تتصاعد حدة التحذيرات من تداعيات انهيار لبنان وسط تأكيدات على أنها لن تقتصر على الداخل فحسب بل تهدد باندلاع نزاعات إقليمية أوسع نطاقا.

وفي مقال للمحلل الفرنسي ألكسندر لانجلوا نشرته مجلة "ناشيونال انتريست" الأمريكية، أكد على أنه في خضم الشرق الأوسط المضطرب، وجدول الأولويات المتزاحم للمجتمع الدولي، تحول لبنان تقريبا إلى دولة فاشلة.

ويواجه لبنان أزمة اقتصادية وسياسية ممتدة تتمثل في نقص في المحروقات، (وقد جرى اليوم رفع سعرها بما يتجاوز 30 في المئة)، وانقطاع التيار الكهربائي، والتراجع في قيمة الليرة لمستويات قياسية، واحتجاجات بالشوارع، وتعطل تشكيل الحكومة.



وقال لانجلوا، المتخصص في السياسة الخارجية، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "في حين أنه قد يكون من السهل على البعض تجاوز هذا البلد الصغير الذي يقع شرقي البحر المتوسط، في زحام القضايا الإقليمية الأوسع نطاقا، سيكون النظر إلى الوضع في لبنان كفكرة لاحقة آثار سلبية عميقة مع عوامل خارجية كبيرة".

وتابع: "ومن المؤكد أن حالة لبنان متشابكة بشكل معقد مع الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وهو أمر يجب على زعماء العالم الاعتراف به لمنع مأساة قد تمتد إلى ما وراء حدود لبنان".

وأضاف أن "حجم القضايا السياسية والاقتصادية في لبنان يشير إلى المخاطر الكامنة في تجنب هذه القضية".

وأشار إلى تقرير للبنك الدولي صدر مؤخرا، قال إنه يرسم صورة صارخة، حيث جاء فيه: "من المرجح أن تكون الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان ضمن أقصى الأزمات العشر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وربما ضمن الأزمات الثلاث الأولى".

وأوضح أن المقاييس الاقتصادية لا تكذب: فقد انخفض إجمالي الناتج المحلي للبنان بنحو 40% بين عامي 2018 و2020، وارتفع معدل البطالة من 28% في فبراير 2020 إلى 40% في ديسمبر 2020.

ووصلت الليرة اللبنانية إلى سعر صرف حقيقي (بناء على أسعار السوق السوداء) يتجاوز 17 ألف ليرة أمام الدولار الأمريكي، كما انخفضت واردات البضائع بنسبة 45% حيث أجبر التضخم مخزون العملة المتداولة على الزيادة بنسبة 197%. ونتيجة لذلك، يعيش الآن أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.

وحدد التقرير، مستندا إلى مرصد الاقتصاد اللبناني لخريف 2020، الأزمة بأنها "الكساد المتعمد".

وهذا المصطلح قابل للتطبيق، حيث لم تفعل الطبقة الحاكمة في لبنان الكثير لمعالجة القضايا الهيكلية وراء الأزمة، والتي تجسدت بأفضل صورة في الفشل في تشكيل حكومة على مدار أكثر من ثمانية أشهر.

كما عملت الشخصيات السياسية في لبنان من أجل الاحتفاظ بنظام المحسوبية الذي يثريها، لأن الإصلاحات الهيكلية الجادة من شأنها أن تؤدي إلى تقويض حجم ما ينهبون من البلاد. والنتيجة: جمود سياسي مصطنع يضر فقط باللبنانيين.

هذا السيناريو غير مستدام. ونظرا لدرجة الاضطراب الاجتماعي الناجم عن احتجاجات أكتوبر 2019، والتي شكلت لحظة فارقة في الوحدة بين النسيج المتنوع للسكان، أصبح من الصعب بشكل متزايد القول إن لبنان لا يتجه نحو الانهيار والصراع اللاحق.

وقد ازداد الصراع الطائفي والعرقي في ظل تصلب الأحزاب السياسية في خطوط الانقسام على طول شبكات المحسوبية. ويصح هذا بشكل خاص بين المواطنين اللبنانيين واللاجئين السوريين.

وتكمن هنا الصلة الإقليمية والقضية الأوسع نطاقا، وهي أحد العوامل الخارجية لعدم استقرار الدولة، بحسب المحلل.

ولا يمكن إلقاء اللوم على اللاجئين السوريين فيما تواجهه لبنان من مشاكل حاليا، حيث تقدم الحكومة اللبنانية الحد الأدنى من الخدمات في المقام الأول، فقد وفر وجودهم للنخب السياسية كبش فداء لغرص بذور عدم الاستقرار بين المجموعات العرقية.

وعلاوة على ذلك، فإن أزمة العملة في سوريا مدفوعة بأزمة العملة اللبنانية، والعكس صحيح.

إن التاريخ وحده، منذ اتفاق الطائف والتدخل السوري في لبنان، يصور الطبيعة المترابطة حقا بين البلدين. وفي نهاية المطاف، فإن عدم الاستقرار داخل إحدى الدولتين، يمتد إلى جارتها.

