فيما تكثف العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا تحركاتها من أجل الحد من تدفق المهاجرين، طفا على السطح مجددا "العقرب" الذي يعتبر المطلوب الأول في أوروبا بتهمة تهريب المهاجرين.

فبعد رحلة بحث استغرقت أشهرا تمكن عدد من الصحافيين من الوصول إلى هوية هذا "العقرب" واسمه الحقيقي برزان مجيد.

فبرزان شاب كردي عراقي كان يعيش في بريطانيا سابقا، قبل ترحيله عام 2015 ، ليعود ويقيم حتى يومنا هذا في السليمانية بكردستان العراق.

فقد كشفت تقارير حديثة أن برزان الموجود في كردستان يبدو عليه الثراء، وذلك بعد رحلة بحث نفذها صحافيون من شبكة "بي بي سي" البريطانية، بدأوها بعد أن تحدثوا عن محنة مهاجري القوارب الصغيرة الذين يحاولون عبور قناة المانش.

وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة والإجراءات الصارمة التي تفرضها السلطات الأمنية في الدول الأوروبية والشرق أوسطية للحدّ من تدفّق المهاجرين غير الشرعيين والعبور بشتى الطرق باتجاه أوروبا، فإن برزان نفذ ومازال ينفذ عملياته التي بدأها منذ عام 2016، حيث ساهم في تهريب الآلاف من البشر.

تهريب الآلاف
وفي مقابلة مقتضة جدا مع "بي بي سي"، كشف برزان الذي "بدا كأنه لاعب غولف ثري بملابسه الأنيقة، وأظافره المقلمة عدد مَنْ هربهم.

وقال عندما سئل عن عدد المهاجرين الذين هربهم إلى بريطانيا : "ربما ألف، وربما 10000 (...) لا أعرف، لم أحصهم".

كما شدد على أنهم توسلوا إليه لنقلهم إلى أوروبا، نافياً أن يكون زعيم عصابة.

بل اعتبر نفسه مجرد "رجل يسعى لكسب المال".

ورث التهريب من شقيقه
في التفاصيل، بدأت قصة مجيد وعصابته الذين سيطروا على جزء كبير من تجارة تهريب البشر، حين كانوا يشحنون المهاجرين إلى المملكة المتحدة من أوروبا بالقوارب والشاحنات.

فخلال فحص الشرطة الهواتف المحمولة للمهاجرين الذين يعتقلونهم، استمر ظهور الاسم نفسه "العقرب"، منذ عام 2016، وفق صحيفة "تليغراف" البريطانية.

ليدرك الضباط في النهاية أن "العقرب" لم يكن سوى مجيد الشاب الكردي العراقي، الذي دخل المملكة المتحدة بشكل غير قانوني في شاحنة عام 2006 ثم رحل إلى العراق في 2015 بعد أن قضى عقوبات بالسجن بتهم تتعلق بالمخدرات والأسلحة.

بعد ذلك بوقت قصير، ورث "مصلحة" تهريب البشر التي كان يقوم بها شقيقه الأكبر الذي سُجن في بلجيكا.

وفي وقت لاحق، تمت إدانة 26 عضواً من العصابة في محاكم المملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا بعد عملية للشرطة استمرت عامين، لكن مجيد أفلت من القبض عليه.

مطلوب غيابياً

كما دانته محكمة بلجيكية غيابياً بـ 121 تهمة، تتعلق بتهريب أشخاص. وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها 834 ألف جنيه إسترليني في أكتوبر 2022.

وقالت آن لوكوياك، المدعية العامة في بلجيكا، إنها تأمل أن يتم تسليمه ذات يوم، وأضافت: "من المهم بالنسبة لنا أن نرسل إشارة مفادها أنك لا تستطيع أن تفعل ما تريد. سوف نقوم بإسقاطه في النهاية".

يذكر أن أكثر من 70 مهاجراً لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور قناة المانش منذ عام 2018. وفي الشهر الماضي، توفي خمسة أشخاص، من بينهم فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات، قبالة سواحل فرنسا.

وحاول ما يقرب من 30 ألف شخص العبور في عام 2023، ويدفع كل منهم عادةً 6000 جنيه إسترليني لمحاولة الرحلة المحفوفة بالمخاطر.

ويُتهم الأشخاص الذين تم القبض عليهم بتشكيل عصابة لتهريب البشر والتهريب التجاري للأجانب، وفق ما أفاد المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI في تقريرٍ سابق.

وألقت السلطات الألمانية في الرابع من يونيو/حزيران الماضي، القبض على 5 زعماء مفترضين لما يعرف بشبكات التهريب الدولية، التي تقوم باستغلال لاجئين وإدخالهم بطرق غير شرعية إلى أوروبا، إذ قامت تلك الشبكات بتهريب نحو 10 آلاف شخص أغلبهم سوريون وأفغان وباكستانيون، ووصل منهم قرابة ألفي شخص إلى ألمانيا بعد أن دفع كل واحد منهم مبلغ 10 آلاف يورو، وهو ما يعني أن شبكات التهريب جمعت مبلغ 20 مليون يورو من هذه الدفعة فقط من اللاجئين.