أيمن شكل
- أكبر طيار سناً على قوة العمل والأقدم في طيران الخليج

- أخي الأكبر شجعني على امتهان الطيران

- قيادة الطائرة تشعرني بأمان أكثر من السيارة


- تعطل محرك الطائرة لا يعتبر شيئاً مخيفاً
عميد الطيارين البحرينيين ورئيس نقابة طياري شركة طيران الخليج الكابتن أنور نور، يستعيد ذكرياته في بداية دخوله مجال الطيران في منتصف سبعينات القرن الماضي، وما زال يحمل الشغف لهذه المهنة ويتمنى أن يظل محلقاً حتى نهاية العمر، وفي لقاء مع «الوطن» تحدث عن محطات مهمة في حياته فوق السحاب، ومواقف لرحلات حدثت فيها مشاكل استطاع أن يتجاوزها بخبرته الممتدة لأكثر من 4 عقود. وقال الكابتن أنور: تخرجت من الثانوي في عام 1971 وتوجهت للعمل في شركة البرق واللاسلكي وهي شركة إنجليزية، ابتعثتني إلى بريطانيا لمدة سنة ورجعت بعدها لأعمل في الشركة لمدة 3 سنوات، فني راديو، لكن أخي الكبير شجعني كي أتقدم للعمل في طيران الخليج ولم يكن لدي أي فكرة عن الطيران، وتقدمت دون أن يكون لي أي أمل في القبول، لكنها كانت أهم خطوة اتخذتها في حياتي وكان لأخي الفضل الكبير فيما وصلت إليه اليوم. ويستطرد، تم قبولي في الشركة عام 1975 كمتدرب حيث تم اختياري من ضمن 25 من قرابة 200 متقدم، ثم أرسلنا إلى بريطانيا لإجراء المزيد من الاختبارات المتعلقة بالطيران ولمدة أسبوعين، حيث قمت بالطيران لمدة 5 ساعات بطائرة صغيرة، دون أن يكون لدي أي فكرة مسبقة، ولمعرفة مدى قدرتي على تعلم الطيران، وعند اجتيازي لهذا الاختبار عدت إلى البحرين لأنهي بقية الإجراءات، وهنا تم اختياري مع ثلاثة آخرين لأن الشركة كانت تستهدف 4 فقط، ثم عدت مرة أخرى لبريطانيا للبدء في التدرب العملي.

ما هي طريقة التعلم وهل كان هناك محاكٍ للطيران مثل الموجود حالياً؟

- في سبعينات القرن الماضي لم يكن هناك محاكٍ مثل المتعارف عليه الآن، ولكن هناك جهاز بسيط وبدائي أو مشابه له، ولكن أكثر شيء في هذا الوقت هو التعلم المباشر على الطيران، بينما الآن يعتمد التعلم بنسبة 75% على جهاز المحاكاة لخفض التكاليف الخاصة باستخدام الطائرات للتدريب، وبدأت التدرب على طائرة صغيرة بمحرك واحد لفترة ثم طائرة بمحركين واستمر ذلك على مدى سنتين.

لماذا لم يتقدم أخوك للعمل في الشركة؟

- كانت أمنية أخي العمل كطيار لكن الشركة اشترطت على المتقدم أن يكون متفرغاً للتدريب الذي سيغيبه عن البحرين لمدة سنتين، ويحتاج لتركيز عالٍ وذلك لا يتوفر عند الشخص المتزوج، ولذلك لم يتمكن أخي من التقدم لأنه متزوج ولديه أطفال حينها.

ما هو شعورك عند نهاية التدرب والعمل على طائرة بها ركاب؟

- شعور جميل أن تتمكن من الطيران وهو حلم لم يكن يخطر على بالي في يوم، ولكنه تحقق وكنت من أوائل الطيارين في البحرين.

حدثنا عن أول طلعة لك؟

- طبعاً كنت مساعد طيار ولقرابة 4 سنوات ويجب أن يحقق مساعد الطيار 3500 – 4000 ساعة طيران تقريباً ويجتاز حزمة من الاختبارات كل 6 أشهر، حتى يترقى إلى كابتن وهو أيضاً شعور لا يوصف أن تكون قائد طائرة.

متى انتهى شرط عدم الزواج وقررت أن تتزوج؟

- تزوجت بعد 7 سنوات من بداية رحلة الطيران، وسعيد في حياتي الأسرية التي تضم ولدين وبنتين، كان الولدان لديهما الرغبة في دخول مجال الطيران، لكن ذلك تبدل فيما بعد واختارا العمل المصرفي، وكذلك فعلت البنتان، لكن لدي في العائلة أخ أصغر يعمل طياراً في طيران الاتحاد و3 من أبناء أشقائي وابن شقيقتي، وفي العائلة 6 طيارين أنا أكبرهم، وأعتبر عميد العائلة من الطيارين.

