لا أحد ينكر، السوق البحريني في وضع متضعضع حالياً، ويعاني ما يعاني من خسائر وضعف موارد، سواء لأسباب داخلية، أو أسباب خارجية لا علاقة للبحرين بها، ويكفيك للتأكد بنفسك أن تأخذ «فرة سريعة» في الشوارع والمجمعات التجارية لترى حقيقة ما أقوله.

ولن أتحدث كثيراً عن الأسباب، فقد ذكرتها في مقالات سابقة كثيرة، وهناك ما يتفق عليه الجميع، وهناك ما هو «مختلف فيه».

ولكن.. الآن الحكومة لديها خطة طموحة للمستقبل، وهناك 5 قطاعات ذات أولوية وضعتها البحرين ضمن أهدافها، وبرامج أخرى جميلة جداً، ولكن نحن بحاجة إلى خطط عمل ودراسات أكثر مما هو موجود بكثير.

نحتاج لدراسة وتوضيح حول الأنشطة المستقبلية التي ستحتاجها البحرين لدعم خطتها وضمان نجاحها، والدراسة طبعاً يجب أن تحدد بأرقام دقيقة حاجة السوق سواء من أنشطة تجارية، أو حتى كوادر بشرية.

فمثلاً، عندما نتحدث عن القطاع اللوجستي، يجب أن نحدد بدقة عدد الأنشطة في القطاع، وكم شركة أو مكتباً نحتاجه؟ وكم من الكوادر البشرية ستحتاج البحرين؟ وما هي تخصصاتهم، والأرقام المتوقعة لكل تخصص؟ وصولاً حتى إلى عدد سائقي الشاحنات أو الرافعات الشوكية. وعندما تعلن الحكومة عن زيادة إيرادات ومساهمة القطاع السياحي، فيجب تأهيل مرشدين، وطباخين، ومقدمي خدمات فندقية، ووو.. إلخ من الكوادر والتخصصات، بشكل لا يجعل هناك نقصاً نعوضه من الخارج، ولا زيادة أعداد تشكل عبئاً على وزارة العمل، ويجب أن نعرف توجهات السياحة عالمياً مستقبلاً، ونؤسس شركات لتقوم بها في داخل البحرين.

يجب أن نحدد عدد المهندسين الذين نحتاجهم لمشاريع الجزر المستقبلية، وعدد الموردين والشركات المحلية التي من الممكن أن تقوم بتنفيذها. يجب أن نحدد الأسواق المستقبلية، وطريقة التجارة التي ستفضلها البحرين خلال السنوات المقبلة.

كما يجب أن نحدد عدد مهندسي تقنية المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني الذين نحتاجهم مستقبلاً لدعم التكنولوجيا المالية، والذكاء الاصطناعي.. وهلم جراً من باقي القطاعات والتخصصات.

يجب ألا نترك المجال للمزيد من «التستر التجاري»، في ظل فراغ وعدم معرفة ما هي الحاجة الفعلية لهذه المشاريع، ويجب أن نهيئ من الآن رواد أعمال وكوادر بشرية متخصصة، وشركات ومحلات وفق ما تقتضيه هذه الخطط، ولا مجال للصدف.

وطبعاً، في حال تحديد كل ما سبق وغيره، يجب أن تعمل الوزارات المعنية، و«الغرفة»، بالتعاون مع كافة الجهات ذات العلاقة، بدءاً من «تمكين» مروراً بالبنوك، والجامعات والمعاهد، وصولاً لرائد الأعمال المستقبلي، وحتى طالب الثانوية والتوجيهي.

ما يسهل من هذه المهمة، هو الإبداع الموجود لدى الشباب البحريني، والطاقات الموجودة هنا، وعدد الشعب، فنحن لا نتحدث عن ملايين لا يمكن توعيتهم، وإنما عن 700 ألف بحريني وبحرينية مخلصين لهذا البلد، ويتمتعون بقدر عالٍ من الوعي، ومستعدين للدراسة والعمل والإنتاج.

ولو تم الأمر بهذا التكامل بين كافة القطاعات، وبالتعاون مع الطاقات البحرينية، سنجد آلاف رواد الأعمال الذين لا تتشابه أنشطتهم، والآلاف الأخرى من الفرص الوظيفية المتميزة، وحتى نسبة البطالة المنخفضة أساساً، ستكاد تنعدم.

آخر لمحة

التطبيق سهل، والمعلومات متوافرة، وكل ما نحتاجه فقط، دراسة علمية صحيحة، وخطة عمل متكاملة، وإعلام «صح» ينقل ويوضح هذه الصورة للشارع.