نشأ في بيئة عادية وعمل في بداية حياته مدرساً للصم، ومع أنه كان مهتماً بالعلوم والاختراعات، ولاسيما تلك المتعلقة بمجال عمله حيث اهتم بتحسين وسائل الاتصال، بعد أن رأى صعوبة التواصل التي يعاني منها الصم،
فاستخدم طرقاً مبتكرة لتعليم الأطفال أساليب التواصل بالإشارة الصوتية والمرئية، لكن ذلك لم يمنعه من إعادة تصميم نفسه واكتشاف مسار جديد ليقدّم اختراعاً نطاق عمله أوسع بكثير من الصم.

إنه مخترع الهاتف غراهام بيل المولود في 3 مارس 1847 في إدنبرة، إسكتلندا والذي اضطرت عائلته إلى الهجرة إلى كندا ثم أمريكا للبحث عن فرص أفضل، وبسبب عمل بيل في مجال التعليم القائم على التواصل أجرى تجارب كثيرة على الاتصال والصوت مستفيداً من خبرته الفيزيولوجية الصوتية، حتى اخترع الهاتف، فكانت أول مكالمة هاتفية له في عام 1876 حيث قال لسكرتيره: «مستر واتسون، تعال هنا، أريد أن أراك»، وبفضله أصبح الهاتف وسيلة الاتصال الأساسية حول العالم.

بقي مجال التعليم لقرون طويلة يتطور ببطء شديد، والقفزات الكبيرة حصلت في الخمسين سنة الماضية لكن أكبرها وأشدها تلك التي تحصل الآن، وليست التغييرات التكنولوجية وحدها هي التي تسببت فيها والتي يحاول قطاع التعليم مواكبتها، إنما السبب الأهم هو جيل المتعلمين الجديد الذي بينه وبين العاملين في قطاع التعليم فجوة كبيرة، فهذا الجيل الذي يعرف بـ(Generation Z) والذين ولد معظمهم في الفترة من 1997 إلى 2012، يفضلون الحصول على المعلومات بشكل سريع ومنظم، مع تفضيل الفيديوهات التعليمية، والمواد البصرية، والتطبيقات التفاعلية، وطريقة نظرتهم إلى القيم والعمل وتلقي المعلومات مختلفة تماماً عن نظرة من يقدم لهم التعليم.

لاشك أن العاملين في قطاع التعليم ليس أمامهم خيار في مواكبة التكنولوجيا واحتراف تقديم التعليم بالطريقة التي تناسب الجيل المتعلم حالياً، لكن هذه وحدها غير كافية ليحققوا نجاحهم في سوق العمل وستبقى الفجوة بينهم وبين المتعلمين وسيبقى هناك خلل كبير في تقديم التعليم ما لم يُعِد العاملون في قطاع التعليم تصميم أنفسهم ليكونوا ملائمين تماماً للجيل للمتعلم وعليهم ألا ينتظروا من هذا الجيل التغيير فلكل جيل سماته الخاصة، وعلى غيره مواكبته، وإعادة تصميم العاملين في مجال التعليم تستلزم التدريب المستمر على اكتساب المهارات الرقمية ومهارات التواصل مع الأشخاص وإبداء مزيد من المرونة مع الطلبة وبناء علاقات إيجابية معهم، مع احتراف استراتيجيات التعليم الحديثة، ولا يمكن أن يؤتي هذا ثماره ما لم تتبنَّ المؤسسات التعليمية استراتيجيات التغيير.

قصة غراهام بيل بيّنت أن باستطاعة الإنسان إعادة تصميم نفسه وإمكانيته على التكيّف مع المتغيرات التي تحصل من حوله، ليبقى في إمكانه تحقيق إنجازات عظيمة تؤثر على المجتمع.