بأنفاق حماس، مثل مدينة غزة في الشمال.

كذلك من المرجح أن يتبع ذلك تقدم القوات البرية من اتجاهات متعددة، وعزل معاقل حماس وتطهيرها ببطء من المقاتلين فوق الأرض.

وأوضح إيال بينكو، وهو ضابط عسكري إسرائيلي متقاعد ومسؤول استخباراتي سابق، أن "مقاتلي حماس سيتحركون ببطء"، وأشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي سيبدأ من "القصف جواً ثم من البحر ومن الأرض ثم تدخل المشاة والدبابات".

ويقول القادة إن القوات الإسرائيلية ظلت بعيدة عن الإنفاق في الشمال، واختارت تفجير المداخل في كثير من الحالات عندما تجدها لمنع حماس من استخدامها لنصب الكمائن.

معضلة الأنفاق

لكن مع استمرار البحث عن الأسرى في الجنوب، فإن تحديد الإنفاق التي يمكن تدميرها دون تعريض الأسرى إلى الخطر قد يكون أمراً صعباً على نحو متزايد.

من جهته ذكر جون سبنسر، وهو ضابط متقاعد بالجيش الأميركي ورئيس دراسات حرب المدن في الأكاديمية العسكرية الأميركية أن "بعض التحديات ستظل على حالها في الجنوب".

وتابع قائلاً: "لكن أحد الاختلافات هو أنهم أرسلوا الجميع إلى هناك، لذا فهم يواجهون وضعاً أكثر صعوبة في فصل المدنيين عن حماس". واصفاً الأمر بـ "معكرونة تكتيكية تنفيذية استراتيجية ضخمة".

ومن المتوقع أن تستمر المرحلة الحالية من العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة لأسابيع قبل أن يتجه الجيش الإسرائيلي نحو الجنوب، وذلك وفقاً لتقييم المخابرات الأميركية الذي وصفه مسؤول أميركي لصحيفة "وول ستريت جورنال".

فيما لم تضع إسرائيل جدولا زمنيا لكيفية سير الهجوم.