نعت الطائفة الإيزيدية في العراق، اليوم الجمعة، زعيمها الروحي بابا شيخ، حارس المعبد لمدة ربع قرن، الذي عرف بتبنيه سياسة متسامحة تجاه الناجين من طائفته التي ذاق أبناؤها الويلات على أيدي تنظيم داعش المتشدد.

وتعرضت هذه الأقلية الدينية في صيف 2014 بموطنها التاريخي في سنجار، إلى مذبحة مروعة على يد التنظيم الذي حول آلافا من نسائها إلى سبايا وأطفالها إلى جنود مستعبدين، في فظائع صنفتها الأمم المتحدة على أنها ”إبادة جماعية“.

وتحرم هذه الأقلية، التي يعود تاريخها إلى أربعة آلاف سنة، زواج نسائها خارج الطائفة، وفي حال تقرر تطبيق قانون الأجداد، فلا يمكن للإيزيديات اللواتي زوجن قسرا من خاطفيهن العودة إلى المجتمع.



لكن في مواجهة وضع استثنائي، قاد بابا شيخ الذي توفي مساء أمس الخميس عن 87 عاما، المجلس الروحي الإيزيدي الأعلى إلى الدعوة بطريقة غير مسبوقة للترحيب بالناجيات.

ونادية مراد، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والبالغة من العمر 26 عاما، هي واحدة من السبايا السابقات.

ونعت مراد على حسابها على تويتر بابا شيخ، وقالت إنه كان ”منارة“ يستنير بها مجتمعها، وإنه ”عامل الناجين الإيزيديين بحب واحترام“.

وفي بغداد، أشادت السلطات بذكرى ”رجل السلام“ الذي طالما دعا إلى ”التآخي والمحبة“.

وصرح مسؤولون أنه من المتوقع أن يحل نجله الذي جرى إعداده لذلك منذ فترة طويلة، مكانه بمجرد انتهاء أسبوع الحداد.

وأوضحوا أن الوظيفة روحية بحتة، بينما تقع الشؤون الاجتماعية والسياسية في يد أمير الإيزيديين حازم تحسين بك، الذي عين في حزيران/يوليو 2019 بعد وفاة والده.

وتعمل مراد جنبا إلى جنب مع المحامية والناشطة اللبنانية البريطانية في مجال حقوق الإنسان أمل كلوني، مع هيئات دولية لتقديم جرائم تنظيم داعش إلى العدالة.

وتعرض المجتمع الإيزيدي الصغير الناطق باللغة الكردية، والذي يمارس دينا توحيديا باطنيا خاليا من كتاب مقدس، للاضطهاد لقرون من قبل المتطرفين الذين يعتبرونهم عبدة ”الشيطان“.

ويؤمن الإيزيديون المتحصنون في معقلهم في سنجار، في الشمال الجبلي العراقي، بمعتقدات خاصة، ويعبدون سبعة ملائكة، أهمها ملك طاووس (”ملاك الطاووس“). وبلغ عددهم 550 ألفا في العراق عام 2014، فيما يبلغ مجموعهم 1,5 مليون حول العالم.

وبعد ثلاث سنوات من احتلال التنظيم المتشدد مناطقهم في 2014، غادر ما يقرب من 100 ألف شخص البلاد، ونزح آخرون إلى كردستان العراق.

وبحسب السلطات الكردية، فقد اختطف المتشددون أكثر من 6400 إيزيدي وإيزيدية، ولم يتمكن سوى نصفهم من الفرار أو النجاة، فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولا.