* احتجاجات عنيفة لليوم الثاني ودعوات لانتفاضة كبرى

* فرنسا: تعهدات بـ 253 مليون يورو لمساعدة لبنان

* عقوبات على شخصيات لبنانية تشمل حجز أموال في الخارج



* محللون: انفجار لبنان يضع مصير زعماء السياسة على المحك

* مؤتمر المانحين يطالب بتحقيق مستقل بانفجار مرفأ بيروت

* البطريرك بشارة الراعي يدعو لاستقالة حكومة دياب

* منازل بلا أبواب أو شبابيك.. الدمار يخفى معالم بيوت بيروت

عواصم - (وكالات، رويترز): اشتبك محتجون مع قوات الأمن اللبنانية، ورشقوها بالحجارة قرب البرلمان، الأحد، في ثاني يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة، بعد الانفجار المروع الذي وقع الثلاثاء الماضي وقتل العشرات وأصاب الآلاف، ودمر أحياء في العاصمة اللبنانية‮، فيما كشف مصدر دبلوماسي عن "توقيع عقوبات على شخصيات لبنانية تشمل حجز أموال في الخارج".

وتدفق المئات على ساحة رئيسية كان بها، السبت، آلاف المحتجين اللبنانيين الغاضبين من النخبة السياسية، التي يلقون عليها باللوم في تفاقم مشكلات البلاد الاقتصادية والسياسية‮.

وردت القوى الأمنية باستخدام الغاز المسيل للدموع بكثافة، وذلك غداة مواجهات عنيفة أوقعت عشرات الجرحى من الطرفين.

ووسط سخط شعبي على أداء الطبقة الحاكمة بعد انفجار مرفأ بيروت الذي خلف خسائر فادحة في الأروح والممتلكات، تقدم وزير البيئة اللبناني دميانوس قطار باستقالته إلى رئيس الحكومة حسان دياب، الأحد.

وتأتي استقالة وزير البيئة اللبناني، بعد ساعات قليلة من تقديم وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبد الصمد استقالتها من منصبها، بعد أن قدمت اعتذارها، مؤكدة أن "التغيير الذي تطمح إليه الحكومة بعيد المنال".

وقالت عبد الصمد في مؤتمر صحفي مقتضب الأحد، "أتقدم باستقالتي من الحكومة، متمنية لوطننا الحبيب لبنان استعادة عافيته في أسرع وقت ممكن، وسلوك طريق الوحدة والاستقلال والازدهار".

وأضافت أن استقالتها التي قدمتها إلى دياب جاءت "بعد هول الكارثة الناجمة عن زلزال بيروت الذي هز كيان الوطن وأدمى القلوب والعقول، وانحناء أمام أرواح الشهداء وآلام الجرحى والمفقودين والمشردين وتجاوباً مع الإرادة الشعبية في التغيير".

وأكدت الوزيرة أن رئيس الحكومة اللبنانية "كان يتابع الملفات بأدق التفاصيل بحكمة وهدوء لتلبية المطالب الشعبية، التي لا سيما تلك التي رفعتها ثورة 17 تشرين"، مشيرة إلى أن "التغير بقي بعيد المنال".

من جهة أخرى، أفادت مصادر بأن 6 نواب تقدموا باستقالتهم من البرلمان اللبناني، عقب حادث الثلاثاء. ويمثل 3 من النواب المستقيلين حزب الكتائب، فضلاً عن النائبة المستقلة بولا يعقوبيان، ومروان حمادة المقرب من الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وأخيراً نعمة أفرام.

ودعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي خلال عظة الأحد الحكومة إلى الاستقالة. وقال: "لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب، تحسساً مع مشاعر اللبنانيين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها، إذ باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلاً من مجلس بات عاطلاً عن عمله".

وأضاف أن "ما شهدناه من تحركات شعبية غاضبة يؤكد نفاد صبر الشعب اللبناني المقهور والمذلول، ويدل على التصميم في التغيير إلى الأفضل".

وقال نيسان غراوي، وهو متظاهر عاطل عن العمل، "نريد تدمير الحكومة والقضاء عليها. لم يوفروا لنا لا وظائف ولا حقوق".‬

ونشر مغردون صوراً لمسلحين بلباس مدني يصوبون بنادقهم باتجاه الاحتجاجات، وقال الناشرون إن المسلحين مقربون من جهات في السلطة اللبنانية.

وردد المتظاهرون شعارات عدة، بينها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"انتقام انتقام حتى يسقط النظام"، و "من أجلك يا بيروت، الثورة لن تموت" و"كلهم يعني كلهم" في إشارة على كافة الطبقة السياسية.