وأكد لانجلوا على أن مثل هذا الترابط يتصل بالجغرافيا السياسية الإقليمية الأوسع نطاقا، لافتا إلى أنه في حين تركز جهود التطبيع العربية مع دمشق جزئيا على خطط إعادة الإعمار المربحة، من المرجح أيضا أنها تشكل محاولة لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان.

وفي موازاة ذلك، تواصل إيران لعب دور رئيسي في دعم الجماعات المسلحة في لبنان وسوريا، مثل "حزب الله". وبدلا من العضلات الاقتصادية المرنة، تعتمد إيران وحلفاؤها على الأيديولوجية والقوة. ويشكل ذلك محاولة طويلة الأمد للحفاظ على ممر نفوذ من إيران إلى البحر المتوسط، وهي استراتيجية تحقق نتائج بغض النظر عن القيود المحلية الناجمة عن المصاعب الاقتصادية.

وأشار إلى أن انهيار لبنان قد يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل للأحداث التي تزيد من زعزعة استقرار المنطقة. وكما هو الحال في سوريا، ستجد الجماعات اللبنانية التي تتلقى دعما خارجيا، نفسها على طرفي نقيض في صراع سيتسرب بالتأكيد إلى البلدان المجاورة.

ويمكن أن يؤدي تجزؤ الدولة إلى كسر التحالفات المحلية القائمة على التقدم الشخصي داخلها، والتي يمكن أن تزول أسسها إذا انهارت تلك الدولة. وبالأساس، يمكن أن يتراجع النهج القديم المتمثل في إلقاء اللوم في العنف على الأطراف المتعارضة.

وخلص لانجلوا إلى أنه سيكون لهذا الأمر أثر سلبي عميق على المجتمع اللبناني، وجهود تحقيق الاستقرار الإقليمي.

وعلاوة على ذلك، فإن النزوح الجماعي المحتمل للملايين قد يكون له آثار دولية كبيرة على عالم رفض بالفعل التدفق الهائل للنازحين السوريين على مدى السنوات العشر الماضية.

وبعبارات بسيطة، لا يمكن للمنطقة أو العالم تحمل الصدمة المشتركة لانهيار الدولة في كل من سوريا ولبنان، ولا التأثير اللاحق على الجهود الرامية إلى استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط. وبحسب لانجلوا، لا يريد زعماء العالم مواجهة مثل هذا السيناريو.

تتصاعد حدة التحذيرات من تداعيات انهيار لبنان وسط تأكيدات على أنها لن تقتصر على الداخل فحسب بل تهدد باندلاع نزاعات إقليمية أوسع نطاقا.

وفي مقال للمحلل الفرنسي ألكسندر لانجلوا نشرته مجلة "ناشيونال انتريست" الأمريكية، أكد على أنه في خضم الشرق الأوسط المضطرب، وجدول الأولويات المتزاحم للمجتمع الدولي، تحول لبنان تقريبا إلى دولة فاشلة.

ويواجه لبنان أزمة اقتصادية وسياسية ممتدة تتمثل في نقص في المحروقات، (وقد جرى اليوم رفع سعرها بما يتجاوز 30 في المئة)، وانقطاع التيار الكهربائي، والتراجع في قيمة الليرة لمستويات قياسية، واحتجاجات بالشوارع، وتعطل تشكيل الحكومة.

وقال لانجلوا، المتخصص في السياسة الخارجية، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "في حين أنه قد يكون من السهل على البعض تجاوز هذا البلد الصغير الذي يقع شرقي البحر المتوسط، في زحام القضايا الإقليمية الأوسع نطاقا، سيكون النظر إلى الوضع في لبنان كفكرة لاحقة آثار سلبية عميقة مع عوامل خارجية كبيرة".

وتابع: "ومن المؤكد أن حالة لبنان متشابكة بشكل معقد مع الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وهو أمر يجب على زعماء العالم الاعتراف به لمنع مأساة قد تمتد إلى ما وراء حدود لبنان".

وأضاف أن "حجم القضايا السياسية والاقتصادية في لبنان يشير إلى المخاطر الكامنة في تجنب هذه القضية".

وأشار إلى تقرير للبنك الدولي صدر مؤخرا، قال إنه يرسم صورة صارخة، حيث جاء فيه: "من المرجح أن تكون الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان ضمن أقصى الأزمات العشر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، وربما ضمن الأزمات الثلاث الأولى".

وأوضح أن المقاييس الاقتصادية لا تكذب: فقد انخفض إجمالي الناتج المحلي للبنان بنحو 40% بين عامي 2018 و2020، وارتفع معدل البطالة من 28% في فبراير 2020 إلى 40% في ديسمبر 2020.