يعتقد أي راكب طائرة أن الطيار يواجه مخاطر خلال الرحلة ويتساءل كثيرون كيف يعمل الطيار وما الذي يفكر فيه؟

- مهنتنا ذهنية تعتمد على التركيز في كافة المؤثرات على الرحلة، لكن يمكن أن تجد قائد الطائرة يقرأ كتاباً أثناء الرحلة، بينما هو على وعي تام بكافة الإجراءات والمعلومات الخاصة بالارتفاع والراديو والمطبات الجوية وغيرها من الأمور التفصيلية، وبصفة شخصية أنا أعتبر الطيران هواية أكثر من عمل، واستمتع بممارسة عملي، وأشعر بأمان كبير أثناء قيادة الطائرة بالمقارنة مع قيادة السيارة في الشارع.

هل شعور الأمان في الجو نابع من إجراءات الأمان المتبعة؟

- بالفعل لدينا مجموعة من الإجراءات التي تحمي الطائرة والركاب الذين على متنها، قبل الصعود على الطائرة وتشغيل المحركات وحتى إغلاقها عند الوصول، وإذا اتبع الطيار الإجراءات فستكون الرحلة آمنة، وكل الحوادث التي حدثت كانت أخطاء خارجة عن الإجراءات، والمنظمات الدولية كانت تستنبط دروساً من تلك الحوادث.

كم عاماً قضيت في المهنة؟

- في شهر أكتوبر المقبل سأكمل 45 عاماً من الطيران الذي أعتبره هواية وليس مهنة، ولذلك أعتبر أكبر طيار سناً وما زالت أعمل، والأقدم في طيران الخليج.

كم ساعة طيران حققتها في تلك الفترة الطويلة؟

- لدي 22 ألف ساعة طيران، ولكن المفترض أن تصل إلى 30 ألفاً، وذلك بسبب دخولي مجال تدريب الطيارين في الشركة بعد عامين من وصولي لمركز كابتن طيار وحينها كنت في العشرين من عمري، والتدريب على محاكي الطيران لا يتم تسجيله ضمن ساعات الطيران الفعلية، لكن تم اختياري ضمن اللجنة في اختبارات الطيارين الجدد في الشركة.

كيف علمت بحادث طيران الخليج الذي حدث في عام 2000 وأين كنت وقتها؟

- كنت في البحرين وتلقيت الخبر من أصدقاء طيارين لأننا نتبادل بسرعة تلك الأخبار سواء العالمية أو المحلية، وتأثرنا جميعاً بالحادث وظلت الذكرى معنا لأننا كنا نعرف الأشخاص الذين كانوا في الطائرة، وتعلمنا من الحادث ونتمنى ألا يتكرر.

هل مرت عليك حوادث أو عوارض أثناء رحلتك في المهنة؟

- مواقف كثيرة حدثت في مسيرتي الجوية، ففي إحدى المرات حين كنت أقوم بتدريب الطيارين الجدد على الصعود والهبوط بطائرة 737، وتعطل أحد المحركات أثناء ذلك بسبب ارتفاع درجة حرارته، فقمت بإطفائه واتخاذ الإجراءات اللازمة في مثل هذه الحالة، وتوليت القيادة عن المتدرب وعدت بالطائرة إلى المطار بسلام حيث قام المهندسون بإصلاح الخلل وعدنا للتدريب مرة أخرى.

ربما لو حدث أثناء رحلة فسيكون الوضع مختلف؟

- لا أبداً فهو أمر عادي ولدينا الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات، ولا يعتبر شيئاً مخيفاً أن يتم إيقاف أحد المحركات.

هل كانت هناك حوادث تتذكرها لرحلات طويلة؟

- منذ بضع سنوات كنت عائداً من الفلبين وتعرضت الطائرة لمطبات هوائية أكبر من الطبيعي، وأصيب أحد الركاب بسبب عدم ربطه حزام المقعد، لكن طاقم الطائرة بادر بإسعافه، وقررت النزول في مطار بومباي بالهند لاستكمال علاج الراكب المصاب.

هذه الرحلة أعلنت عنها طيران الخليج في هذا الوقت؟

- نعم، وبسبب ذلك تلقيت اتصالاً من ابنتي الكبيرة لحظة نزولي في مطار بومباي وكانت تبكي بشدة خوفاً علي، فطمأنتها بأن كل الأمور على ما يرام، وعندما وصلت البحرين تلقيت أكثر من اتصال من الأهل وقامت الشركة باستقبالنا وتقديم الشكر على جهود الطاقم في هذه الرحلة. ومن ضمن المواقف الجميلة التي مرت بي حين قررت طيران الخليج فتح خط جديد لمطار الفجيرة، وهو مطار يحيط به الجبال والنزول فيه صعب ويحتاج إلى دقة في الطيران والهبوط، لكن المفاجأة كانت في الاستقبال، حيث أجرى تلفزيون الفجيرة لقاء معي كونها أول رحلة تصل للمطار من البحرين.

في هذه الأيام وبسبب كورونا (كوفيد 19).. ماذا يفعل الطيارون؟

- كلنا ملتزمون بالبقاء في البيت إلا الذين لديهم رحلات إجلاء للمواطنين الراغبين في العودة، وهو عدد قليل جداً منا، لكن إن شاء الله سنعود للعمل الذي نشعر فيه بشغف وحب يصل لحد الإدمان، ورغم كل هذا العمر في الطيران، فمازلت على عشقي لتلك المهنة، ولو تركوني فيها حتى أصل لآخر العمر فلن أتردد أبداً.