كما رفعت في مواقع عدة في وسط بيروت مشانق رمزية، دلالة على الرغبة في الاقتصاص من المسؤولين عن التفجير.

من جهة أخرى، طالب بيان مؤتمر المانحين للبنان الذي عقد عن بعد بتنظيم من باريس، الأحد، بتحقيق موثوق ومستقل في انفجار مرفأ بيروت.

ودعا البيان في ختام أعمال المؤتمر، الأحد، السلطات اللبنانية إلى البدء سريعاً بالإصلاحات.

وطالب البيان الختامي إلى الالتزام بتقديم المساعدات مباشرة للبنانيين، مؤكداً الاتفاق على حشد موارد مهمة للبنان خلال أيام.

وقال البيان إن المجتمع الدولي لن يخذل الشعب اللبناني.

وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال مشاركته، الأحد، في مؤتمر لبنان، إن أمريكا تريد المساعدة، وإن تنسيقاً أمريكياً دولياً لتقديم المساعدات للشعب اللبناني.

وبحسب بيان للبيت الأبيض، دعا ترامب دولة لبنان لتحقيق كامل وشفاف واحترام المتظاهرين السلميين.

في سياق متصل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المجتمع الدولي إلى "التحرك سريعاً" لمساعدة لبنان بعد الانفجار الكبير الذي هز العاصمة بيروت، محذراً من "العنف والفوضى" فيما يتصاعد الغضب في البلاد ضد الطبقة السياسية.

وشارك 15 رئيس دولة وحكومة في المؤتمر الذي نظم بمبادرة من فرنسا والأمم المتحدة من أجل تحريك مساعدة طارئة للبنان.

وفي وقت لاحق، أكد الرئيس الفرنسي تقديم الدول والمنظمات الدولية المشاركة في مؤتمر باريس لدعم لبنان، تعهدات بنحو 253 مليون يورو على المدى القصير لمساعدة الشعب اللبناني.

من ناحية أخرى، رأى تحليل لمعهد بروكنغز أنه بعد أن تهدأ العاصفة، وتلملم بيروت جراحها بعد انفجار المرفأ، سيزيد يأس اللبنانيين من حكومتهم ونظامهم السياسي الذي يحكم البلاد. هذا الأمر سيدفعهم إلى التصميم على المحاسبة التي قد تصل إلى إسقاط القادة السياسيين.

ووفق التحليل، فإن ما يحصل الآن، سيعزز من تغلب الناس على الانقسامات السياسية، وسيطالبون بتحقيقات موسعة حول تفاصيل الانفجار والأسباب، وسيسأل اللبنانيون إن كان لامتيازات حزب الله في المرفأ دور فيها أم لا؟ وكيف تهرب المتورطون في تخزين نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 من التدقيق والمحاسبة سنوات طويلة؟

وأوضح التحليل الذي كتبه، جيفري فيلتمان، أن المعلومات الأولية حتى الآن، تشير إلى أن المسؤولية تقع فيما حصل على لبنانيين، وهي ترتبط بشكل وثيق بإهمال غير مسبوق يصل إلى "حد الإجرام" من قبل مسؤولين لبنانيين.

ورأى التحليل أن مرفأ بيروت، يرتبط بشكل مباشر بشبكة حزب الله وأنشطته الاقتصادية، والتي ترتبط بملفات عدة تشمل تهريب الأسلحة وحتى تهريب المخدرات، ناهيك عن أنشطته الأخرى بتجنب دفع الجمارك والضرائب، وهو ما جعل اللبنانيين يتداولون نظريات تربط ما حصل مع أنشطة حسن نصر الله.

واستيقظ اللبنانيون على دمار كبير لم يشاهدونه من قبل أخفى معالم بيوت بيروت. وتتطاير الستائر خارج المباني في هواء بيروت الطلق، وقد تحررت من الزجاج الذي كان يحرسها قبل أن يتناثر شظايا في شوارع وبيوت مدينة أصبح كثير من منازلها بلا شرفات، وتتدلى منها عناقيد الخراب بعد أسوأ انفجار تشهده في تاريخها.

ويشعر سكان العاصمة المصنفة منكوبة، أن مدينتهم نامت بين الألغام لتستيقظ على كابوس، ترك ندوباً وشقوقاً في عمرانها.

وبخلاف تدمير مرفأ بيروت بشكل شبه كامل، تسبب الانفجار الذي وقع، الثلاثاء، الماضي بانهيار أحياء قريبة بأكملها، وتضرر المناطق الأخرى حيث شعر كل مواطن في العاصمة اللبنانية أن التفجير وقع في منزله.

وأودى الانفجار المروع بحياة 158 شخصاً، وأصاب أكثر من ستة آلاف آخرين، وما زال 21 شخصاً في عداد المفقودين.