كتبت- زهراء حبيب:

ألغت المحكمة الاستئناف العليا الشرعية ( الدائرة الجعفرية) حكماً شرعياً يلزم شابة بحرينية(34 سنة) بالرجوع إلى منزل الزوجية مع زوجها (41 سنة)، وإكمال حياتها مع رجل يتهمها بسرقة 40 ألف دينار، وأشاع بين أقربائه وأصدقائه بأنها سارقة ومريضة نفسياً، كما صدر بحقه حكم جنائي لاعتدائه عليها بالضرب، وهو أمر يعد ضرراً وتصعب مساكنته.

ورفع الزوج دعوى ابتدائية يطالب فيها بإلزام المستأنفة بالعودة إلى منزل الزوجية على سند من إدعائه من أنها خرجت دون مبرر شرعي. فقدمت شهودا أكدوا للمحكمة أنه رجل غير أمين عليها، وأشاع بين الناس بأنها سرقت منه 40 ألف دينار عند اغترابها معه في أستراليا، وبأنها مريضة نفسياً، وأرفقت تقريرا طبيا وحكما جنائيا يفيد إدانته لضربه إياها، وبالرغم من ذلك قضت المحكمة في 15 نوفمبر 2015م، حكماً يلزمها بالعودة مع المدعي إلى منزل الزوجية، وهو أمر لم يلق قبولاً لدى المستأنفة.



وطعنت محاميتها إبتسام الصباغ أمام المحكمة الاستئنافية، ودفعت بمرافعتها بفساد الحكم في استدلاله ومخالفته للثابت في الأوراق.

وقالت الصباغ إن المحكمة بنت استدلالها على أن المستأنفة لم تثبت مشروعية خروجها من منزل الزوجية، لأن أقوال الشاهدين اللذَين قدمتهما لا ترقى إلى درجة أنها لا تأمن على نفسها منه إذا رجعت لمنزل الزوجية؛ ولأن أقوال الشاهد الثاني جاءت سماعية، باعتباره يستند على أقوال غيره، ولأن كلًا من التقرير الطبي عن الإصابات في جسم المستأنفة والحكم الجنائي الصادر ضد المستأنف ضده والبلاغات المقدمة ضده غير معوّل عليها عند المحكمة، وترى أنها لا تعد مسوغًا تامًا تركن إليه في قضائها على عدم أمانته عليها - كما جاء في تسبيب المحكمة.

وأوضحت أن هذا التسبيب، وهو استدلال كاسد ومخالف لما ثبت في أوراق الدعوى ومستنداتها، كون شهود المستأنفة أكدوا من خلال درايتهم بحال المستأنفة وعلمهم بأحوالها، جاءت شهادات حسية.

وذكر شقيق المستأنفة أنه شاهد تلك المواقف وسمعها، عندما كان المستأنف ضده يتطاول دائماً على شقيقته، ويهددها بالقتل، فقد ذكر الشاهد بأن المستأنف ضده قد حضر لمنزل والد المستأنفة وأمام مسمع الجميع قال: (أخرجوها... لأقتلها وأدوس في بطنها) ولم تكن الحادثة الوحيد.

وشهد شقيقها بأن الأسوأ من هذا بعد عشرة سنين وتغرب المستأنفة معه في إستراليا - يتهمها بأنها سرقته بمبلغ خيالي (40 ألف دينار) ولم يكتف فقط باتهامها بل شهر بها بين الناس من أقارب وأصدقاء وهو ما وضع المستأنفة موضع الشك والريبة من قبل الآخرين.

فيما شاهد آخر قال إنه سمع من المستأنف ضده اتهامه لها "المستأنفة" بأنها مريضة نفسية، وأن بها عُقَدًا وتتهيّأُ أمورًا، أي أن الشاهد سمع واقعة الاتهام حسيًا ممن صدر عنه الاتهام، وحتى شهود النفي الذي حضروا معه ساندوا أقوال " الإثبات" فيما يتعلق بواقعة السرقة التي أخبرهم بها الزوج.

ولفتت الصباغ إلى اتهام المستأنف ضده للمستأنفة، والطعن في أخلاقها والتشهير بها أمام العامة من الناس، يتناقض مع الحكمة من الزواج القائم على المودة والمحبة والإخلاص، إلا أن المستأنف ضده حط من كرامة المستأنفة وأن اتهامه لها بالسرقة والأمراض النفسية والتشهير بذلك للناس يعتبر إساءة بالغة لا يستطاع معه العشرة بالمعروف ويصبح بقاء المستأنفة في بيت واحد مع المستأنف ضده أضراراً بها، ناهيك إلى أنه لم يتوار عن أحد الاتهامات حتى في ساحات المحاكم فقد رفع أكثر من دعوى وقدم أكثر من مذكرة وذكر فيها هذا الاتهام .

وقالت المحكمة الاستئنافية في حيثيات حكمها إن المقرر شرعاً وقانوناً أن الزوجة أنما تلزم بالبقاء في منزل الزوجية أو الرجوع إليه إن كانت خارجه منه، إذا لم يلزم ذلك الإضرار بها أو يشكل عسراً وحرجاً عليها، وحيث إن الراجع في وجدانها- خلافاً لمحكمة أول درجة- واطمأنت إليه من مجموع ما قدم من مستندات ومنها أقوال شهود المستأنفة والحكم الجنائي المرفق، ودفاع وكيلة المستأنفة وردودها بأن موكلتها حصل لها ضرر من قبل المستأنف ضده مما يسوغ لها الامتناع من مساكنته.

وأكدت المحامية أن محكمة أول درجة لم تنظر إلى الأدلة مجتمعة لتكوين عقيدتها، ولا ينال من ذلك ما دفع به المستأنف ضده من إنكاره لذلك، بعد أن تمت الدلالة عليه، ولا يقدح في ذلك شهادة شهود النفي المكونة من رجل وامرأة ولا تشكل غيرها أدلة نافيه، لما ثبت للمحكمة من تضرر المستأنفة من مساكنته، ولم يثبت للمحكمة ما يضمن عدم تكرار ما حصل لها من أذى من تعهد بعدم التكرار، وعليه فإن المحكمة تلغي حكم محكمة أول درجة وتقضي برفض دعوى المستأنف ضده.

فقضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.