ووصلت الليرة اللبنانية إلى سعر صرف حقيقي (بناء على أسعار السوق السوداء) يتجاوز 17 ألف ليرة أمام الدولار الأمريكي، كما انخفضت واردات البضائع بنسبة 45% حيث أجبر التضخم مخزون العملة المتداولة على الزيادة بنسبة 197%. ونتيجة لذلك، يعيش الآن أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.

وحدد التقرير، مستندا إلى مرصد الاقتصاد اللبناني لخريف 2020، الأزمة بأنها "الكساد المتعمد".

وهذا المصطلح قابل للتطبيق، حيث لم تفعل الطبقة الحاكمة في لبنان الكثير لمعالجة القضايا الهيكلية وراء الأزمة، والتي تجسدت بأفضل صورة في الفشل في تشكيل حكومة على مدار أكثر من ثمانية أشهر.

كما عملت الشخصيات السياسية في لبنان من أجل الاحتفاظ بنظام المحسوبية الذي يثريها، لأن الإصلاحات الهيكلية الجادة من شأنها أن تؤدي إلى تقويض حجم ما ينهبون من البلاد. والنتيجة: جمود سياسي مصطنع يضر فقط باللبنانيين.

هذا السيناريو غير مستدام. ونظرا لدرجة الاضطراب الاجتماعي الناجم عن احتجاجات أكتوبر 2019، والتي شكلت لحظة فارقة في الوحدة بين النسيج المتنوع للسكان، أصبح من الصعب بشكل متزايد القول إن لبنان لا يتجه نحو الانهيار والصراع اللاحق.

وقد ازداد الصراع الطائفي والعرقي في ظل تصلب الأحزاب السياسية في خطوط الانقسام على طول شبكات المحسوبية. ويصح هذا بشكل خاص بين المواطنين اللبنانيين واللاجئين السوريين.

وتكمن هنا الصلة الإقليمية والقضية الأوسع نطاقا، وهي أحد العوامل الخارجية لعدم استقرار الدولة، بحسب المحلل.

ولا يمكن إلقاء اللوم على اللاجئين السوريين فيما تواجهه لبنان من مشاكل حاليا، حيث تقدم الحكومة اللبنانية الحد الأدنى من الخدمات في المقام الأول، فقد وفر وجودهم للنخب السياسية كبش فداء لغرص بذور عدم الاستقرار بين المجموعات العرقية.

وعلاوة على ذلك، فإن أزمة العملة في سوريا مدفوعة بأزمة العملة اللبنانية، والعكس صحيح.

إن التاريخ وحده، منذ اتفاق الطائف والتدخل السوري في لبنان، يصور الطبيعة المترابطة حقا بين البلدين. وفي نهاية المطاف، فإن عدم الاستقرار داخل إحدى الدولتين، يمتد إلى جارتها.

وأكد لانجلوا على أن مثل هذا الترابط يتصل بالجغرافيا السياسية الإقليمية الأوسع نطاقا، لافتا إلى أنه في حين تركز جهود التطبيع العربية مع دمشق جزئيا على خطط إعادة الإعمار المربحة، من المرجح أيضا أنها تشكل محاولة لمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان.

وفي موازاة ذلك، تواصل إيران لعب دور رئيسي في دعم الجماعات المسلحة في لبنان وسوريا، مثل "حزب الله". وبدلا من العضلات الاقتصادية المرنة، تعتمد إيران وحلفاؤها على الأيديولوجية والقوة. ويشكل ذلك محاولة طويلة الأمد للحفاظ على ممر نفوذ من إيران إلى البحر المتوسط، وهي استراتيجية تحقق نتائج بغض النظر عن القيود المحلية الناجمة عن المصاعب الاقتصادية.

وأشار إلى أن انهيار لبنان قد يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل للأحداث التي تزيد من زعزعة استقرار المنطقة. وكما هو الحال في سوريا، ستجد الجماعات اللبنانية التي تتلقى دعما خارجيا، نفسها على طرفي نقيض في صراع سيتسرب بالتأكيد إلى البلدان المجاورة.

ويمكن أن يؤدي تجزؤ الدولة إلى كسر التحالفات المحلية القائمة على التقدم الشخصي داخلها، والتي يمكن أن تزول أسسها إذا انهارت تلك الدولة. وبالأساس، يمكن أن يتراجع النهج القديم المتمثل في إلقاء اللوم في العنف على الأطراف المتعارضة.

وخلص لانجلوا إلى أنه سيكون لهذا الأمر أثر سلبي عميق على المجتمع اللبناني، وجهود تحقيق الاستقرار الإقليمي.

وعلاوة على ذلك، فإن النزوح الجماعي المحتمل للملايين قد يكون له آثار دولية كبيرة على عالم رفض بالفعل التدفق الهائل للنازحين السوريين على مدى السنوات العشر الماضية.

وبعبارات بسيطة، لا يمكن للمنطقة أو العالم تحمل الصدمة المشتركة لانهيار الدولة في كل من سوريا ولبنان، ولا التأثير اللاحق على الجهود الرامية إلى استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط. وبحسب لانجلوا، لا يريد زعماء العالم مواجهة مثل هذا السيناريو.