أكد الدكتور عبد العزيز أبل عضو مجلس الشورى أن ميثاق العمل الوطني فتح آفاقًا جديدة أمام الدولة البحرينية الحديثة، خاصة فيما يتعلق بمجال العمل الوطني والحياة السياسية والاقتصادية.

وفي حوار خاص مع وكالة أنباء البحرين (بنا) أوضح الدكتور أبُل أن مملكة البحرين حققت إنجازات ومكتسبات كبيرة في مجال حقوق الإنسان والحريات ليس فقط في الحياة العامة وإنما أيضًا لصون حقوق المحكومين والموقوفين، عبر حزمة من الإجراءات الرائدة غير المسبوقة، التي عززت الثقة الدولية في النهج الإصلاحي والديمقراطي بتدشين المسيرة التنموية الشاملة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وساعدت على تحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المملكة.

وفيما يلي نص الحوار :



- دكتور أبل، ورد إدراج كفالة الحريات الشخصية والمساواة في البند الثاني من الفصل الأول في ميثاق العمل الوطني، تبعها في البند ثالثًا حرية العقيدة، ورابعًا حرية التعبير والنشر.. ما دلالة إفراد ثلاثة بنود لكفل الحريات وحقوق الانسان في وثيقة ميثاق العمل الوطني؟

بالفعل، صياغات هذه المواد والبنود التي تتعلق بالحريات وحقوق الإنسان هي نفسها التي وردت في نص الدستور. وتكمن أهميتها في أن ميثاق العمل الوطني ثبتّ هذه البنود التي كانت مكفولة في الأصل دستورياً وأعاد التأكيد على قيمتها بأن ترِد مباشرة عقب البند الأول الذي يتناول أهداف الحُكم وأساسه، لارتباط هذه البنود بالتحول الذي طال العمل السياسي الوطني في البحرين بعد تولي جلالة الملك المعظم مقاليد الحكم والتأسيس لمرحلة جديدة. لذلك فإن ميثاق العمل الوطني في الأساس هو وثيقة قانونية، اكتسبت ثباتها ورسوخها على مدار عقدين نتيجة طرحها أمام الاستفتاء الشعبي.

-نجح الميثاق في التأسيس لأرضية صلبة رسخت الممارسات الحقوقية في مملكة البحرين عبر استحداث مؤسسات دستورية تتمتع بالاستقلالية والنزاهة، أهمها إنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان وأيضاً مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين.. كيف ترجمت مثل هذه الإجراءات الجدية في تحقيق مستهدفات ميثاق العمل الوطني على صعيد العمل الحقوقي؟

لابد هنا أن اتوقف عند الرؤية والحكمة الكبيرة التي يتمتع بها جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه لتهيئة المناخ السياسي في المملكة والتمهيد للمتغيرات التي سيحدثها ميثاق العمل الوطني على صعيد حقوق الإنسان والحريات، لذلك قبل أن يصدر جلالته أمره السامي بتأسيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان عام 2013 ومن ثم المرسوم الملكي بتأسيس مفوضية السجناء والمحتجزين في نفس العام، قام جلالته بالعديد من الخطوات حتى يتيح لهذه المؤسسات الحقوقية والدستورية المستحدثة كمترتبات لميثاق العمل الوطني أن تعمل وتحقق أهدافها بكل حرية واستقلالية وشفافية. ويُحسب لجلالة الملك المعظم في هذا الخصوص أن مملكة البحرين وبفضل هذا الحس الواعي والإجراءات المدروسة، تصدرت دول المنطقة في ملف حقوق الإنسان والحريات، لاسيما بتأسيس مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين وهي خطوة غير مسبوقة وتعد الأولى من نوعها على مستوى الوطن العربي.

- ما هو الدور الذي لعبته المؤسستان: الوطنية لحقوق الإنسان وكنتم على رأس هذه المؤسسة في الفترة من (2013-2017) وأيضا مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، في تعزيز العمل الحقوقي وتكريس الحريات بما في ذلك صون حقوق المحكومين؟

