سكاي نيوز عربية


دعت منظمات حقوقية تونسية، الحكومة إلى عدم التوقيع على أي اتفاق أو تعهد في الظروف الحالية قد يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق المهاجرين، وذلك بعدما أبدت استعدادها، لقبول كل المرحلين من فرنسا بما فيهم المتهمين بالتطرف.

وقال وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين خلال مؤتمر صحفي مشترك يوم الجمعة مع نظيره الفرنسي جيرالد دارمانان، الذي يؤدي زيارة إلى تونس في إطار جولة مغاربية، "مستعدون لقبول كل التونسيين، لكن ذلك يجب أن يتم وفقا للشروط والضوابط وأولها صون كرامة التونسي وتمكينه من ممارسة كل حقوقه و استنفاد كل طرق الطعن المخولة له في فرنسا قبل ترحيله".

وتابع الوزير التونسي "لدينا اتفاق إطاري، بيننا وبين فرنسا، ينظم عودة التونسيين يعود لعام 2008، وإن كل من يثبت أنه تونسي مرحب به في بلده تبعا للضمانات التي يضبطها الدستور التونسي في هذا المجال".


وتأتي زيارة وزير الداخلية الفرنسي، والتي ستشمل الجزائر، في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي نفذه تونسي في مدينة نيس جنوبي البلاد، وأودى بحياة ثلاثة أشخاص الأسبوع الماضي، هدفها التوافق على إعادة عدد معين من الأشخاص يحملون جنسية هاتين الدولتين ويُشتبه في أنهم متطرفون.

وفي أعقاب حادثة ذبح المدرس صامويل باتي، أعلن وزير الداخلية الفرنسي أن هناك 231 أجنبيًا يقيمون بطريقة غير غير نظامية على الأراضي الفرنسية متهمون بالتطرف ويجب طردهم، من بينهم 180 معتقلا في السجن حاليا. كما كشف الوزير عن تسجيل 851 مهاجرا غير شرعي في ملف الإنذارات لمنع التطرف.

"ضد الضغوط"

وقالت 25 منظمة حقوقية ومدنية في بيان متشرك إنها "ترفض استخدام الهجمات الإرهابية للضغط على الحكومة التونسية لقبول عمليات الإعادة الجماعية القسرية للمهاجرين وفتح مراكز اعتقال في تونس".

وأضافت:" إن الحاجة الملحة لمحاربة الإرهاب يجب أن تتم مع احترام القانون والديمقراطية والحريات من خلال إعطاء مكانة كبيرة للتعليم ونشر القيم العالمية لحقوق الإنسان ومبادئها. العيش سويًا واحترام قواعد التعاون السلمي، خاصة في حوض البحر الأبيض المتوسط."

وفي هذا السياق، قال وزير الداخلية التونسي إن "مكافحة الهجرة غير النظامية تحتاج إلى مقاربة شاملة ولا يكفي اللجوء الى الحل الأمني وحده"، مشيرا إلى أن "عددا كبيرا من التونسيين ساهم ولا يزال في نفع الفرنسيين في الكليات والمستشفيات والمخابر العلمية".

وكان ملف الهجرة موضوع اتصال هاتفي جمع الرئيس التونسي قيس سعيد السبت مع نظيره الفرنسي ماكرون، وبحسب الرئاسة التونسية فإن الرئيسين قد بحثا "موضوع الهجرة غير النظامية والحلول التي يجب التوصل إليها معا لمعالجة هذه الظاهرة التي تتفاقم بين الحين والحين بهدف تحقيق أغراض سياسية".

وتشير الأرقام الرسمية التي نشرتها وزارة الداخلية التونسية أن 8581 شخصا حاولوا عبور المياه التونسية في اتجاه السواحل الأوروبية منذ مطلع العام الحالي وحتى أواسط سبتمبر.

وأعلنت السلطات الإيطالية، الجمعة، أنها تود إرسال سفن وطائرات لمساعدة تونس في اعتراض القوارب التي تقل المهاجرين وإعادتهم.

ومنذ هجوم نيس الذي نفذه المهاجر التونسي إبراهيم العويساوي، والذي كشفت التحقيقات أنه وصل فرنسا قادماً من إيطاليا عبر زوارق الهجرة غير الشرعية من تونس، تحول ملف الهجرة في حوض المتوسط إلى قضية أمنية تتعلق بمكافحة الإرهاب.

كيف ستتعامل تونس مع العائدين؟

وكشف وزير الداخلية الفرنسي عن قيام الأجهزة الأمنية في تونس بتقديم "معلومات بالغة الأهمية تتعلق بهجوم نيس الارهابي"، الذي استهدف كنيسة نوتردام، مكنت الأجهزة الأمنية الفرنسية من "فهم ما الذي حصل بشكل أفضل".

وبدأ القضاء التونسي في التحقيق حول ما إذا كان هناك متعاونون من تونس مع منفذ الهجوم إبراهيم العيساوي. وكان المتحدث باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، محسن الدالي، قد كشف في وقت سابق عن أن العويساوي لم تكن له سوابق إرهابية في تونس بخلاف تورطه في قضايا حق عام بسبب ممارسته للعنف.

ويعاقب قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال في تونس، الصادر في العام 2015، بالإعدام أو السجن بقية العمر كل من يرتكب جريمة إرهابية داخل البلاد أو خارجها. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر رسمية قولها "أن نحو عشرين تونسيا صدرت أحكام في حقهم ولم يتم ترحيلهم إلى اليوم بسبب القيود المفروضة جراء وباء كوفيد-19.''

وكانت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب قد كشفت في وقت سابق أن "العائدين يقفون أمام القضاء ويتمّ ايداعهم السجن، إذا تورطوا في عمليات إرهابية، لكن من لا تثبت ضدّه جريمة القيام بأعمال إرهابية، يتم إخضاعه للرقابة الإدارية أو الإقامة الجبرية".

وأشارت القاضية نائلة الفقيه، نائبة رئيس اللجنة، خلال جلسة استماع برلمانية إلى أن التجارب المقارنة التي اطلعت عليها تونس حول مسألة التعامل مع العائدين من مناطق القتال وبؤر النزاع، تتلخص في ثلاثة مراحل "أولها تقديم الملفات إلى القضاء ليبت فيها، ثم إعداد برامج داخلية لهم في السجن بهدف حماية المحيطين بهم من خطر الاستقطاب، خاصة من خلال عدم وضعهم مع مساجين الحق العام، وثالثها، توفير الإحاطة والرعاية اللاحقة بهم بعد خروجهم من السجن حتى لا يمثلوا خطراً على المجتمع".