مقال أحمد الجارالله- صحيفة السياسة الكويتية


في لقاء العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحدث في كلمة مرتجلة وبلغة واضحة العبارات، وبكل صراحة وشفافية بلسان العرب جميعاً، واضعاً العالم، من قلب الكرملين، أمام مسؤولياته حيال القضايا العادلة الإنسانية.

في هذه الكلمة المختصرة كان رئيس القمة العربية لهذه الدورة ناطقاً باسم الإنسانية، قبل أن يكون متحدثاً باسم العرب، لهذا وجد كلامه الاهتمام العالمي في دوائر القرار، خصوصاً أن مبادرة البحرين لعقد مؤتمر سلام دولي، كانت بإجماع عربي، باتت اليوم مطلباً دولياً، قبل أن تكون عربياً، ولأن ما شهدته المنطقة في الأعوام الماضية، وغزة في الأشهر الثمانية المنصرمة، وضع المنطقة، والعالم على كف عفريت.

لا شك أن ذلك نتيجة طبيعية لما أرساها الملك حمد بن عيسى خلال ربع قرن من سياسات متوازنة على مختلف الصعد، بحرينياً وخليجياً وعربياً ودولياً، جعل البحرين تنعم بكثير من الأوراق التي تمكنها من ممارسة دور ديبلوماسي يقوم على الاحترام المتبادل للدول، والحزم في مواجهة كل ما يحاول تعكير استقرارها.

لهذا، كان حضور المنامة في تلك السنوات الماضية في عواصم القرار لافتاً للنظر، لإدراك مليكها أن التسامح أساس العلاقات بين الأمم وصيانة السلم العالمي تبدأ من الانفتاح على الشعوب، وتصفير المشكلات، كما أن العالم لا يمكنه أن يستقر من دون السلام في الشرق الأوسط.

من هذا المنطلق كانت الزيارة الأولى بعد انتهاء القمة العربية، لروسيا لما لموسكو من أهمية في القضايا العربية من جهة، ولأنها من الدول العظمى.

في هذا اللقاء شرح العاهل البحريني وبشفافية كبيرة العناوين لما اتفق عليه العرب في قمتهم، وهو ما جعل دوائر القرار، ليس في روسيا فقط، تحوز كلمته الاهتمام الكبير في دوائر صنع القرار، وفي وسائل الإعلام الدولية، لأن ما تحمله المنامة اليوم من ملفات عربية حساسة تطغى على ما عداها من قضايا، وهو يتطلب من الجميع مراقبة كل كلمة وحركة تصدر عن رئاسة القمة العربية، خصوصا في ما يتعلق بقضية غزة الإنسانية، أو مختلف القضايا العربية، والمنطقة التي تموج بالأحداث.

فالمعروف عن الملك حمد بن عيسى آل خليفة تحدثه بصراحة، فهو لا يوارب الأبواب، لأنه يستند إلى حنكة، وذخيرة كبيرة من الثقافة والاطلاع على مختلف القضايا، ولهذا فهو خلال السنوات الماضية عمل بجهد كبير على تنمية هذه المملكة الأنيقة المسالمة والمتسامحة، وأيضا خارجياً على استعادة دورها في العالم.

نعود إلى كلمته التي شعر الوفد الروسي، بقيادة الرئيس بوتين، كأن الملك يقرأ من كتاب محفوظ، أو بالأحرى ينسج خامة ملكية لثوب عربي من المواقف الصريحة.