مسؤولية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان هو تعزيز الثقة المجتمعية تجاه كافة الإجراءات التي تقوم بها الدولة والمجتمع المدني فيما يتعلق بصون وكفل حقوق الإنسان والحريات الشخصية والعامة والمساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات دون تمييز. من مهامها الوطنية أيضاً، عكس صورة حقيقية وصادقة عن الحراك السياسي والممارسات الحقوقية في البحرين للخارج على اعتبار أن اختصاصات وصلاحيات المؤسسة جاءت على نحو يتوافق مع مبادئ باريس المتعلقة بالمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان الصادرة من الأمم المتحدة، هذه العلاقة من التعاون المتبادل وضعت البحرين في مصاف الدول التي تتقدم الصفوف في هذا المجال وقطعت فيه شوطاً طويلاً ساهم في تصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة. أما فيما يتعلق بمفوضية حقوق السجناء والمحتجزين التي أنشئت بموجب مرسوم ملكي عام 2013، فجاء دورها مكملاً ورافداً لدور المؤسسة الوطنية، ولكن فيما يختص بحقوق المحكومين والمحتجزين نجحت الدولة في تحقيق التوازن بين المؤسستين وتقديم صورة واضحة ومتكاملة عبر الاستمرارية في دعم وتطوير آليات حماية حقوق الإنسان ووضعها ضمن السياسة الهادفة إلى تفعيل المواثيق الدولية على المستوى الوطني.

ومن بين الإجراءات الرائدة التي تحققت في مجال حقوق الإنسان من الجدير أن نشير كذلك إلى استحداث قانون العقوبات البديلة وإقامة السجون المفتوحة وهي إجراءات رائدة ونوعية في المنطقة ككل، وتكفل تطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان للمحكومين او المقيدة حريتهم وفقاً للمعاير الدولية لحقوق الإنسان.

-كيف تمكنت هذه المؤسسات الحقوقية من العمل بمبدأ الفصل بين السلطات والارتكان لدولة القانون والمؤسسات في ظل ميثاق العمل الوطني؟

من المهم جداً التأكيد على أن عُمر الديمقراطية في البحرين لا يقاس بالقفزات الزمنية وإنما يُقاس بالحجم التراكمي للمنجزات، لذلك نجد المسيرة التنموية وما نتج عنها تسير باعتدال وثبات ورسوخ. ونستشهد في هذا الخصوص بان تطور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان صدر في البداية بموجب أمر ملكي بتأسيسها، ثم تحول إلى قانون يستوجب إقراره وتمريره من السلطة التشريعية تنفيذاً للمسار الدستوري ومتطلبات الديمقراطية الدولية المتعارف عليها، وبالتالي نجد أن مبدأ الفصل بين السلطات وهو من الأولويات التي استهدفها ميثاق العمل الوطني جاري العمل به بشكل قانوني كامل ومنضبط حتى في إقرار وتصديق المراسيم والأوامر الملكية الصدارة من رأس السلطة التنفيذية.

-بالانتقال إلى الشق الاقتصادي وأهميته، نجد أن ميثاق العمل الوطني خصص له الفصل الثالث كاملاً بمختلف جوانبه. برأيكم وأنتم تمتلكون خلفية اقتصادية متخصصة وطويلة، إلى أي مدى استطاع ميثاق العمل أن يستشرف محفزات الاقتصاد الوطني ويتطرق إليها ليحقق معادلة التنمية والاستدامة؟

الاقتصاد هو الوجه الآخر للعملة في المجتمع إلى جانب السياسة، ومن هنا اكتسب أهميته واستمد من مخرجات ميثاق العمل الوطني عوامل قوته والمناخ المثالي لضمان نموه وتطوره واستدامته، ويأتي على رأس هذه العوامل ما تحقق من أمن واستقرار سياسي انعكست على جرأة قرارات السياسات الاقتصادية الناجحة والمؤثرة والتي كان لها بلا شك أبرز الأثر في ارتقاء المستوى المعيشي للمواطن البحريني، وتحسين بيئة الاستثمار في المملكة والتوسع في جذب رؤوس الأموال والحاضنات الاقتصادية واستقطاب مراكز المال والاعمال العالمية لتتخذ من البحرين مقراً اقليمياً لها وفتح الفرص لتمكين الشباب والمرأة للمشاركة في بناء مستقبل الوطن.

ولذلك أود التأكيد في الختام على أن مملكة البحرين ماضية في مسيرتها التنموية الشاملة بكل ما وصلت إليه من تقدم وريادة ومكتسبات على كافة الصُعد، ولازال هناك الكثير من الطموحات والتطلعات الأكبر في طريقها للتحقق بإذن الله لخدمة الوطن والمواطن وتحقق له استدامة النمو والازدهار.