عاد الحديث في لبنان عن اعتذار الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري عن تأليف الحكومة المنتظرة ما يدفع بانتظار بديل جديد.

وبرز تطور لافت على المستوى الدبلوماسي يحدث للمرة الأولى على مستوى الدول بإعلان سفيرتي الولايات المتحدة وفرنسا توجّههما إلى السعودية لمناقشة الوضع اللبناني.



وقد دفع جميع الفرقاء السياسيين اللبنانيين إلى التريث في أي تحرك بانتظار انتهاء المباحثات التي ستجريها السفيرتان وترقب نتائجهما.

والأربعاء عقد الحريري سلسلة لقاءات مع كتلته النيابية وعدد من الشحصيات، أبلغهم خلالها أن التعطيل لا يزال سيد الموقف.

واتهم فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل، بالعمل على فرض حكومة يكون لهما فيها القدرة على فرض القرارات والتوجّهات أو البقاء في مسار اللاحكومة.

وعلمت "العين الإخبارية" أن الحريري تحدث أمام نواب كتلته أنّه وافق على التكليف لأنه قارب وضع البلد واستعدّ لخوض مهمّة وقف الانهيار ضمن تصوّر قائم على تأليف حكومة من اختصاصيين غير حزبيين.

ورأى أن لبنان يتّجه فعليّاً مع كلّ يوم إضافي إلى مزيد من الانهيار، والشعب اللبناني يفتقد القدرة على التحمّل.

وأكد أن موضوع الاعتذار قابل ومطروح بشكل جدي، فيما المسار الآخر هو الاستمرار بالمراوحة.

في المقابل، كشفت مصادر مطّلعة على الاتصالات السياسية، أنّ اعتذار الحريري عن عدم تشكيل الحكومة لم يُحسَم نهائياً بعد والتشاور مع برّي مستمرّ.

وأشارت المصادر إلى أن لقاءً سيحدث في وقت قريب جداً يجمع الحريري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري من جديد للحديث عن الاعتذار من عدمه وعن مرحلة ما بعد الاعتذار.

ولفتت إلى أن بري سيطلب إجابات من الحريري كما من بعبدا (رئاسة الجمهورية) عمَّن سيكون البديل، وهل سيكون من الإمكانية لشخصية أخرى أن تستلم كرة النار؟ وإذا ما كان الحريري سيُسمّي أحداً لتولي المنصب.

كما أنّ العوائق التي واجهت الحريري هل ستبقى ثابتة أم ستتغير مع غيره، وفقاً للمصادر التي تحدثت عن تغيير من قبل فريق رئيس الجمهورية فإن هذا يعني أن أسباب التعطيل داخلية بل شخصية.

وشددت المصادر على أن برّي لن يقبل بإعادة الحكومة الحالية برئاسة حسان دياب، أي حكومة من لون واحد وستنال نفس النتيجة بالنهاية.

وأوضحت أن رئيس مجلس النواب وما يمثله على مستوى الطائفة لن يساهم في تأجيج الاحتقان ضمن الطائفة السنية، والذي يمكن أن يؤدي إلى فتنة سنية-شيعية.

واختتمت المصادر بالتأكيد على أن بري لن يقبل باعتذار الحريري من دون الاتفاق على بديل وتفاصيل المرحلة المقبلة وألاّ "نكون دخلنا بدوامة تعطيل جديدة ستؤدي لمزيد من الانهيار الذي يعاني منه البلد".

وكانت السفارة الفرنسية في لبنان، أعلنت أن السفيرة آن غريو وسفيرة الولايات المتحدة لدى بيروت دوروثي شاي، ستتوجهان الخميس إلى السعودية للقاء عدد من المسؤولين.

وبحسب البيان، تأتي هذه الزيارة امتداداً للقاء المشترك لوزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ونظيره الأمريكي أنتوني بلينكن مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي انعقد في إيطاليا على هامش قمة مجموعة العشرين.

وفي يونيو/حزيران الماضي، تحدث وزيرا خارجية فرنسا وأمريكا عن عجز القادة السياسيين اللبنانيين، حتى الآن، عن تغليب المصلحة العامة للبلاد على مصالحهم الخاصة.

يذكر أن الحريري وفريقه السياسي لوّح مرات عدة بالاعتذار خلال الأشهر العشرة منذ تكليفه، لكنه في النهاية يقوم بالتريث والتراجع بعد تدخلات تقوم بها أطراف سياسية لبنانية وخارجية.